تجاوزت تركيا المرحلة الأولى من محنة الانقلاب العسكري لكنها تعيش بعدها محاولات أشد فتكا من المرحلة الأولى بدءا من الحرب الاقتصادية المفضوحة فبعد أن رفضت تركيا الاستجابة لشروط أوروبا وأمريكا المتمثلة في:
إلغاء حالة الطوارئ
التعهد بعدم إعدام قادة الانقلاب العسكري الفاشل.
الرجوع عن التعديلات الدستورية المقترحة.
الإفراج عن السياسيين والمسئولين المعتقلين الذين أيدوا الانقلاب.
بدأ تطبيق المراحل الأخرى من الانقلاب التي بدأت من الحرب الاقتصادية حيث سحبت أمريكا ما مقدراه 25 مليار دولار من السوق التركية، بينما أجل الاتحاد الأوروبي النظر في انضمام تركيا للاتحاد.
استطاعت تركيا أن تتجاوز هذا أيضا فقد ظهر أردوغان داعيا الشركات القابضة لدعم الليرة التركية عن طريق تحويل المدخرات إلى الليرة بدل الدولار ولاقت الدعوة استجابة واسعة حتى من عموم الشعب، كما علق على موقف الاتحاد الأوروبي بتصريحات أظهر من خلالها عدم الرغبة حاليا في الانضمام وإن كان يسعى لذلك منذ سنوات.
لكن هذا لم يكن كل شيء فلدى أجهزة الاستخبارات العالمية عنصراً أشد فتكا صنع خصيصا للمتمردين أمثال تركيا حيث يجب تأديب تركيا من طرف لا يمكن مساءلته.. تنظيم الدولة (داعش) حيث ظهر الأخير متوعدا تركيا والسعودية (من أكبر دول العمق السني في المنطقة).
وبالفعل فقد استطاعت تلك الأجهزة أن توجع تركيا عن طريق هجمات داعش فللقارئ أن يتخيل أنه وخلال العام 2016 فقدت تركيا 257 مواطنا سقطوا إثر هجمات وتفجيرات لتنظيم الدولة، بينما كان عدد ضحايا الانقلاب العسكري الفاشل 265 أي بفارق عشرة ضحايا بين الانقلاب الفاشل وهجمات وتفجيرات داعش.
ولا زال الانقلاب بوجهه الجديد يحاول مستميتا النجاح فقد استفتحت تركيا عام 2017 ب 57 قتيلا سقطوا أيضا في هجمات لتنظيم الدولة.
أجهزة الاستخبارات الغربية مصرة على إنقاذ أذرعها في تركيا من عسكريين ومدنين لا عجب فلم يعد خافيا احتواء واشنطن لفتح الله غولن زعيم الكيان الموازي الذي تتهمه تركيا بمحاولة الانقلاب عبر أذرعه في الجيش والشرطة كما فعل سابقا في 2013 عبر أذرعه في القضاء فيما عرف وقتها بملفات الفساد، أيضا صرح الجنرال الأمريكي جوزيف فوتيل قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط إنه قلق من عملية تطهير الجيش التركي بعد محاولة الانقلاب بينما صرح آخر أنه فقد الاتصال مع ضباط تركيين عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.
الخلاصة:
صحيح أن الإرهاب ورقة الغرب القوية التي لا يستطيع القضاء تحميل أفعالها لأحد، لكن تركيا ستخرج من هذه المحنة أقوى بإذن الله فالقيادة التركية أيضا مصرة على البقاء وحماية الشعب بقدر إصرار الغرب وأذنابه على إسقاطها، سيكون ثمن رفض تركيا الركوع غال لكنه ليس أغلى من الحرية وبناء الدولة بعيداً عن الأجندة الغربية والأطماع الأوروبية والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.