[ أفراد من مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في عدن ]
يبدو الوضع في المحافظات الجنوبية غاية في التعقيد، خاصة مع تصاعد حدة التوتر في محافظة أرخبيل سقطرى، ووصولها إلى مراحل غاية في الخطورة.
فقد شهدت سقطرى تمرد عدد من القادة العسكريين وكتائب في الجيش طوال الفترة الماضية، قوبلت بصمود واضح من السلطة المحلية والجيش الذي تمكن من استعادة معسكر القوات الخاصة بعد أشهر من سيطرة مليشيات الإمارات عليه، وكذا مطار سقطرى.
إضافة إلى محاولة اغتيال المحافظ رمزي محروس، والهجوم المسلح الذي استهدف الشيخ عيسى بن ياقوت شيخ مشايخ أرخبيل سقطرى المعروف بولائه للسلطة.
ويحشد الانتقالي منذ فترة في أبين وعدن وسقطرى، ويتواصل دعم الإمارات لهم بوصفهم ذراعها في الجنوب الذين تعتمد عليهم بعد انسحابها الشكلي.
يحاول الانتقالي في سقطرى إعادة ترتيب صفوفه، وأقال رئيسه هناك، والنائب الأول والثاني له أيضا.
دعوات وقف إطلاق النار المتكررة لا تجد آذانا صاغية في اليمن، بسبب تصعيد ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي" في الجنوب، وتحرك الحوثيين أيضا في الشمال.
تعليقا على ما يجري قال وزير النقل المستقيل صالح الجبواني، إن التنسيق بين إيران ودولة الإمارات وصل مراحل متقدمة في اليمن، ويهدف إلى تقسيم البلاد.
تضاؤل نفوذ وضغوط
في صعيد ذلك يرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن التصعيد الأخير للانتقالي في محافظة أبين يستند إلى تقديرات حقيقية بأن نفوذ المجلس المدعوم من الإمارات في عدن ومحيطها مهدد بالسقوط، على ضوء التحركات العسكرية التي يبدو أن السعودية ترعاها خصوصاً في أبين حيث يتعزز الاعتقاد بأن الجيش ربما يقرر الزحف باتجاه عدن في أي لحظة.
ويفسر التميمي ذلك التوجه السعودي في حديث مع "الموقع بوست" بأنه لحمل المجلس الانتقالي على الانصياع لإرادتها والخروج من عباءة الإمارات التي تشجع المجلس وقواته على التمرد وعدم تنفيذ اتفاق الرياض التي لا خيار أمامها سوى تنفيذه، على الرغم من أنها ليست حريصة على استعادة نفوذ الشرعية بل خلق مناخ يتعايش فيه الطرفان تحت النفوذ السعودي إلى أن تنتهي المعركة مع الحوثيين.
ويحاول الانتقالي -وفق التميمي- وبإيعاز من الإمارات إرباك الرياض وخلق المزيد من المتاعب أمامها، ومن ذلك التصعيد الإعلامي ضد القوات السعودية ومنع وصول الإمدادات العسكرية إلى جبهات القتال ضد الحوثيين وتشجيع أعمال التمرد في سقطرى.
سيناريو مدروس
وبالنظر إلى لتحشيد الانتقالي منذ فترات طويلة، يقول الصحفي هشام المحيا إن المجلس يعلم مسبقا أن اتفاق الرياض ليس إلا تمثيلية يتم من خلالها تهدئة الأوضاع من جهة ومنحه شرعية على الارض، ويصبح أحد أطراف النزاع الذين سيرسمون أي خطوط مفاوضاتية محتملة مستقبلا بعد أن كان لا شيء من جهة أخرى.
وشبه في سياق حديثه مع "الموقع بوست" وضع الانتقالي مع اتفاق الرياض بوضع الحوثي في 2014 مع اتفاق السلم والشراكة الذي استطاع من خلاله أن يشرعن لنفسه البقاء بصنعاء، ويهدء الأجواء قليلا قبل أن يدخل المرحلة التالية وهي إحكام قبضته على السلطة، وهو ما يقوم به المجلس الآن الذي لم ينفذ اتفاق الرياض.
حرب أخرى
المؤشرات كما يؤكد التميمي تفيد بأن حرباً قد تتجدد في أبين وعدن وتنهي ربما نفوذ المجلس الانتقالي، في وقت يهيئ فيه ذاك المجلس نفسه لخوص معركة طويلة مع السعودية والقوات الحكومية، لذا يعيد تمركز قواته ويسحب الأسلحة من عدن ويستأثر حتى بالمقدرات المدنية بما في ذلك الوقود الخاص بشركات الطاقة.
وعلى ما يبدو بالنسبة للمحيا فإننا سنعيش جولة حرب جديدة، ولكن هذا مرتبط بأمرين الأول فشل الهدنة التي بين الحوثيين والشرعية، والثاني إحراز الجيش الوطني لتقدمات كبيرة.
حينها سيتحرك الانتقالي لتخفيف الضغط عن الحوثيين وإرباك صفوف الشرعية وهذا الأمر لم يعد خفيا فالتنسيق بينهما واضح وبإشراف الإمارات، أما إن حدث العكس فإن الاحتمال الأكبر هو تأجيل الانتقالي لمعركته الشبيهة بمعركة الحوثي بصنعاء، بحسب المحيا.
وهو يتوقع أيضا -بدرجة أقل- قيام الجيش باستدراج قوات الانتقالي لمواجهة عسكرية ينوي من خلالها تحرير عدن، وهذه المرة ربما بدعم سعودي غير مباشر.
ومنذ توقيع الحكومة والانتقالي على اتفاق الرياض الذي تم برعاية سعودية، لم يتم تنفيذ بنوده واستمر المجلس بالتصعيد ضد الحكومة.
صفقة
من جهته يعتقد المحلل السياسي خالد الشودري في تغريدات له على تويتر أن أبوظبي تسعى إلى ترسيم حضورها في سقطرى بصفقة منفردة مع الرياض قائدة التحالف مقابل تسليم عدن للشرعية، وإنهاء تمرد أدواتها وإلزامهم باتفاق الرياض ولا يخفى استغلالها لملف الجنوب للمساومة لتحقيق مكاسب إستراتيجية بالنسبة لها في سقطرى حيث لا تخفي أطماعها فيها منذ بداية الحرب.
وكان محافظ سقطرى توعد بمحاسبة كل من تورط في الفوضى، كما وجه أجهزة الدولة بمراقبة التحويلات البنكية النقدية التي تستغلها مليشيا المجلس لتمويل أعمال العنف والتمرد في المحافظة.
وأعلن لاحقا مشايخ محافظة أرخبيل سقطرى تأييدهم لكافة إجراءات السلطة المحلية لضبط الأمن في المحافظة، مطالبين السعودية بحماية الشرعية هناك، وهو التساؤل الذي يبقى مفتوحا بانتظار أن تكشف الأيام المقبلة ردة الفعل السعودي.