[ وقفة احتجاجية لأمهات المخفيين قسريا بسجون سرية تشرف عليها الإمارات في عدن ]
حققت المرأة اليمنية كثيرا من الإنجازات برغم الصعوبات الكثيرة التي تواجهها بسبب الحرب، ونالت بعض حقوقها، لكن التحديات ما تزال تقف عائقا كبيرا أمامها، وفشلت بعض النساء من تخطيها.
ويصادف اليوم الذكرى العالمية للمرأة العالمية، التي تعيش وضعا مزريا داخل اليمن، بسبب تبعات الحرب التي أثرت على نفسيتها، وزادت أعباء الحياة عليها، حتى باتت الحقوق مجرد ترف بالنسبة لكثير من النساء.
استمرار الحرب وغياب الدولة جعلا بعض الجهات كالحوثيين يضاعفون معاناة المرأة، ويجردونها من أبسط حقوقها، والتعدي على حرياتها الشخصية حتى، وتعريضها للسجن والتشريد.
وانتشرت كثير من الظواهر التي حملت في مجملها زيادة معاناة المرأة، خاصة مع انتشار زواج القاصرات، وإيقاف الفتيات عن التعليم بسبب عدم توفر الأمن.
واقع مرير ونضال
هدى الصراري، الناشطة التي فازت بجائزة "مارتن إليانز" لحقوق الإنسان للعام 2020، تقول إن المرأة تناضل في كل مجالات الحياة منذ تعاقب الأنظمة في اليمن، حتى نالت بعض حقوقها في سبعينيات القرن الماضي وفق قواعد تشريعية نص عليها قانون الأسرة، وآمنت بها القيادات السياسية في ذلك الوقت، واقتحمت بنضالها الدؤوب المجال السياسي والاقتصادي والثقافي، واحتلت مكانة اجتماعيه راقية واستندت في ذلك على القوانين التي أنصفتها.
لكن حاليا وبفعل الحروب المتعاقبة، تؤكد الصراري لـ"الموقع بوست" تراجع مستوى حقوق النساء في اليمن بشكل ملحوظ، وتداخل ظواهر اجتماعية على مجتمعنا اليمني، وأفكار متشددة استطاعت عبر منابرها نشرها وأثرت بشكل أو بآخر، على مستوى تقدم النساء من واقع التنشئة الأسرية التي تعد اللبنة الأولى في تشكيل مستقبل المرأة وخروجها للمجتمع واستمرارها في نيل حقوقها.
وبحسب الصراري فإن القيادات والأحزاب السياسية لم تنصف النساء بالرغم من وصولها لمستوى عالٍ جدا في التدريب والتأهيل، واحتكرت نشاطها العملي في دوائر المرأة وأحجمت نشاطها الإداري في مواقع صنع القرار.
وهو ما تتفق معه الناشطة ياسمين القاضي التي فازت بجائزة الشجاعة الدولية للمرأة للعام الجاري، فهي تؤكد أن أكبر تحدٍّ يواجه المرأة هو الحرب ومخاطرها.
وأوضحت لـ"الموقع بوست" أن استمرار الحرب شكل عائقا كبيرا، إذ كانت المرأة قبل الحرب تعمل على إزالة العوائق والأطر التقليدية التي تعيق عمل المرأة.
واقع المدافعات عن حقوق الإنسان
برزت كثير من أسماء النساء خاصة في فترة الحرب دفاعا عن حقوق الإنسان، إلا أنهن يواجهن العديد من الصعوبات والتحديات، توجزها الناشطة الصراري بذكرها الأفكار التي تحجم النساء وتتسلط عليهن عبر شن هجمات التهديد وتلويث السمعة، أو إقحامهن في مماحكات سياسية عقيمة والزج بهن في أتون صراعات مخيبة للآمال.
وتلفت إلى رابطة أمهات المختطفين والمخفيين قسريا ومستوى تفانيهن في نضالهن في المطالبة بأبسط حقوقهن، وعدم استسلامهن لكل الخيبات التي تلاحقهن أكان من المجتمع الدولي أو المنظمات الإنسانية والحقوقية، وكذلك صناع القرار في الحكومة الشرعية، وصمودهن بصلابة إلى أن اعترف العالم بقضيتهن.
وتطرقت إلى ما ترتكبه مليشيات الحوثي من انتهاكات جسيمة بحق النساء، لدرجة إنشاء جهاز مليشاوي نسوي لارتكاب جرائم بحق المرأة، في مناطق سيطرة المليشيات، مطالبة بإنقاذهن وانتشالهن من الواقع المرير في ظل الحرب.
سقف طموح آخر
الإعلامية في قناة "بلقيس" أمل علي، هي الأخرى تحدثت عن تغير حال المرأة في ظل الحرب، بعد أن كنا نتحدث بسقف مرتفع من الحقوق كالتمكين السياسي والمشاركة بصنع القرار وغيرها، أصبحت المطالب اليوم بلسان الجميع امرأة وطفل ورجل، تتلخص في حق الحياة والعيش بسلام وأمان.
وبرغم ذلك، إلا أنها تؤكد لـ"الموقع بوست" أن كل ذلك لا يلغي الحقوق أو يعد ترفا المطالبة بها في هذا الظرف الذي تمر به البلاد، فمعركة الحقوق لا تتجزأ ولا تؤجل، وإنما فقط ترتيب أولويات، مطالبة النساء بعدم الاستسلام، ومواصلة المشوار بذات العزيمة والقوة والإيمان.
من أجل تجاوز العقبات
وفي ظل الظروف الحالية والصعوبات، ترى الصراري أن أبرز ما تحتاجه النساء في هذه المرحلة هو الدفع بها نحو اعتلاء منابر صنع القرار وتولي دفة القيادة، مشيرة إلى مخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 1325 اللذين ينصان على ضرورة مشاركة المرأة في الأمن والسلام، ومختلف جولات التفاوض لصنع مستقبل اليمن الذي دمرته عقلية الرجل.
أما الناشطة القاضي فهي تؤكد على ضورة تمكين المرأة اقتصاديا وتعليمها أيضا.
عن التحديات الجديدة التي أفرزتها الحرب إضافة إلى القديمة، تفيد الإعلامية أمل علي، أن أبرزها هو تكالب الجماعات الدينية والسياسية المتطرفة على المرأة وحقوقها وحرياتها، والتي عززتها حالة الفوضى وغياب الدولة والقانون.
وتابعت "الجهود التي تبذلها النساء جبارة، وتحتاج أن تكلل بقوانين وتشريعات وآليات حقيقية يكفلها الدستور"، مجددة التأكيد أن "ما تحتاجه المرأة اليوم هو ذاته ما يريده كل مواطن يمني، كإيقاف الحرب، ووجود الدولة والنظام والقانون، والذين معهم ستعود حقوق وكرامة وحياة المجتمع ككل".
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 3 ملايين امرأة وفتاة تقريبا معرضات لخطر العنف في 2018 في اليمن جراء الحرب.
في حين تقول منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي، إنها وثّقت16667 انتهاكاً ارتكبها أطراف الصراع المسلح في اليمن ضد النساء في19 محافظة يمنية، خلال فترة الحرب التي دخلت عامها السادس.
وأوضحت أن الانتهاكات تنوعت بين919 حالة قتل و1952حالة إصابة، جراء القصف الجوي والمدفعي وانفجار الألغام والعبوات الناسفة وطائرات الدرون وكذلك أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي، بالإضافة إلى 384 حالة اختطاف واختفاء قسري وتعذيب.