[ حصار الحوثيين لتعز يدخل عامه الثامن ]
انقضت سبعة أعوام عجاف وبدأت الثامنة، فيما يرزح الإنسان التعزي المهمل تحت وطأة حصار ميليشيا الحوثيين الذين اغلقوا عليه منافذ مدينته الرئيسية والفرعية، ليقيموا بذلك بنصب مخيمات الموت على أسوارها.
مدينة تعز، المدينة المهملة أمميًا واقليمًا، ماتزال تحتضر يومًا بعد آخر، يكابد فيها المواطن اليمني مشقة الوصول مهددًا بالموت على طرق تكاد تكون مخفية، طرق ابتكرتها الظروف ليستبدلها الناس عن تلك الرئيسية التي قطعت بفعل القناصات والمدافع الحوثية على شرقي المدينة وغربها وحتى جنوبها وشمالها.
المنفذ الشرقي
تغلق مليشيات الحوثيين طرق الحياة في وجه ابناء تعز، وتسد عليهم بأبرز الطرق الرئيسية، التي يحاصرون من خلالها المدينة (مركز المحافظة) ويعيقون حركة التنقل ووصول الإمدادات الرئيسية والمساعدات الإنسانية.
ففي المنفذ الشرقي للمدينة، تنصب الجماعة مقاصل الموت على مشارف تبب السلال واسوار القصر الجمهوري، لتغلق بذلك أمل الوصول عبر جولة القصر التي تحولت لما هو أشبه بالغابة المهجورة بعد ثمانية أعوام من هجرانها لأية نشاط انساني.
يربط المنفذ الشرقي لمدينة تعز بمنطقة الحوبان وجولة القصر، وهي الطريق الرئيسي التي تصل المدينة الخائفة بمحافظتي إب وذمار وصولا إلى العاصمة صنعاء، وما من عائق امام هذا الخط الرئيسي وشريان الحياة الذي من شأنه رفع معاناة المدينة الأكثر كثافة سكانية سوى خنادق حوثية مشحونة بالقناصات والمدافع.
المنفذ الشمالي
ليست شرقية الموت والتهالك فحسب، بل أن ثمة موت آخر قادم للمدينة من شمالها، وهو الآخر موت حوثي يتهدد الإنسان المتعب بالحرب وويلاتها، لتبني بذلك المليشيات الحوثية زنزانة الشمال محكمة اغلاف منافذ الحياة بوجه مدينة تعز المنسية.
فمن شمال المدينة تغلق مليشيات الحوثيين الطريق الرئيسي المارة عبر منطقة عصيفرة الى شارع الستين، والذي يربط المدينة بالمناطق الريفية شمال محافظة تعز كمخلاف شرعب وغيرها من المناطق ذات الكثافة السكانية.
ثمانية أعوام انقضت ومازال المواطن التعزي مقيمًا تحت تهديد الإرهاب الحوثي الذي تنكر لإنسانية الفرد اليمني وحال بين الناس وأهاليهم بقناصات ومدافع لا تجلب سوى مزيد من الموت.
يقول عبدالله محمد (55 عاماً) من مديرية شرعب الرونة لـ"الموقع بوست" إنه يضطر إلى السفر من أجل الوصول إلى مدينة تعز لزيارة أشقاءه عبر طريق جبلي من مديرية جبل حبشي يستغرق السفر فيها أكثر من 7 ساعات، بينما كان من قبل لا يستغرق الوصول إلى المدينة عبر منفذ مفرق شرعب أكثر من 3 ساعات.
ويضيف أن وصف المعاناة من السفر عبر هذه الطريق أقل ما يمكن القول عنه إنه المشقة بكل تفاصيلها، ويتابع “شاهدت سيارة انقلبت في الطريق الوعر التي في جبل شاهق بمديرية جبل حبشي لم يخرج أحد من السيارة غير مصاب بكسور وبعضهم كانت إصاباتهم بالغة، بلا شك سوف تسبب لهم إعاقات دائمة”.
وليست فقط المعاناة من وعورة الطريق بل إن تكلفة السفر تضاعفت بشكل كبير وهذا كما يقول عبدالله زاد من معاناة النساء وجعل تواصل الأهل والأسر صعباً.
وما يؤكد كلام عبدالله هو الإحصائيات التي أصدرتها إدارة شرطة السير في محافظة تعز الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية حيث بلغ عدد الحوادث خلال العام الماضي 136 حادث.
المنفذ الشمالي الشرقي
وفي سياق متصل، لا تنتهي حواجز الموت الحوثية في تعز، فثمة حواجز هي الأخرى حوثية تحول بين الإنسان واهله وتوقف كامل النشاط الإنساني في مدينة تعز، ففي المنفذ الشمالي الشرقي تقطع ميليشيات الحوثي شارع الأربعين الرابط بين منطقة الروضة وسط المدينة، الى سوق الجملة، وكذلك حي كلابة إلى سوفتيل.
مسافة الوصول بين هذه المناطق لا تتعد في الحقيقة خمسة عشر دقيقة، غير أن جنازير حوثية طحنت هذه الدقائق واحالتها الى ساعات ثقال، حيث أبقت للناس ممرات التعب والمعاناة على جبال المحافظة وسهولها، وهناك قد تصل وقد تكون عرضةً للموت بحادث سير يبعدك عن الوصول الى غير رجعة.
المنفذ الغربي
مع حلول العام 2015 م بدأت الحرب تدق طبولها في مدينة تعز، وبدأت الجماعة تبني قضبان الزنازين لتعيق كل ما من شأنه الحركة في المدينة، غير أن المنفذ الغربي كان اخر أمل للناس، وعليه انتقلت جميع آمالهم، وهي الآمال التي ما أن بدأت حتى اجهضت بفعل زبانية الإرهاب الحوثي.
يرتبط المنفذ الغربي لمدينة تعز بطرق منطقة مصنع السمن والصابون غربًا، وهو الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة تعز بمدينة المخا ثم محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر.
فيما يتفرع من منطقة (المصنع) طرق فرعية تصل المدينة بمديريات متعددة في الريف الغربي للمحافظة، وجميعها اغلقت بفعل الحصار الحوثي المستمر منذ ثمانية أعوام عجاف.
ليس هذا فحسب بل أن ثمة طرق رئيسية اخرى اعاقتها الدبابة الحوثية لتقتل شريان الحياة الرابط بمدينة الدمنة وصولا الى منطقة كرش، والذي يربط محافظة تعز بمثلث العند وينقلها الى محافظة الضالع وكذلك محافظة لحج ثم العاصمة المؤقتة عدن.
طرق فرعية
لم تستهدف ميليشيات الحوثيين الطرق الرئيسية فحسب، بل انها استهدفت بشكل مباشر الممرات الفرعية لتعيق بذلك حركة الناس الذين تقزمت فرص الوصول امامهم من والى مدينة تعز.
ففي حين لجأ المواطنون لطرق فرعية خارج مدينة تعز يستخدمونها كطرق بديلة، قام الحوثيون في المقابل بمنع حركة التنقل عبرها، ليتمكنوا بذلك من قتل آخر أمل يمكن للناس أن يعيشوا عليه.
هناك الطريق المار عبر منطقة غراب جنوب مدينة تعز وهز المار باتجاه مقر اللواء 35 مدرع، وصولا الى شارع الستين في المدينة، غير أن الحوثيين سرعان ما وصل ارهابهم الى هذه المناطق حتى قاموا بإغلاقها وخنق متنفس المواطن التعزي المتعب بداخل مدينته المهددة بكل أشكال الموت.