[ الطفل رامي نازح في مأرب أحد ضحايا حرب الحوثي وإهمال الحكومة ]
بين أروقة المشافي الحكومية يبحث رامي هيثم جحزة (5 سنوات) برفقة والده عن اجراء عملية تصحيح بتر يد رامي كونه أحد الضحايا المدنيين في الحرب، دون جدوى.
منذ العام 2019 لم يحصل رامي على عملية مجانية لقطع عظمة يده المبتورة بعد تعرضه لرصاصة قناص حوثي عام 2018 والتي تنمو باستمرار.
تكلفة العملية في المشافي الحكومية حوالي 250 ألف ريال يمني بما يوازي 250 دولارا أمريكي، فيما المشافي الخاصة تكلف عملية بتر أو تصحيح البتر أكثر من 800 ألف ريال 800 دولارا.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول والد الطفل رامي إنه منذ أربع سنوات ذهب مرارا وتكرارا إلى كل مشافي مأرب الحكومية لإجراء عملية قطع العظمة وبعدها تركيب طرف صناعي، إلا أنه لم يفلح حتى اليوم – لحظة كتابة التقرير.
وأضاف هيثم "كل المشافي تطالب بتحمل تكاليف اجراء العملية من جيبي الخاص التي تكلف حوالي ربع مليون ريال يمني رغم ان ابني ضحية الحرب".
طريقنا أمام القاتل
رامي هيثم جحزة ينحدر من مديرية مجزر غرب مأرب، أصيب رامي وعمره سنتين ونصف، وكانت أسرته تسكن في مديرية نهم على حدود مأرب وصنعاء.
قبل أن يصاب رامي كان عليه وأسرته العودة إلى منزلهم ولذلك عليهم المرور بالقرب من خطوط النار في شمال منطقة فرضة نهم -وبحسب هيثم- "كانا نسير في منطقة مفتوحة أمام تبة يتمركز بها قناص للحوثيين".
وتابع "بعد عودة أهالي قرية فرضة نهم إثر تحريرها من سيطرة الحوثيين عام 2016م وتمركز المواجهات على جنباتها الغربية التي يسيطر عليها الحوثيين والشرقية للقرية التي يتمركز فيها قوات الجيش الوطني، كنا عائدين وفي طريق العودة إلى الديار على متن مركبة في عصر مايو/ أيار 2018".
وأردف "مررنا بعد عودتنا من مأرب إلى القرية بتلة تدعى تبة القناص، وحينها شن القناص الحوثي رصاصات مباشرة لاستهداف السيارة ومن عليها، اخترقت أحدها ذراع رامي الصغير وبعدها اخترقت يدي، فيما تعرضت المركبة لثلاث طلقات".
تم بتر ما تبقى من يد رامي بعد إسعافه إلى مأرب، وعاد إلى قريته التي أصيب في طريقها قبل أن ينزح مع أسرته إثر سقوط فرضة نهم بيد الحوثيين مجددا، ليعيش اليوم في خيمة صغيرة بالقرب من مصب مياه سد مأرب وسط المدينة.
لن يسبح بيديه
لكن الطفل رامي لا يستطيع السباحة بيد واحدة رغم قرب ممر مياه السد من منزله، قال إنه يريد أن يسبح في بركة مياه قريبة من مسكنه لكنه يخشى الغرق دون قدرته على السباحة ولم يتعلمها بعد.
رامي أصيب في السنتين الأولى من عمره لم يتمتع باستخدام يديه ولن يحصل على ما يحصل عليه أقرانه بكلتا يديهم، وبسبب النمو المتسارع للطفل يعاني رامي من نمو عظمة يده المبتورة.
يخترق العظم جلده ليبرز كالسهم من جديد بعد أن تم قطعه، ولكن هذا البروز يؤلمه كلما سقط عليه أو لمسه صديق له.
يحتاج رامي إلى عملية قطع العظمة الزائدة باستمرار كلما نبتت من جديد، مع أنه طفل فعظمه قابل للنمو سريعا.
بلغة مليئة بالحزن يقول والد رامي "إنه حاول مرارا الذهاب إلى منظمات إنسانية ومستشفيات مأرب لإجراء عملية لطلفي وتركيب طرف صناعي لكنه ينصدم بطلب الوثائق والتقرير الطبي للحادثة والتي تركها ورائه في منزله بنهم ونزح هاربا ناجيا بأسرته".
ضحايا يدفعون تكاليف جراحهم
الناشط الحقوقي علي التام رئيس منظمة حماية بمأرب قال إن "ضحايا الحرب يواجهون مشكلات مماثلة لما يواجهه رامي.
وأضاف التام في تصريح لـ "الموقع بوست" أن المنظمات الانسانية من المفترض تخصص برامج حماية تكون متخصصة في مثل حالة رامي، وتمول تمويل كافٍ لتغطية الاشكالية بعكس ما هو حاصل من إهمال وتمويل بسيط لهذا الجانب".
وأكد التام أن منظمة حماية تقوم بجانب تحمل تكاليف عمليات وأدوية ضحايا الحرب التي تصل لبعض المستشفيات ومن ثم تذهب لتسويق ملفاتهم إلى كتلة حماية الطفل والمنظمات المختصة بتلك الجوانب.
وأشار إلى أن رامي سيحصل على عملية تصحيح وقطع العظمة في بتر يده من خلال تحمل منظمته "حماية" تكاليف العملية والعلاج والرقود ومن ثم تسويق ملفه للجهات الداعمة.
بدروه أكد مدير مركز الاطراف الصناعية بمأرب عبدالكريم الوتيري أن كل ضحايا الحرب المعاقين يحصلون على الاطراف الصناعية المطلوبة وتجديدها بما يتطلب من المركز .
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول الوثيري إن الطفل رامي بمجرد إجراء عملية تصحيح القص وشفاء الجرح سيتمكن من الحصول بسهولة على طرف صناعي مناسب وتجديده مع نموه كل ستة أشر من مركز الأطراف.
100 ألف معاق
بحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن المعاقين في اليمن تجاوزوا 100 معاق جراء الحرب، فيما سجلت منظمات حقوقية بمأرب 365 عملية قصف حوثي استهدفت المدنيين.
وأودت وقائع القصف بحياة 578 مدني بينهم 134 طفل و 42 امرأة بحسب إحصائيات مكتب حقوق الإنسان بمأرب.
يبقى أمل الطفل رامي في قص عظمة ما تبقى من يده واخفاء إعاقته بطرف صناعي ليعوّض ما نتج عن آلامه من خوف وتأثير نفسي على حالته ومعيشته بين أصدقائه.