[ مؤامرة لضرب الجيش الوطني في اليمن ]
منذ بداية الحرب في 2015 يواصل أفراد الجيش الوطني بتعز صمودهم في جبهات الاشتباك مع جماعة الحوثي، وحتى اليوم على الرغم من انعدام الإمكانات وشحة الدعم والخذلان المستمر من التحالف العربي وقيادات الشرعية اليمنية القابعة في الرياض, مع مرور أعوام الحرب تقلص الدعم العسكري المخصص لتعز من سلاح ورواتب وتغذية وأدوية ولوجستيات، عاما بعد عام حتى انقطع الآن على نحو كلي.
وقال نائب التوجيه المعنوي بقيادة محور تعز، العقيد عبد الباسط البحر -في منشور على صفحته في فيسبوك- إن الجيش الوطني لم تصله تغذية منذ أكثر من خمسة أشهر، وذلك على الرغم من أن كمية التغذية المخصصة لتعز قليلة لا تكاد تفي بالحد الأدنى للجبهات، ناهيك عن عدم انتظام صرفها.
وأضاف أن هناك متأخرات كثيرة لم تصرف بعد والكمية التي كانت تصرف في وقت سابق على الرغم من قلتها تصرف على نحو متقطع، وكانت القيادة في تعز تتدبر أمرها وتتصرف بطريقة أو بأخرى لتوفير ما أمكن توفيره.
وتابع البحر قوله إن المساعدات التي كانت تأتي للجيش في تعز رغم أنها رمزية لكنها تعيد تذكير التحالف والشرعية بواجباتها تجاه جنود تعز, وتذكرهم بالحقوق والواجبات على الجيش والشرعية والتحالف كل فترة وأخرى.
إهمال متعمد
وأكد أن انقطاع المستحقات على نحو كلي طيلة هذه الفترة على التوالي يؤثر كثيراً على أداء الجيش الوطني في المحافظة وشعوره بالانتماء والارتباط بقيادته العليا.
وذكر البحر أن الرواتب الخاصة بالجيش الوطني في تعز تدخل شهرها الخامس على التوالي وهي منقطعة ولم تصرف، لكن الحاصل أن القادة لا يلتفتون لبقية الاستحقاقات الضرورية المقطوعة أيضا، والتي بحسب "البحر" يصارع الجيش وقيادته للإيفاء بها، وهي برأيه تؤثر حتما على أداء الجيش ولا تقل خطورة وأهمية عن الرواتب خصوصا للمقاتلين في الجبهات.
ويشير إلى أنه على صعيد المتابعة ولأكثر من مرة تقوم قيادة الجيش بتعز بمخاطبة المتعهدين الذين أوكلت إليهم المهمة من التحالف، لكن يتكرر منهم الرد بأن تغذية الجيش الوطني بتعز متوقفة من التحالف منذ استحقاق أبريل/نيسان الماضي، ولم يتم دفع التكاليف للمتعهدين منذ ذلك الحين.
وطالب العقيد عبد الباسط البحر القيادات في الشرعية والتحالف أن يستشعروا معاناة وتضحيات الجيش الوطني في تعز وأن يطلقوا مستحقات الجيش من رواتب وغذاء وإعاشة ودواء وسلاح وكساء.
مؤامرة داخلية وخارجية
عيسى دعكم، أحد أفراد الجيش الوطني في تعز يتحدث لـ"الموقع بوست" عن معاناة جنود الجيش الوطني وهم في جبهات المواجهة مع جماعة الحوثي، ويقول: "وضع الجنود في المواقع صعب جدا خاصة هذه الأيام وذلك بسبب انقطاع الرواتب وقلة المصاريف التي لا تتجاوز 500 ريال للفرد في اليوم الواحد وفوق هذا قد ينقطع المصروف أحياناً يومين أو أكثر في الأسبوع".
ويضيف أن "الارتفاع الجنوني للأسعار أثر تأثيرا كبيرا على الجنود مما زاد من معاناتهم وعدم الوفاء بالتزاماتهم تجاه أسرهم وأطفالهم".
واستطرد دعكم قائلا إنه "لا يوجد أي دعم للجنود من قبل الشرعية أو التحالف, فالجنود في الجبهات يعانون من قلة المؤن وقلة المصاريف وانعدامها أغلب الأيام".
يواصل الجندي سرد المعاناة بالقول: "الجندي في جبهات تعز يعتمد اعتماداً أساسياً على راتبه الذي يحصل عليه بعد عناء ومشقة، حيث يتسلم راتبا واحدا كل أربعة إلى خمسة أشهر، وما يأتي الراتب إلا وقد الديون أضعافا مضاعفة".
يختزل دعكم الواقع بعبارته قائلا: "جندي مغلوب على أمره وشرعية قياداتها في الخارج تستلم بالدولار، فهي لا تفكر بهذا الجندي الذي يقاتل في الجبهات وهو يتضور جوعا، الذي يتمنى أن يحصل على مصروف يومه وهو يقاتل من أجل إعادة هذه الشرعية".
سياسة تجويع
وذكر مصدر عسكري لـ"الموقع بوست" أن كافة الاستحقاقات العسكرية حاليا مقطوعة عن الجيش الوطني في تعز، فالسلاح موقف عن تعز منذ نهاية 2016 وكذلك العلاج والمهمات والتغذية والوقود وغيرها من الاستحقاقات.
وأشار إلى أن هناك عداءً موجها لتعز يعمل ضمن عدة مسارات بقوة وإمكانيات وباحترافية، فالمسار الأول هو مسار الحرب المباشرة والمواجهات المسلحة والقصف والقنص والتحشيد والتعزيزات العسكرية للجبهات والاستنزاف اليومي والإنهاك وإشغال للجيش الوطني وإرباكه، حد قوله.
ولفت إلى أن هناك مسار ثانٍ للعداء يتمثل في الحصار وقطع الإمدادات وتوقيف الرواتب وكافة المستحقات,ث والعلاجات للجرحى والإعاشات، وإيقاف الوقود والصيانة والتغذية والمهمات العسكرية.
ونوه المصدر العسكري إلى الحديث عن مسار ثالث يتمثل ببث الشائعات والحملات الدعائية ضد الجيش والتشويه والشيطنة، وتحريض الحاضنة والملشنة والتقزيم والاستقطابات السياسية والحزبية لأفراد الجيش والأمن، وشن حرب نفسية ودعائية مغرضة وتعميم أي خطأ أو زلة والشغل عليها بأساليب وطرق مختلفة وفق متخصصين ومتفرغين، وكل ذلك بقصد جعل الحاضنة الشعبية تتخلى عن الجيش والأمن بل تتمنى زوالهما من الوجود, حد تعبيره.
ويواصل قائلا إن "الحرب الاقتصادية وحرب العملات (قديمة - جديدة) وانهيار العملة المحلية والتضخم والغلاء الفاحش، وتجفيف مصادر الدعم للجيش والأمن ووقف الرواتب للمدنيين والعسكريين وانعدام الخدمات تمثل مسارا رابعا خطيرا في سياق الحرب على تعز.
وطالب المصدر القادات العليا باستشعار المسؤولية وحجم المشكلة والخطر الداهم وأخذ الاحتياطات اللازمة والتدابير والإجراءات للتداعيات المستقبلية المحتملة وتفعيل وسائل المواجهة المكافئة, والبحث عن تحالفات جديدة ومخارج غير معتادة وخلط أوراق اللعبة.
وشهدت مدينة تعز خلال اليومين الماضيين هجوما عسكريا حوثيا على الجبهات شرقي المدينة، أسفر عن قتلى وجرحى من الطرفين، وتمكن أفراد الجيش الوطني من إسقاط طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون على مواقع الجيش الوطني شرقي المدينة.