[ أرشيف ]
عقب صدور القرار الجمهوري في العاشر من يوليو/ تموز 2020، القاضي بتعيين العميد عبدالرحمن الشمساني قائدا اللواء 35 مدرع خلفا للحمادي، بدأت فصائل عسكرية مسلحة في اللواء معارضتها للقرار وممارسة أعمال تمرد بدعم من قبل الإمارات ومليشيات طارق صالح المسيطرة على الساحل الغربي.
تمتلك الفصائل المسلحة المتمردة على قرار الرئيس هادي أسلحة ثقيلة ومدرعات استحوذت عليها من اللواء عقب مقتل العميد عدنان الحمادي، وتحظى بدعم أطراف سياسية وإعلامية، بينها قيادات تابعة للمؤتمر الشعبي العام جناح طارق صالح، والتنظيم الوحدوي الناصري؛ الحزب الذي اصطف خلف الأجندات الإماراتية في المحافظة.
بداية التمرد
عقب القرار الذي أصدره الرئيس هادي وبعد تسلم العميد الشمساني قيادة اللواء 35 مدرع في الـ25 من يوليو/ تموز الماضي بإشراف مباشر من محافظ المحافظة نبيل شمسان المكلف رسميا من الرئيس هادي لمتابعة تمكين الشمساني من تسلم مهمامه كاملة في اللواء؛ بدأ المتمردون في اللواء بقيادة المدعو "فؤاد الشدادي" بالتصعيد ضد الجيش.
تمثل تصعيد المتمردين في السيطرة على مقرات اللواء في منطقة العين غربي المحافظة، إضافة إلى السيطرة على معدات عسكرية تابعة للواء ومخصصاته المالية التي تسلمتها تباعا بعد وساطات قام بها محافظ المحافظة، إلى جانب استحداث نقاط ومواقع عسكرية جديدة وفرض السيطرة على مناطق واسعة في الحجرية تبدأ من منطقة العين حيث مقر اللواء الرئيسي وتنتهي في نقطة البيرين والتلال المجاورة لها، إضافة إلى السيطرة على جبل بيحان وتسليمه لعادل العزي القيادي في كتائب أبي العباس الموالية للإمارات.
ومنذ مطلع يوليو الماضي، شرع المتمردون باتخاذ إجراءات تصعيدية تمثلت في منع عبور قيادات بالجيش والمقاومة لمناطق الحجرية ونصبت عددا من الكمائن العسكرية، من ذلك منع مرور العميد الشمساني المعين بقرار جمهوري واللواء عبد العزيز المجيدي قائد اللوء 170دفاع جوي.
تصعيد مستمر
نصب المتمردون في اللواء 35 مدرع، الثلاثاء الماضي، كمينًا للشيخ شوقي سعيد المخلافي (شقيق قائد المقاومة الشيخ حمود سعيد المخلافي)، نجا خلاله من محاولة اغتيال في منطقة البيرين جنوبي تعز.
وقالت مصادر محلية إن المتمردين في اللواء 35 مدرع المدعومين من قبل قوات طارق صالح أطلقوا النار على موكب الشيخ شوقي سعيد خلال عبوره لتقديم العزاء للشيخ "عبد الرقيب الشرجبي" أحد مشايخ الحجرية في وفاة زوجته.
وقال الشيخ شوقي سعيد المخلافي في حديثه لـ"الموقع بوست": "قبل خروجنا من تعز أبلغنا كل الجهات المختصة بأننا سنخرج لأداء واجب العزاء للشيخ عبد الرقيب أحمد سيف الشرجبي بوفاة زوجته".
وأضاف: "قبل وصولنا منطقة البيرين تقدم أحد الأطقم التابعة لنا الموكب، وحين صل إلى النقطة العسكرية (نقطة البيرين) تفاجأ بوجود أحجار تقطع الخط".
وتابع: "ترجل الأفراد من الطقم وأزاحوا الأحجار عن الطريق ثم تحركوا قليلا، وإذا بأحجار كبيرة تقطع الخط نهائياً، أجبرت كافة المسافرين إلى العودة بعد انقطاع الطريق".
وأردف: "في النقطة كان يوجد بعض الأفراد، سألوا أحد أفرادنا: تتبعون من أنتم؟ فأجاب: نتبع الشيخ شوقي، أجابه الجندي باضطراب وصوت مرتفع، تتبعون الشيخ؟ انتظر! وخلال ذلك تمترس ثلاثة أفراد خلف أكوام التراب".
وبحسب الشيخ المخلافي فإن الاشتباكات اندلعت عقب حديث متوتر بين الطرفين، أسفر عن إصابة أحد مرافقي المخلافي، في حين باشر أفراد آخرون بالقصف برشاش من مكان قريب خلف الجبل.
يقول المخلافي: "عاد صاحبنا باتجاهنا، قابلناه في سوق البيرين، أخبرنا بما حصل، حاولنا أن نتقدم فاستقر رأينا على عدم التصعيد ثم توقفنا ووزعنا الأفراد في التلال القريبة".
وذكر المخلافي أنه تلقى اتصالا من الشيخ حمود سعيد، الذي اقترح عليه العودة وتجنب التصعيد.
وطالب المخلافي الأجهزة الأمنية والجهات المعنية في تعز بإزالة النقاط التابعة للمتمردين وفرض هيبة الدولة في المحافظة.
وعقب الحادثة أصدر "التجمع الوطني لأحرار اليمن" بيانًا أدان فيه ما تعرض له رئيس التجمع الشيخ شوقي، واصفاً الحادثة بالأمر الخطير.
اتساع دائرة التمرد
وفي السابع من أغسطس الجاري، تعرض قائد الشرطة العسكرية العقيد محمد الخولاني لمحاولة اغتيال في مفرق جبل حبشي غربي تعز، من قبل عناصر تابعة للمدعو توفيق الوقار، الموالي لعادل العزي القيادي في كتائب أبي العباس.
وعقب الحادثة عمد مدير أمن مديرية جبل حبشي المتمرد توفيق الوقار، إلى اعتراض حملة أمنية مشتركة خرجت لتلقي القبض على أحد المطلوبين أمنيا وأطلق عليها النار، الأمر الذي أدى إلى اندلاع أشتباكات بين الوقار والحملة الأمنية انتهت بإنهاء التمرد.
وفي الـ24 من يوليو الماضي، تعرض منزل القيادي في اللواء الرابع مشاة جبلي "عبده نعمان الزريقي" للقصف المسلح من قبل عناصر متمركزة في جبل بيحان الواقع تحت سيطرة المتمردين.
وجاءت الحادثة بعد مسيرة مسلحة للمتمردين في التربة تطالب بالقصاص من قاتل أحد الجنود التابع لهم، وقام أفراد في المسيرة بإلقاء قنبلة جوار منزل القيادي في الجيش "الزريقي"، أسفرت عن إصابة أحد الجنود.
وعقب ذلك بيومين قامت عناصر مسلحة تابعة للمتمردين بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين في الحجرية، أسفر عن إصابة 11 متظاهرا، في حادثة أدانتها الأحزاب والمنظمات بمحافظة تعز.
في الـ18 من يوليو الماضي، قامت مجاميع مسلحة تابعة لعادل الحمادي، قيادي في اللواء 35 مدرع، بمحاصرة القيادي في الجيش"حبيب السامعي" في منتزه العين، انتهى إلى صلح مؤقت لتتجدد الاشتباكات بينهما في وقت لاحق وتسفر عن إصابة عدد من الأفراد من الطرفين.
في الـ17 من أغسطس الجاري، اعترضت نقطة عسكرية تابعة للمتمردين في منطقة البيرين طقم القيادي في المقاومة ضياء الحق الأهدل خلال عبوره إلى بلاده في سامع للمشاركة في دفن جثمان عمه، الأمر الذي اضطره للعودة لمدينة تعز.
واندلعت اشتباكات مسلحة أمس الأول، بين مسلحين يتبعون طارق صالح قدِموا من جبهة الساحل الغربي يساندهم مسلحون من اللواء 35 مدرع من جهة، وأهالي القرى المحيطة بالتربة من جهة أخرى، على خلفية محاولة المتمردين الصعود إلى جبل "يمين" الواقع في محيط عزلة العزاعز.
وفي ظل تفاقم التمرد بمحافظة تعز تصاعدت دعوات شعبية لضبط المتمردين وإحالتهم للعدالة.
في السياق، ذكّر القانوني حمود الذيب، في منشور بصفحته على فيسبوك، الرأي العام بالعقوبات القانونية الواجبة ضد كل من يمس قضايا أمن الدولة الداخلي.
يقول الذيب: "تنص المادة 132 في الدستور اليمني على معاقبة المتمردين بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن 10 أعوام".
وتشمل العقوبة كل من يتولى القيادة العسكرية بغير تكليف من السلطة المختصة، وكل من يحاول الاستمرار في القيادة العسكرية بعد صدور توجيهات من السلطة المختصة بإقالته.
تداعيات
في الـ18 من أغسطس الجاري، تم الإعلان عما سمي بالمجلس الأعلى لأبناء الحجرية، ضم قيادات سياسية ومشايخ قبلية أبرزهم: الشيخ سلطان البركاني القيادي المؤتمري المعروف، حيث يشغل هذا الأخير منصب رئيس الهيئة الاستشارية في المجلس.
وقالت مصادر إن قيادات المجلس هي خليط من شخصيات مؤتمرية وناصرية موالية لطارق صالح وتحاول تنفيذ أجندته وفق المخطط الإماراتي.
ومطلع مارس الماضي، تأسس مجلس تنسيق الحراك الشعبي التعزي في الحجرية، ويضم الأحزاب: الاشتراكي والناصري والمؤتمر الشعبي العام، ويعمل لخدمة الأجندة الإماراتية ذاتها.
وبحسب مصادر مطلعه فإن الحجرية تشهد استقطابا للشباب من الفئات الأشد فقرا تحت ما يسمى قبائل الحجرية، مؤكدة أن تلك المجاميع تُجند ضمن قوام لواء عسكري أطلق عليه "اللواء العاشر" تحت قيادة عادل العزي القيادي في كتائب أبي العباس.
تفاقم الصراع
في السياق، حذر القيادي في حزب المؤتمر عادل الشجاع، في منشور بصفحته على فيسبوك، من تحول مناطق الحجرية إلى بؤرا للصراع، حيث تشهد هذه المناطق حالة من الاحتقان تضاعف بعد مقتل اللواء عدنان الحمادي في ديسمبر 2019.