الاتحاد الإماراتية تكتب تقريراً كبيراً تتهم فيه كل من مر في رأس محررها بالإرهاب..
راجح بادي، نصر طه مصطفى، توكل كرمان، أحمد القميري، عبد الوهاب الآنسي، محمد علي محسن، عبد الغني الشميري، مذحج الأحمر .. إلخ إلخ، وتقول إن هؤلاء كلهم، وقيادات "حزب" الإصلاح الأخرى تدعم القاعدة وتدير شبكات إرهاب دولية .. إلى آخره.
الأخطر من كل هذا الحمق، ومن كل هذه الخفة، هو ما يمكن فهمه من خلال تقرير صحيفة الاتحاد، كالتالي:
سردت الصحيفة، بالتوازي، معلومات وقائمة أسماء عن الشخصيات اليمنية التي وضعتها الحكومة الإميركية في خانة الإرهاب خلال العامين الأخيرين. يمكنك، ويمكن لأي قارئ محترف، استنتاج أمر مفزع. ذلك أن الإمارات، فيما يبدو، هي من كانت تزود الولايات المتحدة بمعلومات عن أشخاص بعينهم، ممن لهم علاقة مع قطر أو سبق أن سافروا إليها، وتضغط في اتجاه اعتبارهم داعمين للإرهاب، سعياً منها لتوريط خصمها وجارها "قطر" في صراع مع الولايات المتحدة الأميركية.
وبالطبع هي لا تختار كل الناس، وإنما بمقدار بسيط لا يستفز حليفتها السعودية، ولكنه يكفي لتوريط قطر أولاً، والإصلاح ثانياً.
الإصلاح هُنا، تنظر إليه الإمارات كما تنظر إليه إيران: حزبٌ كبير ومنظم، وجوده الكبير ودفعه المستمر في اتجاه عودة السياسة والدولة معاً سيربك الترتيبات الإماراتية في الجنوب والإيرانية في الشمال. الدولتان لا تريدان رؤية كيان منظم، ذي منزع استقلالي ووطني. ففي عدن، على سبيل المثال، هناك ألوية جيش عديدة لا تسمح لها الإمارات بأي نشاط، ولا حركة، وتخلي الجو كلياً للتنظيمات المسلحة خارج الدولة، مثل الحزام الإمني، وترفض دمجها داخل نظام ثابت.
غير أن الإصلاح سيكون بمقدوره إقامة علاقة جيدة، تتمتع بالاستقرار والاتزان، مع إيران فيما لو دفعته المخاوف في ذلك الاتجاه.
أتذكر أن راجح بادي كان يهاتفني، ويسخر كل السخرية ممن يتوهمون الخطر الإماراتي. وكان يعتقد، ولا يزال ربما، أن الإمارات صديق جيد، وأنها تسعى للحفاظ على مشروع الدولة، وأنها وقفت إلى صف الدولة من قبل أن يصل الحوثيون إلى عمران.
حتى صديقها هذا وضعته الإمارات ضمن شبكة إرهابية لمجرد أنه كان في الدوحة، أو مر فيها.
تعادي الإمارات كل الشعوب، وتختار الحكومات الإرهابية والجماعات الإرهابية. وتلك معركة ستكلفها الكثير، فأول شعب خسرته الإمارات كان هو الشعب السعودي. يمكن ملاحظة أن أنشط الهاشتاغات التي تهاجم الإمارات، أو رجالها، يغذيها موطنون سعوديون.
أعدت قيادة المحور في تعز تقريراً، حصلتُ على صورة منه، تحدث عن تحركات تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، في تعز. كان واضحاً من خلال التقرير الذي رفع إلى الحكومة أن التنظيم على علاقة أكيدة بجماعة أبو العباس، وأن الهجوم الذي أدى إلى سقوط الأمن السياسي ومؤسسات أخرى قامت به مجموعة تتبع تنظيم الدولة، ثم سلمته إلى جماعة أبو العباس.
مؤخراً زودت الإمارات جماعة أبو العباس بخمسين طقم عسكري، دفعة واحدة.
الإمارات تفخخ الحياة اليمنية، المفخخة أصلاً، وتعالج الكارثة بخلق سلسلة من الكوارث.
كنتُ من الناس الذين حاولوا امتداح الدور الإماراتي في اليمن، وغض الطرف عن تدابيرها. فتركيزنا كان ينصب على فكرة استعادة الدولة، وكنت من الذين يدارون الإمارت عملاً بالأثر الجيد "لا تعرُب المجنون ولا تخلي المجنون يعرُبك".. غير أنها تنوي الذهاب بعيداً. فعندما تحدثتُ قبل ثلاثة أشهر إلى رئيس منظمة سام لحقوق الإنسان، وهي منظمة محترمة مقرها في أوروبا، أخبرني أن الإمارات تحقق مع المختطفين في حضرموت بأسئلة على شاكلة "ما علاقتك بالسعودية، ما علاقتك بقطر"، وأن المعلومات التي تجمعها المنظمة تفيد بأن الإمارات تخوض، بالفعل، حرباً ضد عدو متخيل لا علاقة له بالقاعدة ولا الحوثيين، وأن ذلك العدو اسمه "قطر".. نعم، قطر في اليمن!
قال إنه، أكثر من مرة، حاول الاتصال بأسر مختطفين في حضرموت فأنكرت الأسر أن يكون أحد أبنائها قد اختطف!
ثم تشكل جيش في حضرموت، النخبة، يبدو أنه يبلي بلاء حسناً. غير أنك عندما تقرأ بيانات للجيش على شاكلة "قامت قوات النخبة الحضرمية بهجوم واسع في وادي حضرموت استهدف السحرة"، لا بد أن تصاب بفزع. ماذا تصنعون، بحق الشيطان؟
حسناً، أنتم تحاربون حزب الإصلاح في اليمن؟ عليكم أن تعرفوا أنه حزب سياسي، يعمل داخل الدستور ويحترم القوانين ويساند المشروعية السياسية، ولديه خبرة في خوض السياسة تجاوزت الربع قرن. أي أن الخبرة السياسية لحزب الإصلاح تساوي تقريباً عمر دولة الإمارات على كوكب الأرض، قبل أن تتطور من بعير إلى برج.
يمكن تأليف عشرات الكتب عن حزب الإصلاح، لكنه الآن في العام ٢٠١٧ غيره في ١٩٩٠. ولا يمكن نسيان إن حزب الإصلاح يمارس السياسة ويصر على خوضها، ويمتدح الديموقراطية ويطالب بتفعليها ـ بصرف النظر عن التفاصيل. هو حزب يمني، ولن نسمح بمزيد من تفخيخ اليمن بالحجة السخيفة ذاتها.
في البدء ساعدت دول الخليج على سقوط الجمهورية اليمنية بحجة أن الحوثيين يستهدفون حزب الإصلاح. حالياً تغذي بعض تلك الدول نزعات فاشوية وتشطيرية تحت لافتة مهاجمة حزب الإصلاح. وحالياً يفككون ما بقي لليمن من تماسك هش تحت اللافتة نفسها.
ماذا يريد الخلايجة من الحوثيين؟
أن يتحولوا إلى حزب سياسي؟ جيد.
ماذا تريدون من الحزب السياسي، الإصلاح؟
أن يتحول إلى حوثيين؟.
كيف تشتغل خلاياكم، بحق الشيطان؟
الأمر لا يتعلق بحزب الإصلاح. فقد قام الطيران الإماراتي بقصف الحرس الرئاسي في عدن، ثم دفع الرئيس للهرب من عدن فقط لأنه أراد تغيير قائد ميليشيا اسمه "أبو قحطان"!
ثمة محاولة لتفخيخ اليمن بكل عناصر اللااستقرار، ولجعل من الأمل في عودة الحياة السياسية الطبيعية مستحيلاً. لا توجد حياة سياسية في الإمارات، والدولة هناك متوحشة بكل القياسات، اعني ضد السياسة والحريات تحديداً، كما هو الحال في قطر بالطبع.
لا يتعلق الأمر بقطر، ولا بالإصلاح. يتعلق بنا نحن كشعب يمني مشرد ومتعب ومنهك، وكلما استنجد بصديق تعمقت مأساته!
هناك أمر آخر..
إذا لم تكونوا قادرين على إقامة علاقة محترمة مع الشعوب، فهناك دول كثيرة أمتن عقلاً وأقل خفة قادرة على بناء جسور.
إيران، مثلاً.
وصدقوني سيبقى الباب اليمني مفتوحاً للإيرانيين ما بقيت أبوابكم مغلقة.
وهو خازوق، راشق راشق.
إذا أرادت الإمارات والسعودية أن تخوضا حرباً مع قطر، فبحق الشيطان اذهبوا بعيداً وخوضوها خارج أرضنا. إذا لم تكونوا قادرين على مساعدتنا بصورة تنقلنا إلى وضع أفضل فلا تعكوا الدنيا علينا. يوماً ما سيتمكن اليمنيون من تدبير أمرهم، وإنجاز سلام جديد، وقد ترعاه دول عابرة للحدود وذات تاريخ .. كإيران.
لديكم دبابات ومقاتلات، وها هي قطركم بالقرب منكم. اقصفوها، وتخلصوا منها، أو اغرقوها في المحيط. لا تبحثوا عنها في وادي حضرموت، ولا في نقيل سمارة.
ماذا ستفعل قطر في نقيل سُمارة؟
أو ..
اخرجوا البعير من البرج، بحق الشيطان.
#اخرجوا_البعير_من_البرج
نقلا عن صفحة الكاتب