يوماً عن يوم تتصدر أخبار عن زيارة مسئولين أوربيين إلى صنعاء عناوين بعض وسائل الاعلام ، فتتحول عبر حملات إعلامية ، منها ما هو مبرمج ومنها ما هو عفوي ، إلى دعاية عن أن هناك انفتاح دولي على المليشيات الانقلابية ، وعن أن هذه الزيارات إنما تمهد لإعادة فتح سفارات بعض البلدان في صنعاء .
- الترويج لهذه التحركات بمثل هذه التفسيرات هو جزء من المعركة، ويستهدف تطبيع الانقلاب وإكسابه صفة الأمر الواقع ، وتوسيع حالة الاحباط الشعبي الذي يتمحور حول عملية الحرب والسلام ، والمدى الذي تتحرك فيه العملية ، وتأثيره على استعادة الدولة من أيدي المليشيات الانقلابية .
- لا تمثل مثل هذه الزيارات، في تقديري ،أكثر من " نكز" لحالة الجمود التي يتجه إليها الوضع العام مع تفاقم الحالة الانسانية التي تتجه نحو الكارثة . وفي هذه الحالة لا يكون البحث عن أسباب هذه التحركات إلا في مكانه الطبيعي وهو مدى " تماسك استراتيجية المواجهة الوطنية وحلفائها ضد المليشيات الانقلابية " ،
- أقول هذا لأن العالم كله ، دولاً وتجمعات ومنظمات ، لا يزال يدعم الشرعية الدستورية في معركتها من أجل استعادة الدولة بكل الوسائل ، ولكن لا بد ان نعرف أن هذا الدعم ليس شيكاً على بياض ، وكل التجارب المماثلة تقول ذلك ، فالعالم لا يراقب الاخر الذي تعدى على الدولة بقوة السلاح وأغرق البلاد في الدم فحسب ، ولكنه أيضاً يراقب أكثر ذلك الطرف الذي يقف إلى جانبه في معركته ويؤيده ، وغالباً ما يكون نقده له أشد ،لأنه بموقفه المؤيد يتحمل جزءاً من الأخطاء .
- حينما يصل الوضع الانساني إلى حافة الكارثة ، وهذا ما راهن عليه الانقلابيون وحلفاؤهم وعملوا من أجل الوصول إليه طوال اربع سنوات بالمراوغة وتطويل الحرب ، فإن الإهتمامات الدولية تتغير ، لأن ضغوط المجتمعات في هذه البلدان ومنظماتها المدنية والانسانية تكون قوية بما يكفي لتغييب الجانب السياسي ، بل وربما التضحية به تجنباً للكارثة الانسانية.
- الحكومات في الغرب الديمقراطي أكثر ما يزعجها أن يقحم إسمها في أي كارثة انسانية مهما كانت نبالة القضية السياسية التي تقف إلى جانبها ، وخاصة عندما تكون هذه القضية السياسية غير محورية بالنسبة لمصالحها الاستراتيجية .
- في هذا الإطار تفهم هذه التحركات ، ولن يكون للغضب منها أي معنى . لا بد من فهم الرسائل التي يراد تقديمها من ورائها على نحو دقيق .
- هناك ما يجب التفكير فيه على نحو استراتيجي بعيداً عن التفاصيل المملة التي لا قيمة لها في اللحظة الراهنة سوى أنها ستغرق الوضع في المأساة على نحو أعمق . ولا أحد يستطيع أن يرد على كثير من الاسئلة المتعلقة بهذه المسألة غير الحكومة الشرعية والتحالف الذي يدعمها .
- روافد الحل بدوافع الوضع الانساني تتجمع على نحو غير مسبوق ، ولن يستطيع المبعوث الأممي أن يسبح في اتجاه معاكس . وإذا استمر الوضع على الارض على ما هو عليه محكوماً بحسابات مجهولة أو متعثراً بما أفرزه الواقع ودالة في معطياته ، فلا شك أن السياسي سيتوارى خلف الانساني .
- والحل بتأثير الدوافع الانسانية يعني أن الانقلاب نجح في تمرير مشروعه بالشكل الذي يبقي اليمن في حالة حرب مستمرة . أو أقله في حالة لا سلم ولا حرب .
- المرجعيات الثلاث هي أساس الحل ، ولكن ليس بالاعتماد على عصى موسى .
* نقلا من صفحة الكاتب بالفيسبوك