[ التقى الميسري خلال زيارته أبو ظبي سيف بن زايد ]
قبل أيام كان وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، في زيارة دولة الإمارات العربية المتحدة بدعوة رسمية وجهت له، وهو ما بدا ملفتا، خاصة أن الزيارة جاءت بعد التصريحات الصادرة عنه والناقدة لأبوظبي إزاء سلوكها في اليمن.
لم تتضح بشكل كبير نتائج تلك الزيارة بعد، إلا أن وزارة الداخلية اليمنية، قالت إنها عازمة على توحيد القرار الأمني داخل البلاد، وإنشاء غرفة عمليات موحدۃ تحت إشرافها.
ونقل موقع وزارة الداخلية عن مصدر مسؤول، قوله، إن خطة الداخلية ستساعد على عودة هيبة المؤسسة الأمنية وتتمكن من أداء واجبها على أكمل وجه.
وعن الزيارة تحدث المصدر بأنها حققت نجاحا في ما يتعلق بالقطاع الأمني، وناقشت سبل دعم التعاون مع الأجهزة اليمنية لمكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني بين البلدين.
إلا أن من غير المتوقع أن تكون الإمارات جادة بتسليم الملف الأمني للحكومة، خاصة بعد تشكيلها للنخب والأحزمة الأمنية بمختلف المحافظات.
صعوبات
لكن يبدو أن طموح وزارة الداخلية الرامي إلى توحيد القرار الأمني داخل البلاد تحت إطارها لن يكون سهلا، فالمحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني يرى أن ما لم تتنازل به الإمارات لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، لن تعطيه للميسري.
وأشار في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى سيطرة الإمارات على الوضع الأمني بعدن عن طريق قوات شكلتها أو وكلاء تدعمهم، في مختلف المحافظات والمناطق المحررة.
ورأى أن دعوة الإمارات للميسري لزيارتها، فضلا عن استقبالها بحفاوة له، وعقدها للعديد من الاجتماعات معه، تهدف إلى إسكات وزير الداخلية بعد انتقاداته اللاذعة لها حول ممارساتها التي أحرجتها، وامتصاص غضب الحكومة والشارع الجنوبي الذي بدأ ينتقد ممارساتها وبقوة.
وتساءل عن ما إذا كانت حفاوة استقبال الميسري ستنعكس على أرض الواقع وستصلح الإمارات المعادلة بعدن والمحافظات المحررة، بتسليمها للملف الأمني للحكومة، وهو ما ستكشف عنه الأيام القادمة.
واستبعد قيام أبوظبي بذلك، فكل المؤشرات وتصرفات الإمارات طوال السنوات الماضية تقول أنها لن تتخلى عن أهدافها، بحسب الهدياني.
توتر
وشهدت الفترة الماضية توترا ملحوظا بين الحكومة اليمنية والإمارات، فقد هاجم وزير الداخلية في الحكومة اليمنية التحالف العربي، وقال إن أبوظبي تتحكم بكل شيء في مدينة عدن من مطار وميناء ولا تسمح لأحد بالتحرك دون إذن، وألمح إلى أن تواجد التحالف العربي في اليمن هو "احتلال غير معلن".
وفي تصريحات صحفية سابقة، انتقد عدم دعم الإمارات للمؤسسات الأمنية عن طريق الوزارة، داعيا التحالف العربي إلى تسخير الدعم لصالح الدولة ومؤسساتها، ومؤكدا "أي دعم خارج مؤسسات الدولة لا يعنينا، في الوقت الذي نثمن دعم التحالف في الدفاع عن اليمن والشرعية الدستورية وإفشال المشروع الإيراني المجوسي".
سبق ذلك تصريحات أخرى أفاد بها الميسري" بأن الرئيس هادي غير مرحب به ممن يحكمون السيطرة الأمنية على مطار عدن ومينائها ومداخلها"، في إشارة إلى قوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات.
كما انتقد الميسري مساعي الإمارات لإعادة أفراد النظام السابق إلى الواجهة، خاصة بعد دعم أبوظبي لنجل شقيق الرئيس السابق صالح، العميد طارق محمد عبدالله صالح.
جاء هذا بعد أن اتهم تقرير أممي الإمارات بتقويض جهود الشرعية في اليمن، وعقب قيام أبوظبي بتشكيل قوى موازية في البلاد، ودعمها لما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".
وتشارك الإمارات في التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتدخل باليمن منذ مارس/آذار 2015، من أجل دحر الانقلاب واستعادة الدولة.
والملفت هنا أن الإمارات اعتمدت على سياستين في تعاملها مع الأصوات التي تعارضها في الحكومة اليمنية، الأولى سياسة الاحتواء، كما حصل مع الميسري حاليا، والثانية سياسة الانتقام والتشويه، كما حدث مع أصوات كثيرة في الحكومة اليمنية.
وسعت الإمارات أيضا إلى خلق قوة عسكرية وسياسة لها في مدن الجنوب تعمل وفق أجندتها، ومن ذلك القوات التي تقاتل معها، وتمول منها، كألوية الأحزمة الأمنية، والمجلس الانتقالي، وكان ذلك أبرز نقاط الخلاف بين الحكومة اليمنية والإمارات.
نتائج زيارة الميسري لأبوظبي لا تبدو اليوم معروفة، لكن الأيام القادمة ستظهر نتائجها، وهل كانت أسلوبا للاحتواء، أم مدخلا للحل في عدن تحديدا؟