[ وفد الأمم المتحدة في ميناء الحديدة ]
تواصل جماعة الحوثي التصعيد بشكل كبير ضد السلطة اليمنية في العديد من المحافظات، أبرزها الجوف التي أسقطتها قبل أيام بعد توسعها في نهم شرقي صنعاء.
وانسحب الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار من نقاط مراقبة وقف إطلاق النار في الحديدة، أمس الأربعاء، بعد إصابة أحد ضباطه برصاص قناص حوثي.
وما يبدو لافتا، هو استمرار تصعيد الحوثيين ضد الحكومة، وعدم اتخاذ الأمم المتحدة موقفا رادعا لهم للتخفيف من التوتر الحاصل.
يعزز ذلك، الموقف المُغاير الصادر من المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث الذي طالب، في زيارته إلى مأرب، الحكومة بخفض التصعيد بشكل فوري برغم سيطرة الحوثيين على الجوف.
إضافة إلى ذلك اعتبر سابقا رئيس بعثة الأمم المتحدة ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة أبهيجيت جوها، أن الغارات الجوية التي ينفذها التحالف العربي على مواقع الحوثيين في ميناء الصليف في المحافظة، تعرقل عملية السلام وتهدد تنفيذ اتفاق الحديدة.
ووصل غريفيث يوم الأربعاء إلى صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في زيارة هي الثانية خلال أقل من أسبوعين، دون أن يحدث أي تأثير إيجابي لتحركاته على صعيد ملف السلام.
بدا ذلك كما لو أن الأمم المتحدة أعطت الحوثيين الضوء الأخضر للتحرك على الأرض ومواصلة التصعيد، وفرض أمر واقع في اليمن.
وكانت الحكومة اليمنية اتهمت الحوثيين بعرقلة إتمام صفقة تبادل الأسرى التي تم التوصل إليها في فبراير/شباط الماضي، وذلك بمطالبهم الإفراج عن أسماء وهمية غير موجودة في السجون، وترفض الإفراج عن الصحفيين وكبار السن، وفق مصدر حكومي تحدث لصحيفة عكاظ.
تواطؤ أممي
ومع استمرار ذلك التصعيد يؤكد الصحفي كمال السلامي أن التحركات الأخيرة للحوثيين ما كان لها أن تتم، لو لم يكن هناك تواطؤ أممي.
وفي تصريحه لـ"الموقع بوست" قال إن المبعوث الأممي الخاص باليمن، أصبح طرفا ثالثا ولم يعد وسيطا، ويعود ذلك إلى صمته حتى أسقط الحوثيون نهم وكادوا أن يكملوا السيطرة على الجوف، ثم جاء لمأرب ليفاوض بعد أن نجح في تجميد بقية الجبهات وخصوصا الساحل.
ولفت إلى انطلاق الحوثيين في مماطلاتهم من موقفهم الميداني، الذي تعزز مؤخرا بإسقاط تلك الجبهات الهامة.
والعملية التي أطلقها التحالف في الحديدة برغم مبرراتها الميدانية، إلا أنها -وفق السلامي- أثارت حفيظة جوها والبعثة الأمية، وهو ما يدل على طبيعة الدور المرحلي السيء والمشبوه الذي تتبناه الأمم المتحدة.
وتوقع أن يسعى الحوثي لمقايضة الحديدة بمأرب، وبتواطؤ أممي، مشيرا إلى زيادة قوة الحوثيين بعد تقدمهم الأخير، واستغلالهم لارتباك الشرعية، واستمروا بذلك في التصعيد المتواطئة معه الأمم المتحدة، عبر تجاهلها خروقاتهم حتى وسعوا مناطق سيطرتهم.
استغلال ثغرات
وينظر الإعلامي عبد الكريم الخياطي إلى ما يجري بأنه استغلال من قبل الحوثيين لمعطيات كثيرة، بهدف التوسع و تحسين موقفهم التفاوضي.
من أهم تلك المعطيات -كما يفيد لـ"الموقع بوست" هي حالة الشك التي تتوسع بين مكونات الشرعية مع بعضها البعض، وكذا ضعف ثقة السعودية بمعظم القيادات الميدانية، وليس المتواجدة بين الرياض وعدن ومأرب ، فضلا عن إحباط أفراد الجيش وقياداته الميدانية بسبب أخطاء كارثية، وانقطاع الرواتب والتململ المستمر بسبب تصرفات الإمارات.
كما يستغل الحوثيون انشغال السعودية بالوضع الداخلي والترتيبات داخل الجيش والداخلية التي يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لضمان إبعاد كل الحرس السابق من الذين لا يضمن ولاءهم، وفق الخياطي.
وأشار إلى أن التصعيد الأخير سبقه عمل استخباراتي للحوثيين بدعم إيران وحزب الله، من اختراق لاتصالات الجيش، فضلا عن ثقة الجماعة بأن القوات في المناطق التي أشعلها يعاني نقصا في التسليح و الاستعداد عما كان عليه قبل سنتين.
ومن وجهة نظر الإعلامي الخياطي فمن الأشياء الخطيرة التي عاناها الجيش الوطني، هي ضعف الاستخبارات العسكرية و الأمنية، خاصة بعد انتقال معظم قيادات الجهازين للعمل في مراكز داخل السعودية والبحرين التي يتواجد فيها رئيس الأمن القومي السابق، فصارت القوات الحكومية لا تمتلك المبادرة الأمنية والعسكرية، وأصبحت تنتظر أن يعرض أولئك القيادات تقاريرهم على ضباط غير يمنيين، ثم تأتي التعليمات بعد أيام بسبب البيروقراطية داخل مؤسسات دول التحالف.
ويؤكد الخياطي أن هناك معطيات كثيرة يجب أن لا يتجاهلها كل الشرفاء داخل الجيش الوطني ومؤسسات الشرعية وأحزابها، لكنه لا يبدو متفائلا بإمكانية معالجتهم لتلك النقاط نظرا لتباعد الأهداف، وغياب وحدة الموقف.
ولخص حديثه بالقول: "الحوثيون يقومون بما يجب أن يقوم به أي عدو لخصمه الغافل، فيتوسعون ويهاجمون بشكل خاطف في ظل تزايد قدراتهم الاستخباراتية العسكرية".
يُذكر أن عضو مجلس الشورى والقيادي بحزب الإصلاح صلاح باتيس، دعا الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى العودة بشكل نهائي إلى داخل البلاد، ليكونوا على مقربة من الميدان والجيش، وحتى لا يخسروا أكثر ثقة الشعب بمقدرتهم على قيادة المرحلة.