[ من وراء الهجوم على وزارة الدفاع في مأرب؟ ]
تعرضت محافظة مأرب مؤخرا، لاستهداف مقر وزارة الدفاع في المحافظة، بهجوم صاروخي لم يعرف مصدره بعد.
لم تتبنَ أي جهة بعد ذلك الهجوم، الذي رجحت بعض المصادر العسكرية في البداية أن يكون حوثيا.
ونجا من تلك العملية وزير الدفاع الفريق الركن محمد المقدشي من محاولة اغتيال، أثناء اجتماع قيادات عسكرية في مقر الوزارة في معسكر صحن الجن بمأرب.
مؤشرات مختلفة
برغم عدم توجيه أصابع الاتهام بشكل قاطع لأي طرف بشأن تنفيذ الهجوم في مأرب، إلا أنه جاء متزامنا مع إعلان الإمارات انسحابها من عدن، واتفاق الرياض الذي دعمته أبوظبي وبشدة من أجل ما يعرف بالمجلس الانتقالي.
كان لافتا كذلك أن أحد الشروط في مسودة اتفاق الرياض، هي عودة قوات الجيش التي شاركت في معارك عدن وأبين إلى مأرب، وهو ما يثير كثير من علامات الاستفهام.
وكانت الإمارات عقب قصفها لقوات الجيش بعد تمرد الانتقالي في عدن، زعمت أنها استهدفت إرهابيين في إشارة إلى القوات الحكومية.
علما بأن وزارة الدفاع أصدرت عدة مرات بيانات أدانت فيها الإمارات وبوضوح، بشأن استهدافها لقوات الجيش الذي سقط جراء قصف الطيران العشرات منهم قتلى وجرحى.
تورط الإمارات
وبالنظر إلى كل تلك المؤشرات يعتقد الناشط محمد الأحمدي أن وبرغم الغموض الذي رافق تلك العملية، إلا أنه يمكن أن تكون بفعل غارة إماراتية.
وأرجع سبب ذلك في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى أن الموقع الذي تم استهداف فيه قادة الجيش هو مُحصن، ويستحيل أن يتمكن الحوثيون من قصفه بصاروخ كاتيوشا أو غيره.
ولفت إلى ترجيح خبراء عسكريين وقوف الإمارات خلف الهجوم، كونها لن تمتنع عن استهداف الجيش، وعملها على بقاء اليمن مسرحا مفتوحا للفوضى والانفلات الأمني، ومنعها عودة أي نواة لمؤسسات الدولة.
وأضاف "انسحاب الإمارات هو غير دقيق، فهو إعادة تموضع للقوات السعودية والإماراتية، ولا يلبي اتفاق الرياض حاجة اليمنيين، ولكنه يأتي في سياق تلميع صورة الرياض التي تضررت كثيرا بعد انقلاب الانتقالي، وفقدان ما تبقى من ثقة بالتحالف، ولكنها استدركت ما تبقى من ثقة بطريقة مشكوفة.".
الطرف المستفيد
أما الإعلامي عبد الكريم الخياطي فيعتقد أنه لا يمكن الجزم اليوم بمن يمكن أن يكون قد أطلق القذيفة أو الصاروخ في ظل تكتم معتاد من الجيش الوطني حول حوادث مثل هذه، مشيرا إلى أنه وفي السابق كان الجميع ينسب ذلك للحوثيين كونهم المستفيد الوحيد من ضرب قيادات الجيش في مأرب، إضافة إلى أنهم كانوا يسيطرون على مناطق في صرواح يسهل منها ضرب مناطق محددة في المحافظة.
واستدرك لـ"الموقع بوست" لكن في السنة الأخيرة أصبح الإعلام الإماراتي والموالي له، يركز كثيرا على قيادة الجيش في مأرب ونِهم بصنعاء.
وقال إن الاجتماع الأخير الذي تم استهدافه بدقة عالية لا تتوفر للحوثيين، كانت فيه قيادات سياسية وعسكرية على خلاف مع الإمارات ومنهم محافظ مأرب وناصر الذيباني الذي كانت له تصريحات مؤخرا تتهم أبوظبي بضرب لواء كامل في نهم.
وبحسب الخياطي فإن الضربة تأتي في ظل اقتراب التوقيع على اتفاق جدة الذي سينجم عنه تغييرات في الحكومة وتقاسم النفوذ العسكري وبنود بعضها مكتوب وأخرى لم يتم إظهارها للكل، وقد يكون الأمر في حاجة للتخلص من كل من يمكن أن يعارض الاتفاقات الأخيرة وخاصة من ساعدوا في معركة شبوة ضد الانتقالي.
وبناء على تلك الدلائل يبدو للخياطي أن الإمارات يمكن لها أن تدفع لطرف ما داخل الشرعية أو الحوثيين لاستهداف اجتماع القيادات العسكرية في مأرب.
غير مستبعد في الوقت ذاته، أن تكون السعودية تعلم بالأمر أو هي مشاركة فعليا لإنجاح الاتفاقات الأخيرة، مشيرا إلى إمكانية أن يكون ما حدث تمهيدا لاتفاق مع الحوثي قريب بدأ الأمريكان يتحدثون عنه.
من وراء الهجوم؟
بدروه تساءل المحلل السياسي ياسين التميمي من وراء الهجوم؟ وقال إن "الهجوم الذي استهدف مقر وزارة الدفاع في مأرب، الحوثيون ليسوا طرفاً فيه، ولم يعلنوا مسؤوليتهم عنه، الناطق باسم الجيش العميد عبده مجلي ألمح إلى أن الهجوم يندرج ضمن (المؤامرات والدسائس والمشاريع الفوضوية والتخريبية)".
وأضاف التميمي "هجوم مأرب استهداف يستمثر الألغام العديدة التي زُرعت في معسكر الشرعية بتأثير أيديولوجية متطرفة تبتنها الإمارات ومعها السعودية تجاه الشرعية، لأن جزء منها -حسب قوله- يعبر عن الإسلام السياسي الذي نصب هذان البلدان نفسيهما لمحاربته في المنطقة العربية".
وتابع "صمت وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي عن أي تعليق وكذلك الحكومة على الرغم من خطورة الاستهداف ودلالة توقيته، هذا يعني أنه جزء من مؤامرة واسعة تدار بكفاءة من طرف مقتدر، وتتجلى مظاهرها في محاولة اغتيال وزيري الداخلية والنقل بمدينة عتق، وإطلاق أنصار الانتقالي في محافظة أرخبيل سقطرى للانقلاب على السلطة المحلية هناك، قبيل ساعات من توقيع اتفاق الرياض".
يُذكر أن الإمارات وعبر مليشياتها في سقطرى وأبين، وبرغم الحديث عن انسحابها إلا أنها ما زالت تتحرك عبر أذرعها تلك ضد الحكومة التي أكدت أنها لن تسمح بأمن واستقرار الجزيرة.