صار لزاما بعد الانقلاب الذي قاده صالح والحوثي في 21 سبتمبر 2014 على الحكومة اليمنية إعادة تأهيل سياستها الخارجية في أقرب وقت ممكن، قلنا ذلك وما زلنا نقوله وإن لم يسمعه أحد سنكرره حتى تسمعونه جميعا وستفعلون، لا يمكنكم دس رؤوسكم في التراب كالنعام، الخارجية هي وجه الدولة وواجهتها، والباقي مجرد تفاصيل.
سابقا لم أكن أثق في بحاح -رئيس حكومة الانقلاب-لكن الأمر تغير بتسلم دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر لمقاليد الحكومة، فهذا الرجل لا يعاني من عقدة الشعور بالنقص، ولديه تطلعات فيدرالية يمنية غير مخفية، وأستطيع أنا شخصيا أن اثق فيه، -لست ملزما لاحد باتباعي في ذلك-، فلدي نظرة لم تخذلني على الدوام، لقد حان الوقت يا حكومتنا الموقرة للقيام بما يلزم في هذا الشأن.
عندما قيل لمؤسس السياسية الخارجية اليمنية البرفسور عبد الكريم الارياني رحمه الله أن الدولة اليمنية غير موجودة قال "إنها موجودة ومعترف بها في الأمم المتحدة وعلم اليمن هناك يرفرف عاليا، مشيرا إلى البعثات دبلوماسية اليمنية المعترف بها في دول العالم" كان الرجل يعي ماذا تعني السياسة الخارجية والاعتراف الدولي، ووجود بعثات تنفذ توجيهات الدولة وتنقل وجهة نظرها إلى العالم، اليوم الكل يشكو من وجود منظمات دولية ورأي عام دولي وإعلام دولي يزور حقائق ما يجري في اليمن، والكل يجيب أن الحوثيين وصالح يسيطرون على منظمات المجتمع المدني في اليمني وهي من تزود العالم بالأكاذيب، إذا فإين دور البعثات الدبلوماسية اليمنية للتعريف بالقضية اليمنية؟
بعد صعود الرئيس الأمريكي ترمب للسلطة جاءت رسالة من البيت الأبيض لموظفي الخارجية من مفادها " من لا يعجبه سياسة الرئيس عليه أن يقدم استقالته"، لسنا أفقه من الأمريكان في السياسة الخارجية، فمن غير المعقول أن تكون السياسة الجديدة في بلد ما في وادي والخارجية في وادي أخر، المسألة هنا لا علاقة لها بالوظيفة العامة ولقمة العيش، بل برسالة الدولة وحسن تمثيلها، فمادام انت لا تعجبك سياسة الرئيس هادي الذي أتت به ثورة 11 فبراير، لماذا إذا تريد العمل في أهم أداة سياسية يخاطب بها العالم هذا الرئيس؟
"في خطوة قيل إنها غير مسبوقة في وقتها، " حيث طلب فريق ترمب من أكثر من 50 سفيرا أمريكيا حول العالم بتقديم الاستقالة قبل 20 يناير من العام الجاري".
إنهم يعلمون ماذا يريدون، مع أن الأمر لديهم كان وصول رئيس إلى السلطة عن طريق انتخابات عامة، أما عندنا فكان وصول الريس بعد ثورة عارمة أجبرت المخلوع على تسليم السلطة، كان هناك عذرا قبل الانقلاب يتمثل في ضرورة التوافق -وهو عذر واهي ولا قيمة له-، هذا رئيس جديد ولديه سياسة جديدة يجب أن ينفذها، ومع ذلك مرت فترة ما قبل الانقلاب بكل غصصها ومللها، وأتى الانقلاب المشئوم، وخرج الرئيس ليقود الحرب بنفسه ضد الانقلاب ومعه كل الشرفاء من أبنا اليمن وجلهم " اليمنيون الجدد" ثوار 11 فبراير.
بالأمس أعلنت الحكومة اليمنية 11 فبراير عيداً وطنياً للبلاد، ووزارة الخدمة أعلنت السبت إجازة رسمية، فخامة الرئيس ألقى خطابا ملهما للجماهير قال فيه "أن ثورة 11 فبراير أتت بالحوار وأن انقلاب 21 سبتمبر أتى بالحرب"، فهل احتفلت السفارات اليمنية ومؤسسات الدولة كلها بهذه المناسبة، وعلى قدر الاستطاعة؟ قال لي سفير يمني أنه لم يتلق من الداخل أية إشارة للاحتفال بهذه المناسبة، كنت مشغولا مع الزملاء بالإعداد لحفل خطابي فني بهذه المناسبة ولم اهتم بارد على هذه النقطة، الم يسمع السفراء خطاب الرئيس؟ هل يريدون من الحكومة إرسال الرسائل الخاصة لكل سفارة احتفلوا أو لا تحتفلوا، هناك خطوط عامة منها يستمد الجميع أعمالهم وخطاباتهم.
كم عدد السفارات التي أخذت المناسبة على محمل الجد واقامت حتى حفلة شاي، ودعت فيها ممثلي البعثات الديبلوماسية الأخرى للحضور وألقى فيهم السفير اليمني خطابا يصف فيه القضية اليمنية، وحال اليمن وحاجة اليمن للدعم الدولي، لا تحدثوني عن البروتوكولات والميزانيات وموارد دخل السفارات والمرتبات، اليمن في حالة حرب وأنتم نائمون ومجرد موظفين لا علاقة لكم الا بصرف الأرباع، متى ستقولون للعالم أن دول التحالف تساعد اليمن ولا تحارب اليمن، وأن التحالف العربي جاء بطلب من الحكومة الشرعية التي تمثلونها في الخارج؟ لا انتظر الإجابات من موظفين، بل أنتظرها من فخامة الرئيس ومن دولة رئيس الوزراء ومن معالي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية.
استغربت كثيرا من تعيين أعضاء البعثات الديبلوماسية الأخيرة، وكيف سمح معالي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأستاذ عبد الملك المخلافي بتمرير هذه المهزلة، من ارسلتموهم للخارج يا معالي الوزير تم تعيينهم في الخارجية بناء على شروط الأمن القومي في سلطة المخلوع، ولم تكن الكفاءة والشهادة والمفاضلة هي المقياس، وإن ترديد مقولة "نحن دولة ولسنا جماعة" عبارة مجردة من الواقعية والبرجماتية السياسة، نحن في حالة حرب والانقلاب يسدد أهدافا في مرمى الخارجية.
أيضا أنا على المستوى الشخصي اثق في وزير الخارجية فهو تاريخ من النضال يمشي على الأرض، هذا الرجل اليمني القصير في العام الماضي 2016 أطاح بسياسة الرجل الأمريكي الطويل وزير خارجية أمريكا السابق بالضربة القاضية، ورفض كل الضغوط التي مورست ضد اليمن وضد الشرعية والحكومة، فكيف غفل عن تفخيخ السفارات بالمزيد من المخبرين، أو لنقل بالمزيد من الموظفين في السلك الدبلوماسي العاملين لصالح الانقلاب.
القضية ليست في سفارة اليمن في ماليزيا ولكنها قضية عامة وما حفل 11 فبراير الا مقياس بسيط على من هو مع هادي ومع الحكومة والدولة والشعب ومن هو مع الانقلاب.
وبناء على ما سبق نوجه النداء التالي:
-فخامة رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي
-دولة رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر
-معالي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي
حياكم الله وبعد:
ليس من المقبول ولا من المعقول أن تكون سفارة بلادنا في ماليزيا بدون طاقم، لدينا فقط سعادة السفير الدكتور عادل باحميد، وعثمان الأحمر الملحق التجاري، وإبراهيم ناجي أبو حاتم مسئول العلاقات في السفارة – وهو موظف غير مثبت-ويتحملون وحدهم كل أعباء خدمة ما يقرب من 30 ألف يمني يقيمون في ماليزيا ، الرجاء توفية الطاقم بعدد مناسب من الموظفين التابعين للحكومة اليمنية المحترمين لسياسة الرئيس هادي وحكومة بن دغر وسياسة الخارجية اليمنية الجديدة.
*ملاحظة الثلاثة المذكورين أعلاه وحدهم فقط من حضروا احتفال 11 فبراير الذي أقمناه هنا في ماليزيا ابتهاجا بذكرى الثورة الشعبية السلمية، ولذا لزم التنويه.
*فيصل علي: كاتب وصحافي يمني مقيم في ماليزيا.
*المقال خاص بالموقع بوست.