[ تتعرض الآبار في معظم ريف تعز للجفاف مع حلول فصل الشتاء ]
تعد تعز، وسط اليمن، من أكثر المدن جفافا في الوطن العربي، في حين تزداد الأمور سوءا في الريف الشمالي والغربي للمدينة.
فخلال السنوات الأخيرة، تتعرض الآبار في معظم الأرياف للجفاف مع حلول فصل الشتاء، فيما كانت تصمد قبل ذلك حتى قدوم موسم الأمطار مجددا.
يقول أهالي قرى الريف الشمالي إن قراهم لم تعد تتعرض للأمطار بكميات كبيرة كما في السابق، فضلا عن تزايد كبير في عدد السكان وبالتالي كمية الاستهلاك.
أما مؤسسة المياه في المحافظة فقد أرجأت هذا الجفاف، بالإضافة إلى شحة الأمطار، أرجأته لكثرة الحفر العشوائي للآبار، ما أدى إلى خلل في الأحواض المائية تسبب بالجفاف.
وكثرت في السنوات الأخيرة عمليات الحفر العشوائية للآبار، واستخدام الأهالي لها في حقول القات المستحدثة، والتي تستهلك كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي حذرت منه السلطات مرارا قبل سنوات.
تقرير حديث للصليب الأحمر أشار إلى توقف ضخ المياه إلى 9 مدن يمنية مؤخرا، فضلا عن 15 مليون شخص يجدون صعوبة في الحصول على المياه، حيث تحظى تعز بالنصيب الأوفر من هذه الإحصاءات.
15 عاما من المعاناة
أحمد، مزارع من ريف تعز الشمالي، يقول: كانت هذه البئر ممتلئة على مدار العام، ولم يحصل أن جفت قبل قدوم الموسم التالي على الإطلاق.
ويضيف أحمد لـ "الموقع بوست" أن هذه الظاهرة بدأت خلال الـ 15 عاما الأخيرة، نظرا لشحة الأمطار. وبحسب أحمد فالبئر لم يعد يمتلئ كما في السابق ليستطيع الصمود، بل إن الجفاف تبدأ نُذره من موسم الأمطار ذاته.
ويتابع: كنا قليلون قبل سنوات، زاد عددنا أضعافا كثيرة، وزادت نسبة استهلاكنا للمياه. لم نعد نطمح للمزارعة، فقد ولى ذاك الزمن، نريد مياهًا للشرب والاستخدام الآدمي. لم نحضَ يوما بأي مشاريع مياه حكومية، لكننا كنا نتدبر أمورنا قبل هذه الموجة من الجفاف.
بئر جديد
غير بعيد، مجموعة من الشباب يحفرون بئرا، لا تبعد سوى عشرات الأمتار من بئر أخرى ضربتها موجة الجفاف. يقول "شهاب" إنه سمع جده يوما يقول إن مهندس مياه أشار إلى وجود مخزون مياه في هذه البؤرة قبل عشرات السنوات.
وعند سؤاله عن الدافع وراء الحفر، طالما البئر الآخر قريب ولا يوجد ماء، قال: لا يمكن أن نظل مكتوفي الأيدي إزاء هذا الجفاف. يجب أن نقوم بعمل ما. ويضيف: نحن نبحث عن الأمل، ربما وجدناه هنا، من يدري!
وتابع "شهاب" القول: من غير المعقول أن نترك أهلنا يذهبون إلى أماكن بعيدة لجلب الماء، إنهم يتعبون كثيرا، وتلك الأماكن لن تقوى على الصمود. على الأقل نستطيع ببئرنا الجديد تخفيف العبء على البئر الأخرى خلال الموسم المقبل.
لعنتي الحرب والجفاف
"المصائب لا تأتي فرادى" فجحيم الحرب التي تسببت بقطع مصادر دخل معظم العائلات، وانقطاع المرتبات الحكومية، لم تكن لوحدها؛ فالجفاف معضلة أيضا والسكان هنا مهددون بالموت.
علي، أحد أعيان القرية، يقول: استقبلنات عشرات الأسر الهاربة من جحيم الحرب، بإمكاناتنا المتواضعة، ولم نجد أي دور للمنظمات الدولية في مساعدة أبناء القرية والأسر النازحة أيضا.
"لقد تضاعفت أعداد المستهلكين للمياه، ولم تعد تلك الآبار تكفي. لم تكن هذه الآبار يوما صالحة للشرب أو حتى للاستخدام الآدمي لأنها على الأرجح مكشوفة وملوثة، لكنها كانت تسد حاجتنا وتلبي مطالب البقاء على قيد الحياة" يضيف علي لـ "الموقع بوست".
واستطرد: نأمل أن تنتهي هذه الحرب المجنونة، وأن تصفى القلوب والنوايا الحسنة، حتى يرحمنا الله بالغيث. لقد انتشرت البغضاء والاقتتال وسالت الدماء. نحن لم نساعد أنفسنا أبدا، والله المستعان!