[ المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ في زيارة إلى تعز ]
مثلت زيارة كلاً من المبعوثين الأممي والأمريكي الخاصين إلى اليمن هانس غروندبرغ وتيم ليندركينغ إلى العاصمة المؤقتة عدن وتعز حدث مهم وتحولا جوهريا في سياق تعاطي المجتمع الدولي مع مجريات الصراع في اليمن وجهوده الرامية لوقف الحرب المحتدمة منذ سبع سنوات.
"الموقع بوست" يستطلع رأي انطباعات نخبة من الحقوقيين والناشطين السياسيين والمستقلين في محافظتي عدن وتعز عن زيارة المبعوثين الدوليين لكلا المحافظتين.
عن تعليقها لزيارة المبعوث الأمريكي الخاص لليمن ليندركينغ تقول القيادية في الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة عدن الدكتورة اسمهان العلس إن "زيارة المبعوث الامريكي الخميس الماضي الى عدن والتقائه برئيس الحكومة معين عبدالملك وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمكونات السياسية الأخرى، تأتي تلك الزيارة انسجاماً مع توجهات الإدارة الأمريكية بزعامة جوبايدن المطالبة بوقف الحرب المدمرة في اليمن بأسرع ما يمكن".
في حديثها لـ "الموقع بوست" أضافت العلس "لقد وصلت الإدارة الأمريكية وفق تصوري ومعها المجتمع الدولي إلى قناعة بأن التحالف العربي بقيادة السعودية والمؤيد للحكومة الشرعية قد فشلوا في حسم المعركة عسكرياً رغم أخذهم أضعاف الوقت المفترض لإنجاز ذلك الحسم، والآن بعد سبع سنوات من الحرب وجد العالم نفسه أمام مأساة انسانية تهدد حياة ملايين اليمنيين بخطر الموت جوعاً".
فشل الحل العسكري
وأردفت "بات الصوت المطالب بوقف الحرب هو الأقوى على طاولة اللاعبين الدوليين وأروقة النقاشات الديبلوماسية عن الحديث عن اليمن، فخيارات السلام الآن تطغى على ما سواها من خيارات في التعاطي مع حرب اليمن، التحرك الأمريكي يضغط بكل قوة في اتجاه فرض خيار السلام ووقف الحرب التي طال أمدها".
وعبرت الدكتورة العلس عن تفاؤلها الضئيل في أن تنجح الجهود الدولية في ايجاد سلام شامل ومستدام في اليمن كون أقطاب الصراع لا تملك استقلالية اتخاذ القرار وأنها مرتهنة لقوى اقليمية لا ترغب بسلام يقوض نفوذها ولا يلبي مصالحها التي يدفع اليمنيون ثمنها غالياً من دمائهم ومستقبلهم حسب تعبيرها".
ودعت العلس جميع أطراف الصراع في اليمن لاغتنام فرصة المساعي الدولية الحثيثة الساعية لوقف الحرب المدمرة التي بات واضحاً أن الجوع والدمار هو المنتصر الوحيد فيها، من خلال التعاطي الإيجابي واحسان النوايا وتقديم التنازلات من اجل السلام كون فشل هذه الجهود سيفاقم الكارثة وسيدخل الحرب في اليمن مرحلة ما يمكن تسميته بالحرب المنسية وسيترك المجتمع الدولي اليمنيين ليواجهوا مصيرهم المجهول".
تعز تحكي مأساتها
لأول مرة منذ اندلاع الحرب في اليمن 23مارس/آذار2015 يصل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص باليمن السويدي هانس غروندبرغ إلى تعز(جنوب غرب البلاد) التي وصلها غروندبرغ الإثنين الماضي رفقة محافظها نبيل شمسان قادما من عدن.
عن الأهمية التي تمثلها زيارة المبعوث الأممي لتعز لأول مرة قال القيادي في حزب الإصلاح بتعز عبدالله علي الشيباني لـ "الموقع بوست" قائلاً: "تعد زيارة غروندبرغ إلى تعز رغم تأخرها والتي يفترض أنها تمت قبل سنوات نظراً لفداحة ما تتعرض له محافظة تعز من جرائم يندي لها جبين الإنسانية من قبل مليشيات الحوثي الإجرامية، الا أنها تمثل خطوة مهمة في الطريق الصحيح".
وعبر الشيباني عن تفاؤله بهذه الزيارة التي يأمل أن تمثل تحولاً جدياً من الأمم المتحدة للقيام بدورها ازاء ما تتعرض له تعز، كما تمنى الشيباني أن لا يسير المبعوث الأممي على خطى أسلافه في تجاهل معاناة ابناء محافظة تعز الإنسانية.
وأردف "لقد ظلت قضية تعز تمثل اختباراً حقيقاً لجدية الأمم المتحدة التي فشلت في فك الحصار عنها رغم أنها قضية انسانية ظلت تطرح في كل جولات المفاوضات السابقة بين الحكومة الشرعية والمليشيات الإنقلابية لكن مع الأسف تجاهلت الأمم المتحدة مأساة تعز ولزمت الصمت حيال ما يتعرض له سكانها من جرائم بشكل ممنهج ويومي".
ووفقاً للشيباني "فإن البيان الصحفي الصادر عن غروندبرغ في ختام زيارته لمحافظة تعز كان ايجابياً وجه الكثير من الرسائل الصريحة عن ما تعانيه المحافظة والتي نأمل منه نقل تلك الرسائل إلى مجلس الأمن الدولي وترجمت مضامينها إلى فعل ملموس على الأرض يرفع الحصار عن تعز ويوقف الانتهاكات المرتكبة بحق أبنايها حسب وصفه".
الضحايا بالأرقام
من جهته يرى المدير التنفيذي لمنظمة العدالة والإنصاف المحامي عبدالسلام رزاز في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن زيارة المبعوث الأممي الى محافظة تعز التي تعد الأولى من نوعها منذ إندلاع الحرب في اليمن قبل سبع سنوات، ستمكن المبعوث الأممي من الاطلاع عن قرب على معاناة المدنيين في محافظة تعز الخاضعة لحصار خانق من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية منذ بداية الحرب، بالإضافة لما يتعرض له سكان المدينة من انتهاكات وجرائم قتل وتهجير واخفاء قسري وتفجير منازل واستهداف منشآت حكومية ومدنية.
وأضاف "ما تتعرض له تعز منذ سبع سنوات هي جرائم حرب، ووفقاً لآخر تقرير أصدرناه في منظمة العدالة والانصاف فقد بلغ عدد ضحايا جرائم القصف العشوائي وعمليات القنص العمد والتهجير القسري وتفجير المساكن التي ارتكبتها المليشيات الحوثية بحق المدنيين بما فيهم النساء والأطفال من مارس /آذار2015وحتى ديسمبر/كانون أول 2020 على النحو التالي : (10288) ضحية سقطوا من المدنيين بين قتيل وجريح منهم (1210) إمرأة بين قتيل وجريح (3014) طفل وطفلة بين قتيل وجريح (2800) ضحية بسبب الالغام التي زرعتها المليشيات الحوثية (366) ضحايا عمليات القنص جميعهم من المدنيين، فيما بلغ عدد الأسر المهجرة قسرياً (18853) أسرة والمباني المدمرة بشكل كلي(504) مساكن و(7097)مسكنا مدمرا بشكل جزئي.
هذه الأرقام المخيفة للضحايا المدنيين، بالإضافة للحصار الجائر هي جرائم حرب يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى المليشيات الحوثية والمجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة التي نأمل أن ينقل مبعوثها الذي زار المحافظة هذه المأساة والعمل على وضع حلاً عاجلاً لها.
لقد فرضت المأساة الإنسانية والتدهور الاقتصادي وشبح المجاعة التي يعاني منها اليمنيون نفسها على تكتيكات قادة الحرب في اليمن وباتت مسؤولية المجتمع الدولي الأخلاقية والانسانية على المحك، فيما لو ظل مشيحا بوجهه عن افدح مأساة انسانية يعيشها اليمن بحسب ما قاله الناشط منصور أحمد عبدالله، معتبراً أن زيارة المبعوثين الأمريكي والأممي لمحافظتي عدن وتعز تأتي في سياق إدارك دولي أن الوضع في اليمن خرج عن سيطرة الجميع وأن وقت فرض سلام بصورة عاجلة هو الخطوة المرتقبة في اليمن.
تأكيد المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم ليندركينغ على ضرورة وقف الحوثيين هجماتهم على مأرب التي زادت ضراوتها في الآونة الأخيرة وزيارة المبعوث الأممي إلى عدن وتعز المحاصرة منذ سبع سنوات بالإضافة للوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه اليمن والتدهور المريع لقيمة العملة اليمنية ونذر المجاعة التي بدأت تظهر مؤشراتها في أوساط اليمنيين بالتوازي مع فشل التحالف الداعم للشرعية كل ذلك وفقاً لأغلب المتابعين للصراع في اليمن يعطي الجهود الدولية دافعاً قوياً لإجبار الأطراف المتحاربة للجنوح للسلام.