[ مقتل القيادي الصُماد والوضع العسكري للحوثيين ]
أعلنت مليشيا الحوثي، أمس الاثنين، مقتل القيادي ورئيس ما يُسمى بــ "المجلس السياسي للانقلابيين" صالح الصماد، في غارة للتحالف العربي، الخميس الماضي 19 إبريل/نيسان 2018 في محافظة الحديدة (غرب اليمن)".
كما أكدت وسائل إعلام تابعة للتحالف مقتل القياديين الحوثيين، فارس مناع تاجر السلاح الشهير، ونائب رئيس هيئة الأركان المعيَّن من قبل ميليشيات الحوثي اللواء علي الموشكي، قُتلا ضمن الغارة الجوية التي قُتل فيها الصماد.
وجاء اسم الموشكي، في المرتبة الـ 35 في قائمة الـ 40 إرهابيًّا حوثيًّا التي أعلن عنها التحالف في نوفمبر الماضي، حيث تم رصد مبلغ 5 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكانه، فيما جاء اسم فارس مناع أيضا ضمن القائمة الأربعينية التي أصدرتها قيادة التحالف، في المرتبة الـ 27، ورصدت 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
وعينت مليشيا الحوثي، بعد أقل من نصف ساعة من إعلانها مقتل الصماد، القيادي الحوثي، مهدي المشّاط، رئيسا للمجلس السياسي، والذي يمثل أعلى سلطة إدارية لدى الحوثي، خلفا للقتيل الصماد.
ظهور يعكس الفاجعة
بعد ساعات قليلة، من إعلان المجلس السياسي التابع للحوثيين، مقتل الصماد، ظهر عبدالملك الحوثي زعيم المليشيات الانقلابية، منكسرا ضعيفا، في أول كلمة له بعد مقتل رئيس ما يُسمى بالمجلس السياسي صالح الصماد.
وظهر عبد الملك الحوثي في كلمته المتلفزة، والتي نقلتها قناة المسيرة، التابعة له، حزينا للغاية، وعلى وجهه علامات الضعف والانكسار؛ ما يعكس بحسب مراقبين، حجم الصدمة الموجعة التي تلقاها بمقتل الصماد، والذي يعتبر أرفع قيادي حوثي يقتل بغارة للتحالف منذ تدخله لإعادة الشرعية في اليمن مارس 2015.
وكشف عبد الملك الحوثي، تفاصيل مقتل الصماد بالقول: إنه قتل بثلاث غارات للتحالف، استهدفته في شارع الخمسين، بعد عودته من لقاء في جامعة الحديدة يوم الخميس الماضي.
وأثنى الحوثي على الصماد، واصفا إياه بـ"المجاهد" محمّلا أمريكا والسعودية مسؤولية مقتله، رغم أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لم يصدر أي موقف بشأن العملية، حتى اللحظة.
ضربة موجعة!
ورغم الخسارة الكبيرة التي تلقتها المليشيا بشأن مقتل الصماد، واللواء الموشكي ومنّاع؛ إلا أن السؤال الأبرز ، هو مدى تأثير هذه العملية، على الوضع العسكري بالنسبة للمليشيا الحوثية، وهل سيُغير ذلك من ميزان القوة على الأرض لصالح الشرعية بشكل أكبر؛ أم لا.
وفي هذا الصدد، يرى السكرتير الصحفي في الرئاسة اليمنية، مختار الرحبي، أن استهداف التحالف للقيادي الحوثي الصماد، وعددا من القيادات الأخرى، بأنها تمثل ضربة موجعة، سيكون لها تبعات كبيرة على مستوى الوضع الداخلي لمليشيا الحوثي.
وأوضح الرحبي، في حديثه لــ"الموقع بوست"، أن "مقتل الرجل الثاني في جماعة الحوثي ولو شكليا؛ يُعد ضربة موجعة لمليشيات الحوثي، حيث يُعد الصماد أيضا المطلوب الثاني للتحالف العربي، وبالتالي فمقتله يمثل خسارة كبيرة، وسيعمل على إحداث هزّة في داخل الجماعة التي لم يُقتل منها قيادي من الصف الأول والثاني منذ بدء التحالف غاراته في مارس 2015م".
وأشار الرحبي، إلى أن هذه العملية، سيكون لها تأثير واضح في مسار المعركة في الميدان، سواء للشرعية والتحالف أو بالنسبة للانقلابيين، وقال: "ففي حين الشرعية والتحالف يستقبل ضباط وقيادات مدينة وعسكرية وقبلية تركوا الحوثي وانضموا لقتال الحوثي، تخسر الجماعة رئيس مجلسها السياسي".
وتابع الرحبي، حديثه بالتأكيد، أن مقتل الصماد إضافة إلى اللواء الموشكي، نائب رئيس أركان جيش الحوثي، يمثل أيضا خسارة كبيرة في صفوف الحوثي، والذي لم يتلقَ ضربه موجعة كهذه؛ منذ إعلان مقتل القيادي الحوثي اللواء طه المداني، والذي يُعتبر أحد أهم قياداتهم الأمنية والعسكرية، حيث تم إخفاء خبر مقتله لمدة عام تقريبا، بعد ذلك أعلنوا عن مقتله، بعد ترتيبات داخلية، وهو ما حدث مع صالح الصماد، الذي تم إخفاء خبر مقتلة مدة خمسة أيام".
وعن الرسالة التي أرداها التحالف وفي هذا التوقيت تحديدا، أوضح الرحبي، أن "التحالف أرسل رسالة موجعة للحوثيين؛ مفادها أن جميع قياداتكم ستكون تحت المراقبة والرصد والاستهداف". حسب قوله.
انعدام الثقة !
ويرى محللون سياسيون، أن التأثير المباشر بعد هذه العملية العسكرية التي أدت إلى مقتل عدد من القيادات البارزة في صفوف المليشيا الحوثية، أنها ستعمل على خلخلة الثقة بعضها ببعض، وقد برز هذا الأمر واضحا من خلال الدعوات الحوثية التي تروج للحذر من بعض القيادات، والتي وجدت نفسها مجبرة للعمل مع المليشيا لسبب أو لآخر، مستبعدين أن يكون لها تأثير على القرار العسكري، خصوصا وأن الجماعة تقود هذا الملف بشخصيات غير معروفة.
وفي هذا الصدد، أوضح الكاتب والمحلل السياسي، توفيق السامعي، أن التأثير أو الضرر المباشر الذي سيحل بالمليشيات الحوثية، عقب هذه العملية، هو زراعة الشك بين قيادات المليشيات من الصف الأول والثاني. مشيرا إلى أن "كل من تلك القيادات، ستتحسس رأسها، وستزيد من توجساتها بالآخر؛ مما سيؤدي إلى تآكل المليشيات داخلياً، فما زرع الشك في جماعة إلا أدى إلى صراعات أجنحتها، والطريق نحو الانهيار الشامل".
واستبعد توفيق السامعي، في حديثه لــ"الموقع بوست"، أن يكون لهذه العملية أي تأثير عسكري كبير على الحوثيين، وقال: "عسكرياً لا أظن أنه سيؤثر على المليشيات كثيراً". وعزى سبب عدم تأثير هذه العملية عسكريا بالقول إن "المليشيات الإرهابية تعمل بطرق خلايا مختلفة ومنفصلة عن بعضها، ومرجعيتها النهائية محمد علي الحوثي وعبدالكريم الحوثي وهم المسيطرون عسكرياً".
وأشار إلى أن صالح الصماد "كان في الشق السياسي؛ كموظف علاقات عامة مع الجماعة، وحلقة وصل مع الآخرين لا أكثر، وبزوال تحالفهم مع علي صالح، الذي كان الصماد واجهة التحالف والتواصل تكون المليشيات الحوثية، قد تخلصت من كل التحالفات القديمة وصارت مغلقة على ذاتها".
وأوضح السامعي، أن "الكثير من القيادات الحوثية التي تتوجس خشية من عدم الثقة؛ ستعمل لاستدراك نفسها، وستتواصل مع الشرعية أو التحالف، وسنرى الانشقاقات بين تلك القيادات مستقبلاً كما كان الحال مع علي صالح".
وتابع: "بمقتل صالح الصماد وفارس مناع وعلي حمود الموشكي، تكون المليشيات الحوثية قد تخلصت من ثلاثتهم بضربة واحدة؛ كون الثلاثة كانت تربطهم علاقة جيدة بالرئيس السابق علي صالح، والمليشيات الحوثية ينخرها الشك في قيادتها بعد خساراتها المتتالية على الأرض". حسب قوله.
تأثير محدود
ووافق المحلل العسكري، علي الذهب، توفيق السامعي، في الذهاب نحو استبعاد أي تأثير عسكري كبير بالنسبة لمليشيا الحوثي، خصوصا وأن الصماد لم يكن له أي دور عسكري، ذات تأثير حقيقي على أرض الواقع.
ورأى الدكتور علي الذهب، في مقابلة له مع قناة بلقيس الفضائية، أن "مقتل الصماد إذا كانت الجماعة غير ضالعة في التخلص منه؛ فإن مقتله محدود التأثير، خصوصاً أن الجماعة بادرت لجسر هذه الفجوة بتعيين مهدي المشاط بديلاً له".
مشيرا إلى أن "الجماعة تعتمد على القوة ، والقوة مستندة على الجانب العسكري، والصماد سلطة سياسية مقيدة داخلياً". حسب قوله.
موقف الحكومة الشرعية
وفي أول رد للحكومة الشرعية، على مقتل القيادي الحوثي الصماد، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية، راجح بادي، إن مقتل رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي لمليشيات الحوثي الإيرانية صالح الصماد ضربة موجعة وقاصمة للمليشيا، وسيؤثر ذلك على وضعها السياسي والعسكري بمزيد من الإرباك والتخبط، كما سيعزز من حالة التداعي في صفوف مقاتليها .
وأشار بادي في تصريح خاص لصحيفة "الرياض" السعودية، إلى أن مقتل الصماد يحمل رسالة واضحة لقادة مليشيات الحوثي الإيرانية، وأن نار حربها الانقلابية المدمرة على الشعب اليمني وتنفيذها لأجندة الإرهاب الإيراني ستلتهمها، مشيرًا إلى أن الاحتفاء الكبير الذي أظهره الشعب اليمني إثر تلقيه نبأ مقتل الصماد، يعكس حالة الاحتقان والسخط والمعاناة الناجمة عن الحرب الانقلابية الإرهابية التي يمثل الصماد أحد القادة الذين أشعلوها خدمة للمشروع الإيراني.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة اليمنية راجح بادي أن الصماد كان رئيساً للمجلس الذي جسد الإطار الانقلابي المليشياوي وأداة تدمير مؤسسات الدولة وهياكلها التنفيذية ووحداتها الإدارية ومؤسساتها القانونية والتشريعية، موضحاً أن مقتل الصماد يعني رفضاً للإانقلاب وللكيانات الانقلابية، وانتصارًا للقانون والدولة .
ولفت بادي إلى أن الصماد وحتى أيامه الأخيرة قبل مقتله، ظل متنقلاً بين المحافظات الخاضعة لسيطرة مليشياته، محرضا على مزيد من العنف والحرب والخراب وداعياً إلى استهداف سلامة البحر الأحمر والممرات المائية الدولية، وهو سلوك يندرج ضمن الأنشطة الإرهابية وخرق للقانون الدولي الإنساني.
جدير بالذكر أن مقتل الصُماد، جاء بعد أقل من أسبوعين، بتهديد المملكة العربية السعودية، بإرسال مزيد من الصواريخ الباليستية، مؤكدا في حديثه الذي نقلته قناة المسيرة، أنه إذا استمر ما وصفه بالعدوان، في إشارة إلى التحالف العربي، فإن هذا العام سيكون عاما "باليستيا بامتياز"، وهو ما كان، حيث لقى مصرعه عبر صاروخ لطيران التحالف العربي في محافظة الحديدة.