[ مليشيات الانتقالي الجنوبي تسيطر على مينى محافظة سقطرى ]
سقطت محافظة أرخبيل سقطرى بيد مليشيات ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة من الإمارات العربية المتحدة، بعد أشهر من التوتر هناك والصدام المباشر بينها وقوات الجيش.
وسيطرت مليشيات الانتقالي اليوم الجمعة على مبنى مديرية أمن حديبو عاصمة سقطرى. وقال وزير الثروة السمكية فهد كفاين -في منشور بصفحته على فيسبوك- إن المحافظة تعرضت للقصف العشوائي من قبل مليشيات الانتقالي، داعيا التحالف العربي إلى تحمل مسؤوليته في إيقاف العبث وحماية الأرخبيل وفرض النظام فيه.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من توقيع اتفاق بين القوات الحكومية ومليشيات الانتقالي، هدف لتطبيع الأوضاع الأمنية في الجزيرة، وتضمن بنودا عدة هي إعادة جميع الآليات والعربات العسكرية إلى مقراتها، ومنع خروج السلاح والعربات خارج الوحدات العسكرية، إلا بعد التنسيق مع التحالف.
لكن الاتفاق كالعادة لم يصمد، كما هو شأن الوساطات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في الأرخبيل والتي انتهت بسقوط سقطرى، وتم إعلان فشله مع استكمال المليشيات تحقيق أهدافها.
واتهم شيخ مشايخ سقطرى، عيسى السقطري، السعودية مؤخرا بالتمهيد لمليشيات الانتقالي، لاقتحام مدينة حديبو عاصمة الأرخبيل، موضحا -في تصريحات صحفية- أن هناك تبادل أدوار بين السعودية والإمارات بالتآمر على الجزيرة.
وبرغم وضوح المشهد في سقطرى وسقطوها بيد المليشيات، إلا أن الحكومة وقفت متفرجة على ما يجري مع أن أغلب القبائل هناك تؤيدها، واكتفت بتصريحات نقلتها صحيفة الشرق الأوسط عن المتحدث باسم الحكومة راجح بادي، الذي قال إن بلاده تثق تمام الثقة بحرص السعودية على أمن ووحدة واستقرار اليمن.
مخطط مدروس
شهدت سقطرى خلال الفترة الماضية عدة انقلابات ومحاولات تصفية للشخصيات الداعمة للحكومة بدعم إماراتي وصمت سعودي تغير مؤخرا إلى دعم على أرض الواقع أيضا، أثار تساؤلات عديدة حول طبيعة الدور الذي كانت تقوم به، وما إذا أصبحت تتحكم بقراراتها الإمارات.
وفي صعيد ذلك، يقول الإعلامي عبد الكريم الخياطي إن ما حدث في سقطرى وما يجري منذ فترة لا يمكن أن يكون بمعزل عما يدور في مناطق يمنية أخرى.
يوضح وجهة نظره تلك لـ"الموقع بوست" بقوله إن سيطرة الانتقالي على عاصمة الجزيرة جاء بتنسيق سعودي إماراتي، فالقوات التي تسيطر على الجزيرة باتفاق سياسي هي سعودية وقوات الانتقالي في الجزيرة لم تكن تتعدى كتيبة، ولا وجود لأرضية جماهيرية للمجلس في سقطرى المسالمة، وخلال الشهور الماضية جرت عملية جلب قوات من الضالع وهي قوات تدرب معظمها بإريتريا، وكانت السلطة المحلية تناشد الشرعية والسعوديين المسيطرين أن يتم إيقاف جلب المتمردين، وأن تتوقف عملية شراء ولاء القادة.
ويعاود الخياطي التأكيد على ترابط الأحداث في سقطرى وجبهات ومدن أخرى، معتقدا أنه تم التواطؤ من أطراف في الحكومة الشرعية وقوات السعودية في عدن على السماح للانتقالي بالترصد ونهب 80 مليار ريال يمني، ليتم تمويل قواته ووشراء الولاءات في الجنوب.
إضافة إلى ذلك، فالتحركات العسكرية في المهرة، هي بنود إضافية وغير معلنة لاتفاق الرياض الذي ترعاه المملكة، وتحاول فيه استرضاء شريكتها الإمارات لإبقاء تحالف البلدين مدة أطول، بحسب الإعلامي اليمني.
وتابع: "صاحب هذا المخطط ضجيج إعلامي منذ أسبوع على معركة البيضاء التي خذلت فيها السعودية والإمارات الشيخ المؤتمري ياسر العواضي، وكان دفعهم له للمجابهة مجرد إشغال للشرعية وللرأي العام عما يحدث في سقطرى".
وهو يتوقع حدوث هدنة جديدة واتفاق في الأيام القادمة، بشكل يخدم مصالح الإمارات التي وعدت دولا كبرى بتحويل الجزيرة إلى مركز نفوذ عسكري واستخباراتي.
تبادل أدوار ومخاطر
ومنذ تحرير الجنوب وتشكيل ما يعرف بـ"الانتقالي الجنوبي"، بدأ العمل على فصل الجنوب عن الشمال بدعم إماراتي يتيح لها التحكم بالسواحل عبر المليشيات التابعة لها، وتحقيق أهدافها الخاصة مع السعودية من التدخل في اليمن، وأصبح الخطر يقترب من المحافظات التي تؤيد بشدة الحكومة وأبرزها شبوة.
ويرى الصحفي كمال السلامي أن هناك توجها لتمكين المجلس الانتقالي من الجنوب عموما، وهذه المرة السعودية متورطة بشكل فاضح في تمكين الانتقالي من السيطرة على سقطرى.
وأكد في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن مشروع التحالف العربي أصبح أكثر وضوحا، فالسعودية باتت تعتمد على المليشيات تماما كالإمارات، وما حدث سابقا لم يكن سوى تبادل أدوار.
وتزداد مخاوف السلامي من انتقال الوضع إلى المهرة وشبوة، بعد أن أعلن الانتقالي الإدارة الذاتية، واستيلائه على أموال البنك بضوء أخضر من التحالف، وقيامه بالتصعيد في سقطرى.
أما الهدف من ذلك، فهو تقسيم اليمن، وخلق سلطة ضعيفة في كل منطقة تنفذ أجندة التحالف ليس إلا، بحسب السلامي الذي يشعر بالأسف من ردة فعل السلطة اليمنية وقيادتها، ومساهمتها في تمكين التحالف من تنفيذ خططه، بصمتها وعجزها عن التصرف.
أما المطلوب الآن، من وجهة نظره، هو إيجاد شرعية شعبية بدلا من الشرعية الحالية، للقيام بمهمة الدفاع عن الدولة وعن المسلمات الوطنية، كالوحدة والسيادة وغيرها بعد أن أصبحت رموز الشرعية والحكومة جميعهم بيادق في "يد أعداء الوطن"، حسب تعبيره.
وظلت سقطرى طوال السنوات الماضية بعيدة عن الحرب التي تشهدها اليمن، إلى أن بدأت الإمارات بتوجيه أنظارها صوبها منذ أواخر 2015 طمعا في إيجاد نفوذ لها في مواقع إستراتيجية تتوفر لها عن طريق اليمن، ولم تكن السعودية بعيد عن ذلك بعد تقاسم الدولتين النفوذ والمصالح.
وأطماع الإمارات في الجزيرة ليس فقط لموقعها الإستراتيجي كونها تشكل نقطة التقاء بين المحيط الهندي وبحر العرب، إضافة إلى أنها مطلة على مضيقي هرمز وباب المندب، بل لوجود ثروة حيوانية وطبيعية فيها وتنوع نباتي وحيواني نادر.