[ يمنيون يفتخرون بأصولهم التركية - الأناضول ]
يفاخر راغب على إسماعيل يعقوب آغا أغلو، بأصوله التركية، كون ذلك حقيقة تاريخية يصعب إنكارها كما قال لـ"الموقع بوست".
راغب الذي تجاوز العقد السابع من العمر ببضع سنوات، هو كبير أشهر عائلة تركية في مدينة التربة (70 كم جنوب شرق محافظة تعز جنوب غربي اليمن).
وكما هو واضح من الاسم يمثل راغب الجيل الرابع من أسرة جده التركي يعقوب آغا أغلو.
يتمتع راغب بصحة جيدة وهندام أنيق، وهو وأغلب أفراد عائلته لا يتعاطون نبتة "القات" كما أخبرنا.
اصطحبنا العم "راغب" إلى الحي القديم في مدينة التربة لنشاهد بقايا منزل من خمسة طوابق، كان يوماً ما قصراً لجده يعقوب آغا أغلو.
رافقنا أيضاً شقيقه موظف البنك المتقاعد، والذي يمارس موهبة الفن التشكيلي بحرفية وبراعة وحفيده "شادي" البالغ من العمر 11 عاما.
ووفقاً لراغب فإن لديه 10 أشقاء ذكور شغل جميهم مناصب حكومية مرموقة قبل ثورة 26 سبتمبر 1962 وبعدها، مضيفاً أن عدد الأسر ذات الأصول التركية تقدر بـ18 أسرة.
أسباب البقاء
بقاء عائلات تركية في اليمن، وشغل أفرادها مناصب حساسة في الدولة، يعد -بحسب أستاذ التاريخ بجامعة الحديدة فؤاد العامري- دليلاً على أن التواجد التركي في اليمن لقرابة أربعين عاماً (1872--1911) لم يكن احتلالاً فشعوب البلدان المحتلة عادة لا تقبل ببقاء أي عناصر أو أفراد من دولة الاحتلال تحت أي مسمى.
في تلك المرحلة كانت اليمن تعيش أوضاعا بدائية بائسة ونسبة الأمية تقارب 97 بالمئة وكان الأتراك الذين حكموا اليمن على النقيض من ذلك تماماً يتمتعون بمستوى تعليمي جيد ويتحدثون أكثر من لغة، بالإضافة إلى خبراتهم في الإدارة العامة وبالذات الجوانب المالية والتقسيم الإداري.
وأضاف العامري في حديث لـ"الموقع بوست" أن وجود عائلات ذات أصول تركية أمر مسلم به ومتعارف عليه في اليمن منذ عام 1918 تاريخ رحيل الأتراك عن اليمن.
وتابع أن حميد الدين الذي تسلم حكم اليمن من الأتراك اشترط عليهم إبقاء أغلب شاغلي الوظائف المالية والإدارية للاستفادة من خبراتهم في شؤون الحكم وتنظيم مالية الدولة وتقلد أغلبهم مناصب مرموقة في عهد حكم أسرة حميد الدين وبعد الثورة.
وأكد الأكاديمي العامري أن العائلات ذات الأصول التركية منتشرة في الكثير من محافظات اليمن وخصوصاً المحويت وإب وصنعاء وتعز.
مثال للتعايش والسلام
قبل حوالي 137 سنة وتحديداً في عام (1884) عين الأتراك يعقوب أغا أغلو حاكماً على قضاء الحجرية ومحصلاً مالياً فيها، ربما لم يكن يعلم حينها أنه لن يعود إلى وطنه تركيا إلا حين غادر رفاقه اليمن من دونه.
في مدينة التربة تزوج يعقوب أغلو لتكون عائلته التي بدأت بنجليه "إسماعيل وأحمد" أحد الشواهد التي لا تمحى لحقبة من تاريخ البلدين ومثالاً للتعايش والسلام.
وكما يظهر الختم الخاص بالنجل الأكبر ليعقوب أغلو والمدون عليه "رسومات مأموريتي مفالس"، فقد حظي أبناء العائلات التركية بذات المكانة في شغل مناصب مالية وإدارية مرموقة في عهد حكم الأئمة لليمن، بينما عين شقيقه أحمد مديراً لمالية الحجرية وماوية.
على الرغم من اندماج العائلات التركية الكامل في المجتمع اليمني، واختلاط الأنساب، إلا أن أفرادها ما زالوا يحافظون على قدر مميز من الخصوصية في المظهر ونمط السلوك المعيشي وسحنات الوجوه لدرجة تخيل للمرء أن الحفاظ على البذرة والمفاخرة بالأصول والحنين للوطن الأم واجب مقدس على أجيال تلك العوائل.