كنا جميعا نتمنى أن المعركة حسمت في شهرها الأول حتى نعيش في وطن آمن وتقل فاتورة الحرب.. ويقف نزيف الدم..
أما وقد تأخر الحسم كل هذه الوقت فلا بد من إطلالة سريعة على الجانب المشرق في ذلك.
أسهم تأخر الحسم في اليمن في بناء جيش وطني يتزايد يوما وراء يوم، ما يضمن أن لا نعيش تجربة المليشيا مجددا؛ بينما لو حسم من الشهر الأول لوجدنا أنفسنا أمام جيوش من دول أخرى هي من تدير المشهد في كامل اليمن حيث والحرس الجمهوري فضل أن يكون حارسا لعائلة بدل الجمهورية وكنا ربما سنعاني مشاكل كثيرة تعاني منها حضرموت اليوم في بعض أجزاء منها.. كما تصاعدت كراهية الملشييا في كل المجتمع اليمني وعرف المواطن أكاذيب مليشيا الحوثي التي كانت تسوق نفسها كحركة قرآنية ثورية.
هذا غير الوعي السبتمبري والجمهوري لدى الكثير من أبناء اليمن فقد أصبح للسلام الجمهوري وقعا آخر نسيه اليمنيون منذ أمد بعيد، وتذكر الناس سبتمبر وأكتوبر وماضي الإمامة البغيض ما يمنح الشعب حصانة فكرية عميقة ضد مليشيا الكهنوت والتخلف؛ حيث أصبح الشعب يدرك قيمة التيارات الوطنية التي كان يسخر منها يوما والتي صورت له أو شاء هو أن يراها غير مناسبة لقيادة البلد، وأنها ستحاربه وتفرض عليها رؤاها، بينما كان واهما؛ فقد جاءت مليشيا الانقلاب التي فرضت عليه حتى اسم ابنه وما ينبغي أن يشاهد من القنوات الفضائية.
لا ننسى أيضا أن طول أمد الحرب كشقت الأوراق وأظهرت الكثير علي حقيقتهم حتى ممن كانوا يوما على رأس الشرعية وحين فقدوا مواقعهم فقدوا معها أيضا البوصلة فأصبحوا كالطائرة الورقية في مهب الريح.
أصبحنا اليوم نعرف وجوها كانت _ولا زال الكثير منها_ يتسلق على أوجاع هذا الشعب ليحصل على منصب وكيل وزارة أو ملحق في سفارة متناسيا هموم البلد التي لم يتذكرها يوما سوى أمام مكروفونات الفضائيات في قوالب لفظية حفظوها لوقت الحاجة.
كشف لنا طول الحرب أيضا هشاشة الكثيرين من كوادر الشرعية الذين تعلقوا بها في مرحلة ما ولم يكونوا أبدا على قدر المسؤولية حتى على مستوى ضبط النفس أمام سيدة تبلغ من العمر عتيا.
ومع طول الحرب أيضا تلاقت التيارات الوطنية اكثر وأصبحت تؤمن بوجود ضرورة ملحة للتقارب والاتفاق على الأقل في القضايا العامة.
لم يكن الداخل اليمني وحده من تعلم الكثير من الدروس من هذه الحرب التي لا زالت قائمة، فمستوى الوعي الخليجي عموما والسعودي خصوصا على مستوى الشعوب والحكومات تصاعد كثيرا تجاه الخطر الإيراني المحدق، وكارثة المليشيا المسلحة ذات الأجندة الخارجية.
أما بالنظر إلى ما أنجزه الجيش الوطني بمساندة التحالف العربي فليس قليلا مقارنة بما أنجزه التحالف الدولي في حرب داعش.. أو سابقا في مواجهة حركات متطرفة.
وأخيراً.. كلنا نتمنى الحسم وفي أقرب وقت ممكن وإنما أحببت فقط أن أزيل عامل اليأس الذي تسلل إلى قلوب كثيرين بسبب طول أمد الحرب.