[ عيدروس الزبيدي ]
لم يجف حبر تصريحات المسؤولين الحكوميين الذين عبروا عن تقديرهم للمصالحة اليمنية بين الحكومة والانتقالي، ومن بينهم أعضاء في الحكومة رشحهم المجلس المدعوم إماراتياً وفقا للشراكة التي أقرها اتفاق الرياض، حتى بدأت ملامح تراشق إعلامي تظهر من جديد، بالتزامن مع حوادث أمنية تشهدها عدن من وقت لآخر منذ وصول الحكومة إلى عدن.
وكان تشكيل الحكومة ووصولها عدن مؤشرا على طي صفحة الخلاف والبدء في تضميد الجراح ومحاولات التعافي، وهو ما عبر عنه ناشطون من الطرفين خلال الفترة الماضية.
وفي الوقت الذي كانت فيه حكومة الكفاءات التي يستهوي أنصار الانتقالي تسميتها بحكومة "المناصفة" تستقبل الإشادات الدولية والإقليمية من وزراء خارجية وهيئات وتكتلات دولية تقديراً لجهود المصالحة، وعودة الحكومة، بالوقت ذاته يخرج المسؤول الأول في الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي ليدلي بتصريحات لقناة سكاي نيوز التي تمولها الإمارات، لتعيد المشهد إلى نقطة الصفر.
عيدروس الزبيدي رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي قال إن شراكة مجلسه مع الحكومة اليمنية لن تدوم، وهي مستمرة فقط حتى استكمال الشرعية تحرير المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وعبر عن عدم اعترافه بالشرعية التي أصبح مجلسه جزءا منها في قوله إن الحكومة مظلة لكيانين هما الشرعية بأحزابها، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي إشارة واضحة تفيد بأن الشراكة مع الحكومة لا تعني الاعتراف بالشرعية، وفقا لحديث الزبيدي.
رفض مبطن لاتفاق الرياض
وحول هذه النقطة يقول المحلل السياسي نبيل البكيري لـ"الموقع بوست" إن تصريحات عيدروس الزبيدي كانت عبارة عن رفض مبطن لاتفاق الرياض، وتراجعا عما تم الاتفاق حوله، وتنصلا تاما عن إكمال ما تبقى منه، باعتبار تشكيل حكومة المناصفة التي يسمونها انتصارا سياسيا كبيرا حققه الانتقاليون.
البكيري قال إن حديث عيدروس حول وقوع مسؤولية عدن تحت حماية مليشيا المجلس الانتقالي، وإن مشروعهم هو مشروع شراكة مع شرعية هادي حتى يتم إكمال تحرير الشمال ثم سيذهبون للانفصال، وأن لا حل لليمن سوى قيام دولتين، كل هذا مؤشر واضح على أن اتفاق الرياض مثلما ولد ميتا.
وبدا ملاحظا أن الوزراء المشاركين عن المجلس الانتقالي في الحكومة الجديدة لم يتحدثوا عن تصريحات الزبيدي، بل لم يلمح أحدهم منذ عودته إلى عدن أن شراكته في الحكومة وأداءه لليمين الدستورية لا تعد ميثاقاً مُلزماً له باحترام الشرعية اليمنية والانضواء تحت مظلتها.
ويعلق الناشط محمد المحيميد بمنشور بصفحته على فيسبوك على تصريحات عيدروس قائلا إنها تأتي في إطار الرد الإماراتي على التصالح السعودي القطري.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن المقابلة ليست بعيدة عن كونها حنقٌ إماراتي تجاه المصالحة اليمنية على الأقل، وإلا ما الذي يكسبه عيدروس من قوله بأن كل خيارات الإجماع الوطني لم يعد مرحباً بها، بما فيها مخرجات الحوار الوطني وحل الأقاليم، إذ ليس من الدبلوماسية في شيء التصريح بذلك فور الانتهاء من تصالح بذل العالم والداخل جهوداً مضنية في التوصل إليه.
فشل الانتقالي
ويعلق رئيس تحرير موقع المشهد الجنوبي صالح منصر اليافعي على قول عيدروس بأن الحكومة تعمل جاهدة على تثبيت الأمن والاستقرار في عدن بأن هذا اعتراف من الزبيدي أن الانتقالي فشل في تأمين عدن، وهي التي ظلت في قبضته منذ ثلاث سنوات على الأقل، مضيفاً يبدو أن عيدروس وهاني بن بريك اللذين قطعا وعداً بعودة الجنوب هما أنفسهم لن يستطيعا العودة إلى عدن.
لكن السؤال الأكثر إلحاحاً هنا كيف ستتمكن الحكومة من أداء مهامها في عدن وسط أجواء مشحونة بتصريحات عليا تتجه بقواعد الانتقالي وقواته إلى منحى عدم تقبل الشرعية كحكومة قرار وسيادة، إلى جانب تكرار الزبيدي لجملة "نحن على الأرض ونسيطر على كل شيء"، وهي الجملة التي تحمل مؤشرات لنوايا تمرد أو على الأقل عرقلة لمسارات ترسمها حكومة الكفاءات كي تعمل وفقها.
كما يبدو من المشروعية أيضا التساؤل عن مصير مسودة المبعوث الأممي التي يسعى حثيثاً لإنعاشها بعد التصالح اليمني وعودة الحكومة، والذي صرح مؤخرا قائلا بأن الأجواء تبدو مهيأة للبحث عن حل نهائي للأزمة باليمن.