"ليس لدي ما أخاف عليه".. عبارة يرددها كثيرون، خصوصًا في اليمن، عندما يسمعون تحذيرًا عن اختراق الهواتف المحمولة، نتيجة الغفلة وقلة الإدراك بالأمن الرقمي، وهو يعرض خصوصياته للإنتهاك والوقوع في مأزق الابتزاز الالكتروني.
لكن هناك قصصاً كثيرة ومؤلمة تحكي عن ضحايا الإبتزاز الإلكتروني، معظم الضحايا من الفتيات اللاتي تعرضن للابتزاز والضغط النفسي، نتيجة اختراق الهواتف وسرقةال معلومات والبيانات الشخصية بما فيها الصور الخاصة.
فبعيداً عن الاستخدام الإيجابي المتصل بالتعليم والبحث والتدريب المهني والأكاديمي والتسويق وإدارة الأعمال والترفيه، ثمة مخاطر رقمية كبيرة ألحقت الضرر بالمستخدمين من عدة نواحي، ومن أبرزها الابتزاز الالكتروني، والوقوع في هفوات سوء الاستخدام التي تؤدي بصاحبها إلى الهاوية.
ومع الانتشار الواسع للهواتف الذكية، والتدفق المستمر على برامج التواصل الاجتماعي، وارتياد الشبكة العنكبوتية بات الاستخدام السيء لها سبباً رئيسياً للكثير من المشاكل الرقمية التي تواجه المواطنين نتيجة لانتشار روابط القرصنة الإلكترونية، والموافقة على تطبيقات أو ضغط روابط تتيح لتلك البرامج والأشخاص نشر خصوصيات المستخدم.
خصوصيات متاحة
يؤكد الخبير الرقمي لؤي القرهمي الذي يعمل كمدرب في مجال الأمن الرقمي لـ"الموقع بوست" بأن أبرز المخاطر التي تؤديها الاستخدامات العشوائية للهواتف الذكية تكمن في سرقة بيانات ومعلومات الحسابات التي يستخدمها المواطن، وسرقة الصور والتجسس على أولئك الأشخاص في حال كانوا في مواقع مهمة.
ويشدد القرهمي على أبرز الطرق التي بإمكانها تسريب حيث يقول: " إعطاء الإذن لكل التنزيلات، والضغط العشوائي على الروابط التي تأتي إلى الهاتف عبر المجموعات والأرقام المجهولة، وتثبيت التطبيقات المعدلة أو المهكرة بداعي تميزه بخصائص تميزه عن التطبيقات الأصلية كحال العديد من النسخ المعدلة عن تطبيق "واتس أب".
ويشير القرهمي إلى أولوية وضرورة اهتمام المواطنين بتحديث نظام التشغيل والتطبيقات الأصلية أولاً بأول وعدم التهاون والاستهتار، من خلال عمل كلمة مرور ضعيفة أو عمل كلمة سر موحدة لكافة الحسابات، بل يجب أن تكون كلمة السر معقدة، مزيج من الحروف والأسماء والرموز، مع الحرص على أن تكون مختلفة في كل حساب عن الآخر.
احتيال وابتزاز
مع التحديثات المستمرة والتوسع في العالم الرقمي، بطرق جريئة توسعت وتحدثت طرق الاحتيال، والابتزاز الالكتروني. قد لا يعلم الضحية أنه واقع في الفخ؛ إلا بعد أن تنهال ضربات الجلاد لينال مراده خاصةً مع سكوت الضحية وتخوفه من التهديدات التي غالباً ما تظفر بالفتيات عن الشباب.
ذلك ما حدث مع "ريم صادق"، التي روت قصتها لـ"الموقع بوست"، بعدما وصلتها رسائل وروابط عديدة كان مضمونها الحصول على رصيد وباقة مجانية. وبعد ضغطها على أحد الروابط انتظرت "ريم" أكثر من نصف ساعة حتى يصل الرابط إلى الموقع المطلوب للحصول على الرصيد. وبعد طول انتظار علق الهاتف ولم تستطع الخروج أو الضغط على أي زر آخر.
وتواصل ريم سرد قصتها قائلةً:" أغلقت الهاتف نهائياً، وبعد إعادة التشغيل لم استطيع الدخول إلى الواتساب فأزلت البرنامج وبعد أربع ساعات وصلتني رسالة نصية على أساس أنها من شركة واتساب وكان مضمونها أنهم وجدوا حركة غير اعتيادية على حسابي وأن عليّ تثبيت الواتس وإرسال الكود إليهم للتحقق.
ظنت ريم بأن الشركة أدركت الخلل وأن عليها تنفيذ الأوامر لتضمن عودة حسابها دون خلل ولم تدرك حينها بأنها خطة تهكير بطرق جديدة ورسمية إلا أن عدم فهمها وندرة اطلاعها على الجوانب الرقمية جعل منها فريسة سهلة لصياد محترف.
تكمل ريم حديثها:" نفذت الطلب وأرسلت رمز الكود للرقم الذي وصلتني منه الرسالة النصية، فاستغل الموقف ودخل لمراسلة صديقاتي ويطلب منهن رصيد وصور الذكريات فيما بيننا فوصلني الأمر وزادت مخاوفي".
لم تقف ريم مكتوفة الأيدي فأخبرت أسرتها بما حصل وبدورهم اطلعوها بالتواصل مع الخبير الرقمي لؤي القرهمي الذي أرشدها لعدة طرق تمكنت من خلالها كبح المشكلة والابلاغ عن الرقم وتنبيه صديقاتها.
وبعد فترة ليست ببعيدة عن الحادثة التحقت ريم بدورة في الأمن الرقمي تعرفت من خلالها على عدة أمور كانت تجهلها.
وتشدد ريم كل فتاة أو شاب وقع بنفس الفخ وبأي طريقة كانت أن لا يلتزم الصمت وعليه إبلاغ الأهل والجهات المختصة وبكل تأكيد سيتم حل المشكلة وإن كانت كبيرة.
ضحايا التساهل
قد لا يكون غريباً عندما نجد حالات الاختراق والابتزاز الالكتروني والتي تحصل بطرق احتيال ونصب الفخاخ للضحايا؛ لكن ثمة قصص ووقائع يكون الضحية نفسه هو من عرض خصوصياته للانتهاك عن طريق الثقة الكبيرة ومنحها لأشخاص من عديمي الضمير.
يتحدث الخبير الرقمي لؤي القرهمي عن بعض تلك الطرق والتي وصفها بالثقة العمياء للضحايا وكما يقول: "بقدر ما وصلتني الكثير من قصص الاحتيال وسحب الخصوصيات دون إذن وصلت إلي العديد من القصص لعب فيها الضحايا دور الجلاد نتيجة ثقتهم ببعض معارفهم"
ويضيف "هناك فتيات تتهور بارسال صورهن إلى بعض الشباب سواء كان خطيبها أو شخص ما خدعها بحب وهمي وكاذب وبعد أن تصل العلاقة فيما بينهم إلى طريق مسدود يبدأ الشاب بابتزاز الفتاة وهنا لا يوجد سوا طريقة واحدة لكبح المشكلة وتحجيم الآثار الناتجة عنها وهي أن تقوم الفتاة بابلاغ الأسرة والجهات الأمنية المختصة كونها تعرف هوية الشخص الذي قام بابتزازها.
الإغراء بالسفر
ويشير إلى أن البعض الآخر يقع في فخ الوعود بالسفر إلى البلدان أوروبا وأمريكا عن طريق بعض المواقع المختصة باستغفال الشباب وجلب الأموال عن طريق التهديد والابتزاز بعدما يكون قد أخذوا من خصوصيات الفرد ما يمكنهم من ذلك الابتزاز.
وأوضح أن ذلك يحدث بشكل أكبر مع الفتيات، حينما يتم اقناعهن بأن الدول الأجنبية لا تقبل صور المحجبة أو المحتشمة فتجد في نفسها الشجاعة وتلبي طلباتهم حتى تتمكن من السفر ولكن الأمر ينعكس فور وصول تلك الصور إلى العصابات المختصة.
كل تلك المخاطر تحتم على جميع مستخدمي الهواتف، وخاصة الفتيات، توسيع معارفهم باكراً بالأخطار الرقمية، وزيادة الوعي بهذا الجانب سواء عن طريق البحث عبر الانترنت لمعرفة أساسيات الأمن الرقمي أو الالتحاق بالدورات المتاحة أونلاين أو في المعاهد المختصة، إضافة إلى رفع مستوى الأمان للحسابات والمصادقة الثنائية مع الحرص أشد الحرص أن تبقى الأسرة على اطلاع بما حدث لضمان المعالجة السليمة والآمنة للجرائم الالكترونية.