جنبا إلى جنب يصطف ثمانية عشر ألف من النازحين الجدد (من أصل 65 الف نازح) في بقعة صحراوية فتحت بسطاها كمنطقة جديدة لاستقبالهم بموافقة وترحاب مُلاكها وأهالي المنطقة من المجتمع المضيف.
النازحون والمهجرون، تركتهم المنظمات لمصائرهم المجهولة، وقف المجتمع المأربي مستقبلا مرحبا بضيوف جدد على مناطق كانت خالية من النازحين، في الوقت الذي يستغل النازحون كل ما أتيح لهم لبناء مساكن لهم من الأخشاب والقش وجلب مياه الشرب على رؤوسهم من مزارع الأهالي الذين فتحوا أبوابهم لمساعدة النازحين بكل ما يستطيعون.
سيف مثنى مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمارب يقول لـ "الموقع بوست"، إن "عشرات المواقع الجديدة فتحت لإستقبال النازحين الجدد من مناطق ومخيمات جنوب محافظة مأرب، والتي شهدت تصعيد حوثي مسلح واستهدفت بالقصف المدفعي والصاروخي كما اجتاحت جماعة الحوثي مناطق سكنية أخرى، وكلها أدت إلى موجة النزوح الكبيرة التي نشهدها اليوم".
وأضاف مثنى أن 18 الف نازح يتواجدون حاليا في مخيم بن معيلي لوحده، ولازالت موجة النزوح إليه تتدفق باستمرار من المناطق التي تتعرض للقصف الحوثي ومهاجمة مخيمات النازحين هناك وقصفها بالقذائف والصواريخ بما فيها مخيم "ذنة" للنازحين ومركز طلاب دار الحديث.
ليست المرة الأولى التي نزح فيها الكثير من النازحين الجدد، حيث يقول سيف مثنى ان النازحين الجدد يتعدى عدد نزوحهم من خمس إلى ست مرات نزحوا خلالها هربا من الحرب والقصف المتعمد على رؤوس النازحين والمخيمات.
إحتياجات كبيرة وغياب للمنظمات
وأشار مثنى، إلى أن النازحين يبيتون في العراء، وفي الصحراء دون مأوى، فقد هربوا بأرواحهم وأطفالهم ونسائهم تاركين ما امتلكوه من خيام وادوات طعام وغيرها ورائهم.
احتياجات النازحين كثيرة وهامة، لا تتحمل التأخير من حيث الإغاثة الطارئة الغذائية والدوائية والمائية، من قبل المنظمات الإغاثية الاممية والدولية التي لم تتدخل حتى الآن في أي جانب من أجل النازحين الجدد.
65 ألف نازح
يقول مدير مخيمات النازحين، أن عدد النازحين الكلي من مناطق جنوب مأرب وصل إلى أكثر من 65 الف نازح ولازالت موجة النزوح مستمر.
أمين شبوان مدير قطاع في مخيم بن معيلي الجديد، أكد أن المجتمع المضيف قام بدوره الوحيد من أجل إستضافة النازحين وتوفير لهم ما يمكن توفيره، وأن ذلك الدور المجتمعي يعد التدخل الأول والوحيد لمساعدة النازحين وهو ما قدمه المجتمع المضيف من الأرض والسماح للنازحين بالإقامة في أراضيهم والسماح للنازحين بجلب مياه الشرب من آبارهم ومزارعهم القريبة من مكان إقامة النازحين الجدد بالإضافة إلى استقبال المجتمع المضيف للكثير من الاسر النازحة في بيوتهم في مناطق مختلفة من المحافظة.
الهروب من القصف والصواريخ
الطفل حمزة سيف، أحد أطفال الأسر النازحة قال لـ "الموقع بوست" إنه نزح مع أسرته من مخيم الروضة في ذنة بمديرية صرواح، بسبب القصف الحوثي الذي استهدف المخيم باستمرار بالقذائف والصواريخ مما اضطرهم للهرب والبحث عن مناطق أكثر أمانا ولا تستطيع جماعة الحوثي استهدافهم فيها.
وببراءة الطفولة على محياه، يضيف "حمزة" بالقول: إنهم فروا بأرواحهم وعدد قليل من الفرش والبطانيات وهو ما استطاع حملها هو وأمه على رؤوسهم فيما تركوا ورائهم خيامهم وفرش وأدوات مطبخهم.
وبلهجته المحلية يقول الطفل "رقدنا ليلتنا الأولى على الرمل ودون خيمة رقدنا في العراء حتى بدأنا نركب مأوى من القش والحطب لتنام عوائلنا فيه اما نحن سننام في العراء حتى نشوف مخرج"
جميع الأسر التي نجت من الموت والتحقت بركب النازحين الجدد تعمل بذعر ووجل على تركيب أعواد من الأخشاب وتبني سقوفها من الحطب لتبني مسكنها في ظل انعدام تدخل المنظمات لتوفير الخيام للنازحين.
إرتفاع أسعار الخيام
أسعار الخيام التجارية، ارتفعت مع إقبال النازحين الميسورين على شراء الخيام، حيث يقول أحد تجار الخيام أن الخيمة ارتفعت قيمتها إلى 1500 ريال سعودي (600 الف ريال يمني) وهو رقم كبير، لم تصل أسعار الخيام إلى هذا الحد على الإطلاق.
ويبقى الأمل الوحيد للنازحين الفارين من الموت الذي تسوقه لهم جماعة الحوثي، عبر قذائفه وصواريخه وطائراته المسيرة التي لم تتوقف على استهداف مخيمات نزوحهم ومنازلهم في مناطق جنوب مأرب، والتي تشهد معارك محتدمة وعنيفة بين قوات الجيش الوطني وجماعة الحوثي التي تسعى للسيطرة العسكرية على المحافظة رغم الخسائر البشرية المهولة والتي تتلقاها بشكل يومي.