استفاق المبعوث الأممي إلى اليمن من نومه العميق ليبدأ مشوارا جديدا بحثا عن طوق نجاه للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بعد أن سيطرت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية على مناطق واسعة ومواقع مهمة في الساحل الغربي الاستراتيجي لمحافظة تعز وجبال نهم في محافظة صنعاء والأخطر من كل ذلك زحف قوات الشرعية باتجاه مركز محافظة صعدة التي يراد لها أن تظل بيضة القبان وخارج نطاق سيادة الدولة اليمنية، وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة الأمم المتحدة التي لم تنجح في شيئ سوى في خلق بؤر توتر وإطالة أمد الأزمات التي تضرب جذور الدولة الوطنية.
يراد لمحافظة صعدة أن تكون بمنزلة ضاحية بيروت الجنوبية تأثيرا في السياسة وفي الاقتصاد وفي التوازنات الإقليمية، ويراد لها أن تكون عصا غليظة تهدد أي مشروع لتفعيل العمل العربي المشترك وخاصة في دول الجزيرة والخليج العربي، لأن صعدة تعتبر محور الحروب ومعقل الطائفية والسلالية ومركز القوة العسكرية والتنظيمية لجماعة الحوثي منذ سنوات وترتبط بالمملكة العربية السعودية عبر منفذ بري دولي مهم هو منفذ علب، ولذلك عمل الحوثيون بقوة السلاح على طرد السلفيين من منطقة دماج علام 2014 لتظل المحافظة بلون طائفي واحد وبسبب الضغوط الدولية التي تتبني الترويج لكانتونات مذهبية أصبحت صعدة خارج خطط وحسابات قوات الشرعية منذ انطلاق عاصفة الحزم عدا بعض المواقع المهمة التي استهدفها طيران التحالف العربي.
أصبحت صعدة في خيال أتباع الحوثي تساوي في رمزيتها المذهبية النجف وقم وفي ثقلها السياسي تساوي ضاحية بيروت الجنوبية ولذلك دُفن في مران زعيم الجماعة السابق حسين بدر الدين الحوثي، ويحميها الآن 11 لواء عسكريا استولى الحوثيون عليها وعلى عتادها بالكامل.
تبذل الأمم المتحدة ومبعوثها إسماعيل ولد الشيخ أحمد جهودا حثيثة لكبح جماح قوات الجيش الوطني المقاومة الشعبية لكي لا يحسم الصراع عسكريا حيث إن الحسم خارج إطار الغرف الدبلوماسية المغلقة يخرب استراتيجية الأمم المتحدة والأطراف الداعمة لها في ترسيخ حلول لا تلبث أن تتحول إلى أسباب لصراعات وحروب جديدة تهدد الدولة والإقليم بسبب تغييب إرادة اليمنيين الذين توافقوا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل على إقامة دولة اتحادية ضامنة تلبي كل طموحات وآمال الشعب وقواه السياسية ونخبه المدنية والثقافية.
*الشرق القطرية