[ قيادات الانتقالي ومحمد بن زايد والتطبيع مع إسرائيل ]
مع إعلان دولة الامارات العربية المتحدة التطبيع مع الكياني الصهيوني، سارع ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، لإعلان تأييده للخطوة التي وصفها بالإنجاز التاريخي، بحسب ما ورد على لسان نائب رئيس المجلس هاني بن بريك.
ولم يكتفِ الانتقالي بإعلان تأييده التطبيع بل كثفت وسائل الإعلام التابعة له من تغطيتها للحدث، كما هو الحال بقناة عدن المستقلة التي خصصت مساحة واسعة من بثها وبرامجها للحديث والترويج للتطبيع واستضافت عددا من السياسيين والمسؤولين في المجلس للحديث عن ذلك.
ولأن الخطوة سبقتها خطوات أخرى كشفتها عدد من الصحف العالمية وأكدتها تصريحات لعدد من قادة المجلس الانتقالي عن إسرائيل من غير سياق أو حدث يستدعي الحديث عنها، فإن كثيرا من المراقبين لم يبدوا استغرابهم من تأييد الانتقالي للتطبيع.
غير أن تطبيع الإمارات وإعلان الانتقالي تأييده لذلك، كان صادما بالنسبة لكثير من أبناء اليمن وأبناء المحافظات الجنوبية وأنصار المجلس الانتقالي خصوصا، وعده الكثير تجاوزا للخطوط الحمراء وتفريطا بالثوابت وخيانة للقضية الفلسطينية.
انكشاف
مع بدية انطلاق عاصفة الحزم كانت أبو ظبي تحظى بشعبية في الأوساط الشعبية، خصوصا في المحافظات الجنوبية وفي صفوف أنصار الحراك الجنوبي، غير أنها انحسرت بشكل تدريجي مع انكشاف مخططات الإمارات.
ويتوقع أن تؤدي الخطوة لتحول كبير وتأثر على ما تبقى من شعبية لأبو ظبي، نظرا لطبيعة الشعب اليمني المحافظ، إذ تعد القضية الفلسطينية من أهم الثوابت التي لا يمكن التفريط بها.
من موقف الانتقالي تجاه التطبيع، يتوقع أن يفقد كثيرا من شعبيته، فعلاوة على أن الخطوة تلقى معارضة شعبية كبيرة فإنها تظهر الانتقالي على حقيقته، كونه ليس إلا مجرد تابع للإمارات ينفذ كل ما يملى عليه.
نحو التدهور
القيادي في الحراك الجنوبي الدكتور عبد الرحمن الوالي، أكد أن التطبيع أفقد الانتقالي شعبيته.
وقال الوالي -في تغريدة له على تويتر- إن ما وصفه بالتهليل غير المنطقي من الانتقالي جعل أموره تتدهور، مؤكدا أن أغلبية شعب الجنوب ضد التطبيع.
واختتم الوالي تغريدته بالقول: "لقد خسر الانتقالي بدون مبرر منطقي شعبيته بالجنوب"، مشيرا إلى أن عشوائية عمل الانتقالي وعدم وحدة القيادة يفقدانه الجنوب أكثر.
تناقض وتبعية
ويتفق الكاتب والصحفي اليمني صلاح السقلدي مع الوالي بتضرر شعبية الانتقالي بإعلان ابو ظبي التطبيع وتأييد الانتقالي لذلك.
وأكد السقلدي أن إقحام الجنوب وقضيته بموضوع خطير كموضوع التطبيع مع العدو الصهيوني الغاصب يضر ضررا كبيرا بسمعة الجنوب وسمعة الانتقالي.
وقال إن ذلك يصور الانتقالي وكأنه لا يقيم وزنا لقضية شعب مظلوم وهو الشعب العربي الفلسطيني، كما يظهر الانتقالي بأنه يناقض ما وصفه بخطابه التحرري وهو يقف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار السقلدي في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن من شأن انخراط الانتقالي بما وصفه بالنهج التطبيعي سيظهره مجرد تابع للخارجية الإماراتية، موضحا أن الجنوب منذ عقود يعتبر القضية الفلسطينية قضيته، والعدو الصهيوني عدوه الذي لا يمكن التصالح معه طالما وهو ما يزال يغتصب أرض فلسطين والقدس الشريف.
وأكد أن الجنوب خلال عقود الصراع العربي الإسرائيلي قدم تضحيات كبيرة تمثلت بالدماء الزكية والسلاح والمواقف الإعلامية والسياسية ونحوها من الدعم والمساندة.
وعبر السقلدي في ختام حديثه عن أسفه من موقف هاني بن بريك الذي هرع للتصفيق لما وصفه بـ"العار" الذي أقدمت عليه الإمارات، وأن يدع الأمر لقيادة المجلس الانتقالي لتقرر كيف تتعاطى مع الأمر، إذ يتوجب على المجلس أن يكون رافضا لهذا التطبيع، حد قوله.
انقسام وتفوق للخصوم
الكاتب والصحفي اليمني عبد الرقيب الأبارة، يرى أن تطبيع الإمارات مع الاحتلال الصهيوني لم يكن ليشكل أي تأثير على المجلس الانتقالي الجنوبي لو لم تسارع قيادات الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا لاعتبار ذلك منجزا عظيما.
وأكد الأبارة في حديثه لـ"الموقع بوست" أن هذا الاعتراف كشف الكثير من نيات المجلس الانتقالي، الذي قال إنه مستعد للتخلي عن الثوابت الوطنية والعربية والدينية لتحقيق أهدافه.
وأوضح الأبارة أن موقف الانتقالي لاقى ردود فعل شعبية كبيرة واستهجانا واسعا، مؤكدا أن الكثير من قيادات الصف الثاني أدانت الترحيب بالتطبيع، مشيرا إلى أن هذا يؤشر على وجود انقسام داخل المجلس.
وعن تأثيرات ترحيب الانتقالي بتطبيع الإمارات مع إسرائيل، قال الصحفي الأبارة إن المجلس تأثر كثيرا بذلك إذ بدأت أوراقه تتساقط كممثل للجنوب كما يدعي، خاصة أن ذلك تزامن مع احتشاد كبير دعا إليه الائتلاف الوطني الجنوبي الذي رفض التطبيع وبذلك أعطى لنفسه نقطة تفوق على الانتقالي سواء على مستوى القيادات أو حتى المستوى الشعبي.