[ قتلى وجرحى في هجومين استهدفا مقرات أمنية وعسكرية في عدن ]
شهدت العاصمة المؤقتة عدن، صباح اليوم الخميس، نهاراً دموياً، راح خلاله نحو 49 قتيلا على الأقل، وأكثر من 60 جريحاً، في حادثين منفصلين، أحدهما استهدف قسم شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة، بينما الآخر استهدف حفل تخرج وحدات عسكرية من قوات الحزام الأمني وألوية الصاعقة، بمُعسكر الجلاء بالبريقة.
وفي ساعات الصباح الأولى لليوم الخميس، حيث كان مدير قسم شرطة الشيخ عثمان العقيد محمد مطيع، يُشرف على الطابور الصباحي في القسم، والذي اجتمع فيه كل الأفراد لأجل ما يُعرف بالجمع نهاية كل أسبوع، استهدفت سيارة مفخخة بوابة القسم، وأسفرت عن مقتل 13 من منتسبي الشرطة، إلى جانب عشرات المصابين، بينهم مدير القسم العقيد محمد مطيع.
استهداف قسم شرطة الشيخ عثمان، لم تنحصر أضراره على الشرطة ومن فيها، بل تعداه ليطال منازل المواطنين في البنايات السكنية المحاذية للقسم، حيث تضررت بفعل قوة الانفجار، وهو ما تسبب في تحطم النوافذ الزجاجية وإصابة سكان المنازل بجروح خفيفة.
وعلى الجانب الآخر، في أقصى غربي العاصمة المؤقتة عدن، كان مُعسكر الجلاء، وهو معسكر اللواء الأول دعم وإسناد -أكبر معسكرات قوات الحزام الأمني-، يشهد حفل تخرج وحدات عسكرية تابعة للواء، بحضور قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، قبل أن يقطع فقرات الحفل دوي انفجار، أسفر عن مقتل نحو 36 فرداً، بينهم قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي المعروف بـ"أبو اليمامة".
وبحسب شهود عيان، مطابقة لمقاطع فيديو بثها إعلاميون كانوا حاضرين في معسكر الجلاء، تبين أن العميد أبو اليمامة كان يتوسط المنصة وإلى جانبه عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي ومستشار قائد التحالف العربي بعدن عبد الرحمن شيخ، إلى جانب قيادات عسكرية في قوات الحزام الأمني، ومدير أمن لحج.
إلا أن الاستهداف والذي أدى لمقتل العميد ابو اليمامة و35 فرداً معه، لم يكن باتجاه المنصة والتي كان يعتليها وبجانبه مجموعة من القادة العسكريين ومسؤولي الانتقالي الجنوبي، بل في محيطها.
وأكد شهود عيان في إفادات متفرقة لـ"الموقع بوست"، أنه وفور نزول العميد منير اليافعي من المنصة تم الاستهداف بصاروخ، على بعد أمتار فقط من مكان وقوف العميد اليافعي، دون أن يُصاب أياً من المتواجدين في المنصة بجروح، عدا مدير أمن لحج العميد صالح السيد، والذي أصيب بجروح طفيفة فقط.
وأعلن الحوثيون تبنيهم عملية استهداف معسكر الجلاء، عقب وقت قصير من وقت الاستهداف، فيما لم تتبنَ اي جهة أو جماعة مسؤوليتها عن حادث استهداف قسم شرطة الشيخ عثمان.
بيانا الانتقالي والداخلية
المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، أصدر بياناً، استبق فيه بيان وزارة الداخلية، وفي البيان الذي أذاعه نائب رئيس الانتقالي هاني بن بريك، والذي ظهر جالساً على كرسي رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي، والمتواجد حالياً في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ولم يشر البيان لمليشيا الحوثيين الانقلابية، بالرغم من كونها قد أعلنت تبنيها للحادث.
وأهاب البيان بالمقاتلين التابعين للمجلس بأن يكونوا على أهبة الاستعداد للدفاع عن الدين والأرض والشعب، ضماناً لحريته وأمنه واستقراره واستقلاله.
وأشار إلى أن قيادة الانتقالي الجنوبي في حالة انعقاد دائم لمتابعة خلفيات الحادث ومن يقف وراءه، وخاطب بن بريك أنصار الانتقالي الجنوبي بالقول "إن قيادتكم تتدارس الأمور بكل هدوء وحكمة نحتاجها في هذا الوقت العصيب"، داعياً إياهم إلى ضبط النفس ورباطة الجأش والصبر.
من جهتها، أصدرت وزارة الداخلية بياناً، أوضحت فيه حيثيات وتفاصيل العمليات الإرهابية التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، صباح اليوم، والتي استهدفت مركز شرطة الشيخ عثمان، ومعسكر الجلاء التدريبي، وخلفت سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى.
وقالت وزارة الداخلية في بيانها، إنه وفي تمام الساعة الثامنة صباحا من يومنا هذا الخميس الموافق 1/ 8 / 2019م تم استهداف مركز شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة مما أدى إلى استشهاد "13" من أفراد الشرطة وجرح عدد آخر في العملية الإرهابية.
وأكدت الداخلية بأن قيادة الوزارة قامت باتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة للتعامل مع هذه الأحداث، بعد أن تم إسعاف الجرحى ونقل جثث الشهداء إلى مستشفيي أطباء بلا حدود والبريهي .
وأضافت وزارة الداخلية في بيانها : "وفي عملية إرهابية أخرى فقد استهدفت مليشيات الحوثي الإرهابية الانقلابية صباح اليوم بطائرة مسيرة وصاروخ بالستي قصير المدى حفل استعراضي وتدريبي عسكري شهده اليوم معسكر الجلاء بالعاصمة المؤقتة عدن مما أدى إلى سقوط "36" شهيدا بينهم قائد اللواء الاول دعم وإسناد العميد منير أبو اليمامة وعدد من رفاقه".
وعبرت وزارة الداخلية عن استنكارها الشديد لهذه العمليات الإرهابية، مؤكدة بأنها لن تتوانى في تأدية مهام عملها في حفظ الأمن والاستقرار، وملاحقة العناصر الإرهابية وخلاياها، وكل من يحاول إثارة الفوضى واستهداف قوات الأمن.
تبعات اليوم الدموي
ومنذ وقوع الحادثين والذين لم يفصل بينهما أكثر من ساعة، شهدت الشوارع الرئيسية بالعاصمة المؤقتة انتشارا مكثفاً لدوريات عسكرية تتبع قوات الحزام الأمني، حيث قامت باستحداث حواجز أمنية ببعض المناطق، من بينها مديرية خورمكسر.
واستمر الانتشار الأمني منذ صباح الخميس، وحتى ساعات الظهيرة، لتبدأ بعده حملات عشوائية لاحتجاز من يمتلك هويات تُثبت انتماءه للمحافظات الشمالية.
غير أن ما قامت به قوات الحزام الأمني من احتجاز لعشرات المواطنين، ونقلهم على متن شاحنات كبيرة لخارج حدود محافظة عدن، لم يكن بالإجراءات المنظمة، بل كانت عشوائية.
كما أن الحملة تركزت في مديريتي دارسعد وخورمكسر، فضلاً عن قيام قوات الحزام الأمني، والمُسيطرة على مداخل عدن، بمنع دخول المواطنين الشماليين وإنزالهم من على متن الحافلات والسيارات، وإجبارهم على العودة من حيث أتوا.