[ مونديال قطر لكأس العالم بين الإثارة والمتعة ]
منذ انطلاقتها عام 1930 لم تتوقف بطولة كأس العالم عن إثارة الكثير من الجدل، وكسب المزيد من العشاق والمريدين والطامحين إليها دورة بعد أخرى.
فَكُرة القدم لم تعد مجرد لعبة أو رياضة أو هواية أو منافسة كروية بين عدة منتخبات للفوز بكأس البطولة الثمين وامتيازاته، لكنها أضحت لغة الكوكب المشتركة، ومصدر فرح شعوب وحزن شعوب، توحد وتفرق في آن، وصاحبة التأثير الأقوى علي السياسة والاقتصاد لدى أغلب الدول، انها سماء المتعة والإثارة التي يستظل تحتها الجميع.
"الموقع بوست" يرصد في هذا الاستطلاع أراء عينة من رياضيي اليمن وعشقاها عن بطولة كأس العالم 2022 المقام في دولة قطر حالياً، حيث تتجه أنظار ملايين من شعوب العالم صوب دولة تجاوزت محدودية الجغرافيا لتعيد بعظمة التقدم والإمكانات صياغة مفاهيم اتسمت بالاستعلائية والاحتكار لقرابة قرن من زمن مونديال ظل تنظيمه حكراً على دول بعينها.
تحولات في تاريخ البطولة
يقول: الكابتن محمد علي القدسي رئيس فرع اتحاد كرة القدم في محافظة تعز "لاشك أن مونديال قطر 2022 يختلف كثيراً عن كل المونديالات التي أقيمت سابقاً منذ ما يقارب قرن من عمر بطولات كأس العالم، فقطر أنهت احتكار اقامة البطولة دول معينة متقدمة وتملك بنية رياضية تحتية متطورة تتطابق ومواصفات ومعايير الفيفا".
وأضاف القدسي "نجاح دولة قطر في تنظيم بطولة كأس العالم 2022 على أراضيها رغم العراقيل الكبيرة التي وضعت في طريقها والضغوط التي تعرضت لها الفيفا لحرمان دولة قطر من نيل شرف استضافة هذا الحدث الرياضي العالمي الكبير، له عدة دلالات من أبرزها أن قطر أول دولة عربية وشرق أوسطية تنجح في استضافة كأس العالم، بعد أن ظل هذا الشرف حكراً على دول قارتي أوروبا وأمريكا وبعض الدول الأسيوية الكبرى".
مونديال تغيُر الموازين
من جهته يعبر الكابتن "علي النونو" لاعب أهلي صنعاء والمنتخب الوطني السابق عن سعادته الغامرة بأن تقام بطولة كأس العالم 2022 في دولة عربية لأول مرة من انطلاق هذه البطولة قبل ما يزيد على تسعين عاماً، من المؤكد أن قطر نجحت في إعادة صياغة الكثير من المفاهيم المغلوطة والتي كرسها الإعلام الغربي عن العرب، فكل الذين قدموا الى قطر سواءً كانوا منتخبات مشاركة أو مشجعين سيعودون وقد تغيرت نظرتهم كليةً عن العرب والمسلمين".
في حديثه "للموقع بوست" قال النونو إن "مونديال 2022 المقام حالياً في الدوحة لم ينهي احتكار تنظيم البطولة فقط ولكنه على ما يبدوا وكما أظهرت النتائج الأولية إنهاء تسيد منتخبات عريقة كالإرجنتين وبلجيكا وألمانيا على صدارة الترتيب لعقود طويلة، التي أثبتت من خلال أدائها ونتائجها المخيبة للآمال جماهيرها، مقابل تألق منتخبات مغمورة لا تملك سجلاً يعتد به في كل بطولات كأس العالم السابقة كالمنتخب السعودي الذي فاز على منتخب الإرجنتين بهدفين لهدف، وتعادل المنتخب التونسي مع الدنمارك والمغربي مع كرواتيا بدون أهداف وكلا المنتخبين الدنماركي والكرواتي يعتبران من المنتخبات القوية والمرشحة لخطف كأس المونديال في دورات سابقة".
وعبر "النونو" عن أمله بتحقيق المنتخبات العربية المشاركة في مونديال قطر2022 نتائج مشرفة قائلاً:" بإستثناء المنتخب القطري الشقيق الذي تبين أنه أول المنتخبات العربية التي ستغادر المونديال لإفتقاره للكثير من اللياقة البدنية والمهارات الفنية والتكتيكية، التي لو امتلكها لكان استفاد من عاملي الأرض والجمهور وحقق نتائج أفضل.
ولفت إلى أن الآمال ماتزال معقودة على منتخبات السعودية والمغرب وتونس لبلوغ أدوار متقدمة في مونديال قطر وترك بصمة عربية بارزة في تاريخ بطولات كأس العالم، داعياً الجماهير العربية الحاضرة في مدرجات المونديال الى مؤازرة المنتخبات العربية بقوة كون الجمهور هو الاعب رقم 13 في أي مباراة وكذلك الجماهير الرياضية في جميع دول واقطار وطننا العربي."
كرت أحمر للسياسة
المُحلل الرياضي اليمني "خالد الشويع" لخص جملة من الانطباعات الإيجابية التي رآها في مونديال قطر لتصفيات كأس العالم بنسخته الـ(22) والتي منها " الاستغلال السياسي السيء لبطولة كأس العالم لكرة القدم كحدث رياضي عالمي للعبة جماعية يصل عدد متابعيها الى اضعاف سكان الكرة الأرضية، فقد جُبلت الكثير من الدول وخاصة الكبرى الى محاولة توظيف هذا الحدث العالمي الذي يجذب اليه كل شعوب العالم لخدمة اغراض ومآرب سياسية لا علاقة لها بالرياضة البتة.
وأضاف المُحلل الرياضي اليمني الشويع "منذ انتشر شأن الرياضة وذاع صيتها في منتصف القرن التاسع عشر تشابكت أذرعها مع السياسة بشكل مطرد، حتى بات مستحيلاً في القرن الحادي والعشرين أن نفصلهما عن السياسة دون خسائر".
وتابع "بالنسبة لمونديال قطر فقد حاولت الدوحة كأول دولة عربية تستضيف البطولة أن تكسر قاعدة خضوع الرياضة للأهواء السياسية على اعتبار أن الرياضة وتحديداً منافسات بطولة كأس العالم هي رسالة محبة وسلام إنسانية تجمع على بساط المتعة والإثارة والحب لكل شعوب العالم، دون أي اعتبار للجنس أو اللون أو المعتقد الديني أو الموقف السياسي".
وأكد الشويع أن دولة قطر التي واجهت بثبات مكائد السياسة منذ لحظة تقديمها طلب استضافة هذه البطولة أرادت أن تقول للفيفا بصريح العبارة أن كرة القدم ليست مجالاً لتحقيق مكاسب سياسية من أي نوع، وإذا كانت الفيفا قد حرمت المنتخب الروسي من المشاركة بسبب الحرب في أوكرانيا فإن قطر رفعت الكرت الأحمر في وجه السياسة من قبل انطلاق أول صافرة في المونديال فأجبرت المنتخبات وكذلك المشجعين على الخضوع لقوانين لعبة كرة القدم والإستمتاع بمشاهدة أعرق الفرق وهي تعزف الحان الأداء الساحر.
وذكر أن "دول مشاركة مثل ألمانيا التي حاول منتخبها الترويج للمثلية الجنسية نفسها محاطة بنظرات الازدراء والسخرية لمحاولتها استغلال زخم المونديال العالمي لخدمة قضايا لا علاقة لها بالرياضة، نفس الشيء حدث مع المنتخب الايراني الذي رفض اعضاؤه ترديد النشيد الوطني الايراني في مباراتهم أمام انجلترا كتعبير عن تأييدهم للإحتجاجات التي تشهدها ايران، بالاضافة لمحاولة البعض إثارة منع تعاطي الكحول من قبل الجمهور الوافد وكذلك المنتخبات."
واختتم المُحلل الرياضي "الشويع" تصريحه لـ "الموقع بوست" بالتعبير عن سروره البالغ لنجاح قطر المذهل في تنظيم بطولة كأس العالم 2022 ونجاحها في إعادة الاعتبار لهذا الحدث العالمي بجعله حدثاً رياضياً بحتا يحترم ويراعي كل الخصوصيات والثقافات ويضع الجميع أمام مسرحهم الكوني بأعين وأذهان لا تبحث سوى عن المتعة والإثارة، حد تعبيره.
دوحة العالم
من مدرجات مونديال قطر 2022 عبر الفنان اليمني "كمال طماح" عن دهشته الكبيرة لما يشاهده في كواليس ومدرجات مونديال قطر، قائلاً "منذ بداية شغفي بمتابعة بطولة كأس العالم في دوراته المختلفة وأنا أحلم بحضور هذا الحدث العالم الذي سحر عقول الملايين من البشر في أصقاع المعمورة وها أنا ذا أعيش الحلم حقيقة بفضل استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم 2022".
ولفت إلى أن هناك بطولة لا تقل متعة واثارة وادهاش في مونديال قطر لا تنقله القنوات الفضائية، هذه البطولة تتمثل في الصورة الإنسانية الرائعة التي شكلها آلاف البشر الذين وفدوا الى دولة قطر.
وقال "العالم كله هنا بدياناته ولغاته وثقافاته يستمتعون بأجواء تنافسية تفيض بالمحبة والسلام، وجدوا في قطر دوحتهم الوارفة بظلال الكرم العربي الأصيل والهدايا التي تستقبلك بها مقاعد المدرجات وروعة التنظيم، كما أن المنتخبات العربية المشاركة تحظى بمؤازرة وتشجيع كل العرب المتواجدين هنا فالسعوديين يشجعون منتخب تونس والمغرب بنفس الحماس الذي، يشجعون فيه المنتخب السعودي ونفس الشيء تفعله الجماهير القطرية والمغربية والتونسية، بل أن المنتخبات العربية تحظى بتشجيع جماهير غير عربية في المونديال، لاشك أن كل من حظر مونديال قطر سيعجز عن وصف ما شاهده ولمسه من عظمة ورقي وانسانية".