[ الانفلات الأمني في تعز ]
مع استمرار تردي الأوضاع الأمنية بتعز جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، تسعى السلطات المحلية بالمحافظة، للتخفيف من تلك الكارثة التي ضاعفت من معاناة المدنيين.
وسقط طوال فترة الحرب العديد من القتلى والجرحى نتيجة الاغتيالات، فيما عانت المدينة من عمليات سطو مسلح وسرقات تمت في وضح النهار، وتخريب بعض ممتلكات الدولة.
وحثت اللجنة الأمنية بمحافظة تعز في اجتماعها الأخير، الوحدات العسكرية على ضبط أفرادها وعدم التهاون مع أي مخالفات، ومنع مرور الدراجات النارية التي تحمل ملثمين، والتعامل معها بكل حزم، واستهدافها بشكل مباشر، نظرا لكثرة الحوادث التي يتم ارتكابها بواسطتها.
وناقشت اللجنة المستجدات الأمنية والإجراءات الخاصة بتفعيل الخطة الأمنية، وتفعيل أقسام الشرطة، وما تم تحقيقه في ضبط مرتكبي الجرائم والوقاية منها، وفقا لوكالة سبأ الحكومية.
جاء هذا بالتزامن مع مسيرة حاشدة نفذها أبناء المدينة يوم أمس، للتنديد باستمرار بجرائم الاغتيالات والانفلات الأمني الذي تعاني منه المدينة، خاصة بعد محاولة اغتيال خطيب أحد الجوامع بتعز، والذي نتج على إثره مقتل أحد التربويين وإصابة الإمام بجروح خطيرة أدت إلى وفاته اليوم.
وأثارت النقاط التي حثت عليها اللجنة الأمنية، انتقادات واسعة، كونها لم تعالج الإشكاليات الأمنية الكبيرة التي تعاني منها المدينة، والتي لا تقتصر فقط على أصحاب الدرجات النارية.
وتعاني إدارة الأمن من قلة الدعم المُقدم لها من قِبل الشرعية والتحالف العربي، بسبب الحرب التي أدت إلى تعطيل دور أغلب مؤسسات الدولة بتعز.
صعوبات
ويبقى السؤال عن ما إذا كانت إدارة الأمن بتعز، قادرة على القيام بمهامها على أكمل وجه، وحفظ الأمن بالمدينة في هذا التوقيت العصيب الذي تمر به.
حول ذلك، يؤكد مدير مكتب قائد الشرطة العسكرية بتعز المقدم عارف العذري، أن المدينة قادرة على لجم أولئك وإيقافهم، فهي طاردة للعنف، وما ينقصها سوى خطة أمنية شاملة.
وتابع لـ"الموقع بوست" يجب أن لا نتحجج بنقص الإمكانيات، وعلينا البحث عن طرق ووسائل الأمن، والاستعانة بالحاضنة الشعبية في الحارات والشوارع والأسواق؛ ليتحول من في المدينة إلى فريق مساند للجهات الأمنية، ومحاصرة الجريمة والمجرمين والمستهترين بالأنفس والحقوق.
وأشار العذري إلى أن قيمة الإنسان تحتاج نهضة أمنية تستنهض معها الجميع، خاصة في ظل سقوط ضحايا جدد.
وعن المعوقات التي تواجهها إدارة الأمن، أفاد بأنها كثيرة بسبب الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي والمخلوع على مدينة تعز، ومنها عدم توفر الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بالشكل المطلوب، للحفاظ على أمن المحافظة.
إضافة إلى عدم وجود عربات مدرعة، وأطقم عسكرية مسلحة تفي بالغرض لأداء المهام الموكلة إليها بالشكل المطلوب، كون المحافظة في حال تحررت تحتاج إلى جهود أكبر للحفاظ على المكاسب، بحسب العذري.
مشكلات عميقة
خلال فترة الحرب، تم تنفيذ العديد من عمليات الاغتيالات التي طالت عدد من رجال مؤسسة الأمن والجيش بتعز، تم أثناءها استخدام الدرجات النارية التي تعد مصدر دخل للكثير من الأسر في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
بدوره يرى الناشط الشبابي فيصل الذبحاني، أن من المستحيل ضبط الأمن بتعز من خلال رصد الملثمين فوق الدراجات النارية، ولو تم ضبط الأخيرة ذاتها.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن الدرجات النارية وملثميها ليست الخطر ولا هي التي تقتل، بل الخطورة تكمن في السلاح المنفلت بفعل فاعل وبقصد، له أهداف لا تقل قذارة عن أهداف الانقلاب الحوثي على الدولة، على حد تعبيره، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأضاف "ملشنة الجيش الوطني والتسيب العسكري هو الخطر على الدولة، أكثر من الدراجات النارية وراكبيها الملثمين".
وطالب الذبحاني بضبط وحدات الجيش، كون بقاؤه كما هو عليه اليوم، يعني استحالة ضبط الأمن من خلال المؤسسة الأمنية الحالية التي تعاني من الضعف.
يُذكر أن عملية دمج المقاومة بالجيش لم تتم بطريقة تضمن بناء جيش وطني قوي، وما تزال بعض القوات تتبع بالمسمى فقط "الجيش" بينما هي تابعة لأفراد.