لم تكن العلاقة بين الهاشمية الامامية والاشتراكية في اليمن وليدة اللحظة، مثلما كان للإمامة دورا بارزا وعلاقة وطيدة لا يستهان بها مع الاشتراكية في اليمن، ولا يخفى على اليمنيين اجمع استقبال الامام لمؤسس الاشتراكية المعروف الصحفي والمثقف الاشتراكي عبدالله باذيب، وتمكينه من العيش في تعز، ابان الاحتلال البريطاني حيث كان باذيب مطلوبا ومطاردا لدى الاحتلال في الجنوب، ما دفعه الى الهروب الى تعز، حيث استقبله الامام حينها بإيعاز من المخابرات الروسية، التي كانت تنسق في ذلك نكاية بالبريطانيين، ومن ثم وجود باذيب في تعز سيكون قريباً من السفارة الروسية، اذ بدا يمارس نشاطه السياسي والحزبي والصحفي من تعز برعاية امامية واشراف روسي، وقد تحدث السفير الروسي في اليمن حينها عن علاقة الامام الوطيدة بعبدالله باذيب برعاية واشراف روسي.
وروى السفير الروسي حينها عن دخول باذيب الى السفارة الروسية مباشرة، ومقابلة السفير متى ما يشاء، وطالما كان توجه الامام لاحتضان الاشتراكية على هذا النحو بضغط ومباركة روسية، فقد اعتبر الائمة ذلك فتوى ملزمة لان يكون الامامي اشتراكيا.
وفي العام 1970 تمت المصالحة الوطنية بين الجمهوريين والملكيين في اليمن، وقد قبل الملكيون بالمصالحة على مضض بعد أن ايقنوا بالهزيمة واستحالة إعادة الإمامة.
ولما كانت المصالحة قد تمت برعاية المملكة العربية السعودية وشعر الملكيون أن الأخيرة قد خذلتهم وجه شاعرهم الكبير احمد الشامي قصيدة خطيرة إلى الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز يقول فيها:
قل ل(فيصل) والقصور العوالي
إننا نخبة أُباة أشاوس
سنعيد (الإمامة)للحكم يوماً
بثياب النبي أو بثوب (ماركس)
فإذا ما خابت الحجاز ونجدٌ
فلنا أخوة كرام ب (فارس)
في القصيدة ما يبين الفتوى الملزمة للإمامي ان يكون اشتراكيا، طالما هو اماميا، وان الاشتراكية في نظرهم جزء لا يتجزأ من اسباب وجود الحكم السلالي كما يعتقد الهاشميون ذلك، وكأنه بروتكول يمشون عليه شبيه ببروتكولات حكماء صهيون.
ويقال ان عبدالفتاح اسماعيل احد اقطاب الماركسية الاشتراكية في الجنوب ينحدر نسبه الى اصول هاشمية شماليه وانه ضمن المقصودين ضمنا في ابيات الشاعر الشامي السابقة.
وبالعودة الى مذكر (العلامة) الامامي ابراهيم الوزير في العام 1991م قال: "سنحكم اليمن. بالاشتراكية أو بالإسلام"، عندما تحالفوا مع الحزب الاشتراكي حينها، وللعلم فقد كان موقف السيدي حسين بدر الدين الحوثي معارض لحرب صيف 9م، ومتضامن بقوة مع السيد الهاشمي علي البيض، وكذا السيد الهاشمي العطاس، على الرغم من ان حسين الحوثي كان حينها عضو في البرلمان عن المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه صالح الرئيس السابق.
وبالمثل كان موقف الحزب الاشتراكي مناهض بقوة لحروب الدولة ضد التمرد الحوثي، وأرسلوا وفودا تضامنية حراكية حينها الى صعدة لمقابلة السيد حسين الحوثي.
وبرزت مؤخرا للعيان العلاقات الوطيدة الايرانية والدعم ذي حدين للحراك الجنوبي الفصيل الهاشمي الممثل بعلي البيض وعلي ناصر محمد الحسني وحيدر العطاس من جهة، وللحوثيين من جهة أخرى، ما يعكس طبيعة العلاقة والاهداف والمشروع الممنهج الذي يخطط له في (الضاحية) وينفذ في اليمن.
وسمع الجميع وقرا على لسان علي ناصر الحسني الهاشمي الرئيس الجنوبي الاسبق ان تواجد الحوثي في الجنوب لم يكن سوى حملة امنية لمحاربة الارهابيين والدواعش، فيما يسعى ائمة الحوثة في الشمال اذكاء الكراهية والعنصرية بين اليمنين، وبعث وترسيخ اسباب الانفصال خدمة للأجندة الايرانية الداعمة لائمة الهاشمية في الشمال والجنوب الوجهان لعملة واحدة.
في اللجنة الحوثية العليا ثمة منظر ماركسي حوثي يدعى محمد المقالح، يقول ان الماركسية الاشتراكية والحوثية الامامية كليهما صوت الشعب، وتراب الفلاحين، وعرق العمال ولسان الفقراء، وان الحوثية جزء لا يتجزأ من تباشير الماركسية، وامتداد طبيعي لها، ظنا منه ان الشعب اليمني يعيش بعقول القرون القسطاوية ليصدق مثل هذه الخزعبلات الجوفاء.
وبالمناسبة هناك سواد كبير من الاشتراكيين في صف اليمن واليمنيين ضد الكهنوت، غير ان تحالف وانبطاح القيادات الاشتراكية الهاشمية للأجندة الايرانية اسهم في تعطيل الحزب الاشتراكي، وضربه في الصميم، وهذا الامر لم يتفق مع رغبة الكثير من اعضاء وقواعد الحزب الشرفاء.