كأننا كنا على موعد لإخراج أقذر مافينا، ولنحلم بيوم كنا نقول فيه أن ٢٠١١ أخرج أجمل ما فينا.
عام انتقام الأقذر من الأجمل، هذه هي الحقيقة التي تحاول الاختباء تحت أسمال الشعارات الوطنية والدينية والعصبوية.
كان علينا أن نستعد، لأننا ادركنا أنه يجب علينا أن نعيش، ولأن أولئك لا يعرفون قيم الحياة، فقد أمعنوا في الانتقام بالموت بشتى صنوفه.
كان على الجميع أن يشتري الحياة، لا يهم الثمن، لا يهم الحاضر، فقط لبقية باقية لغد ينتظره من تبقى من صغار اليوم.
سيكبرون، وسيتذكرون أن عاما ارتحلوا فيه بين المخابئ والملاجئ والمنافي، وسيدركون أنه كان على آبائنا إخراج تلك القذارة من مخابئها، وسيدركون كم احتملنا من عفنها المتوارث حتى لم يعد بالإمكان احتمال تسرب نتنها.
عام الحقيقة.
تلك الحقيقة المرة، الحقيقة الاختبار، الحقيقة الكاشفة لأصناف البشر.
عام الكشف بامتياز، على طبق من ذهب قدم العام القاسي لنا معادن الناس بلا عناء، منهم من كان حقيقيا، ومنهم من ينتظر، ومنهم من لم يكن لهم من البشيرية والانتماء للإنسانية سوى هيئة ليس لها القدرة على احتمال الجمال.. أولئك سيكون الزمن وحده كفيل بتربيتهم بدون تدخل بشري، لأن الزمن يبقى في النهاية خير مؤدب.
لأجل هذا العام، ربما علينا أن ندرك أن الجهل لم يكن عدوا وحيدا كما كنا نظن، لدينا الآن مساحة كبيرة لاكتشاف التفاصيل.. لدينا إشكالية متعلقة بالتراث، إشكالية متعلقة بالحرية، وهذه الإشكالية علاجها بأن نؤمن أننا أمام خيار "إما الدولة، أو الموت"، الدولة ليست حكومة اليوم أو الأمس.. الدولة بمفهومها المرتبط بالعدالة والقوة.
لأجل هذا العام، ربما علينا التعلم كثيرا، وعلينا نسيان النصوص، نصوص التراث لا تصلح لإيجاد دولة، نصوص بناء الدول تبنى بالقوة والعقل.
لأجل هذا العام، ربما علينا التمرن على نعمة التناسي، ونعمة النسيان الأقل وطأة، لا أدعو لنسيان الدم بقدر ما أدعوا للتناسي، لأن الدم لا يموت، هو شريان لحياة يستحقها القادمون، أما نحن فقد سبقت إلينا الكراهية ووضعت أشواقها حول رقابنا، وسيكون علينا جني مزيد من الوقت لنفك عذاباتها من أعناقنا.
عام أقل قسوة أتمناه لكم