دروس كثيرة خرجنا بها من عاصفة الحزم بعد سنتين من حرب قوات التحالف العربي بقيادة المملكة لإعادة الشرعية إلى اليمن، أول هذه الدروس قدرة المملكة في الدفاع عن أراضيها ومقدسات المسلمين من أي محاولة تهديد، واستقلاليتها في اتخاذ القرار، ومكانتها في قيادة تحالفات إقليمية لحفظ التوازن السياسي والعسكري في المنطقة، والثاني الحفاظ على عروبة اليمن، ووحدته، وشرعيته، والإبقاء عليه جاراً عزيزاً ينعم بالأمن والاستقرار والتنمية، وثالث الدروس التصدي للمشروع الإيراني الإرهابي الطائفي في المنطقة، وتدخله السافر في شؤونها، وعدم تمكين ميليشياته المأجورة لتهديد الأمن الخليجي تحديداً.
الواقع على الأرض أن الأهداف الثلاثة تحققت بنسبة كبيرة جداً، وبشائر معركة الحسم تلوح في الأفق، حيث لم يعد للحوثي وحليفه المخلوع سوى الاستسلام أمام قوات التحالف والجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، والأخبار التي تتوالى من جبهات القتال هناك تكشف عن فرار جماعي للميليشيات، ونقص حاد في المقاتلين وعتادهم، وتدمير مخازن الأسلحة، ورفض شيوخ القبائل الزج بأبنائهم في معركة خاسرة، بل طلب بعض القيادات الحوثية تسليم أنفسهم كما حصل مؤخراً في جبهة كرش شمال لحج، فضلاً عن طلب عبدالملك الحوثي صفقة لتبادل الأسرى مع الحكومة الشرعية، كذلك اعترافات الأسرى في معركة ميدي عن تلقيهم دعماً بالسلاح والتدريب من إيران وهو إقرار بالهزيمة.
هذه المؤشرات وأكثر تجيب على سؤال مهم عن صنعاء العاصمة، ولماذا لم يحن موعد التحرير بعد؟، والجواب أولاً: إن قوات التحالف منحت الحل السياسي ولا تزال فرصة للتعبير عن الإرادة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث، وثانياً: إن دخول صنعاء عنوة سوف يتسبب في كارثة إنسانية، وتدمير بنية الدولة، ومراكزها الحيوية، وربما يتطور الأمر إلى حرب أهلية في شوارع العاصمة، وثالثاً: إن التقدم في جبهات القتال على أكثر من محور صوب صنعاء يزيد الضغط على المليشيات ويزيد من حصارها، وخسائرها؛ مما يفضي إلى الاستسلام ورفع الرايات البيضاء لعودة الشرعية، وهو ما سعت إليه قوات التحالف التي فضلت التعامل مع معركة صنعاء بكثير من الصبر والحكمة؛ فالتأخر لبعض الوقت أفضل من حصد الأرواح وتدمير الممتلكات، وهو تكتيك عسكري يحتاج إلى نفس طويل من الكرّ والفرّ وصولاً إلى الهدف.
اليمن بعد سنتين من العاصفة سيعود محرراً موحداً قوياً بشعبه، وحكومته الشرعية، وتنتهي فصول المغامرة الحوثية البائسة، ويكتب التاريخ أن المملكة وحلفاءها انتصروا في معركة الكرامة، وتركت اليمنيين يقررون مصيرهم ومشروعهم السياسي بعيداً عن أي تدخل إيراني، وهذا هو الأهم.
كاتب سعودي – نقلا عن صحيفة الرياض