[ ست سنوات مرت منذ انتخاب الرئيس هادي ]
تحل اليوم الذكرى السادسة لانتخاب عبدربه منصور هادي، رئيسا توافقيا لليمن، كأول رئيس صعد إلى سدة الحكم، بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
مثَّل التغيير الذي كان يتطلع له اليمنيون في اليمن بعد أن حكم صالح البلاد، لأكثر من ثلاثة عقود، بادرة أمل لدى الشعب اليمني الذي كان يتطلع إلى مستقبل أفضل، لكن ذلك لم يحدث حتى اللحظة.
وطوال فترة حكم الرئيس هادي، حدثت الكثير من التغييرات في اليمن، كان أبرزها انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي شاركت فيه مختلف القوى باليمن، ولم ترَ مخرجاته النور بعد نتيجة لمحاولة مليشيات الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام والحراكيين إفشاله، باعتراضهم على مخرجاته.
إضافة إلى ذلك فقد دخلت البلاد بحرب شرسة مع مليشيات الحوثي، التي نفذت انقلابها في سبتمبر/أيلول 2014، وتدخل التحالف العربي عقب ذلك في مارس/آذار 2015.
أين هادي؟
مطلع العام 2015، ونتيجة للظروف التي كانت تعاني منها البلاد بعد الانقلاب، غادر الرئيس هادي إلى المملكة العربية السعودية بطريقة غامضة، لا تزال حتى اليوم تثير العديد من علامات الاستفهام.
بعد وصوله إلى الرياض أعلن عن طلبه تدخل التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، من أجل القضاء على الانقلاب واستعادة الدولة، وبدأت تلك القوات بتحرير العديد من المحافظات اليمنية، لكن لم تكتمل تلك العمليات حتى اليوم.
لكن الرئيس هادي الذي غادر اليمن في فبراير/شباط 2017، بعد اشتباكات عنيفة حدثت بين القوات الموالية له، والأخرى التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، لم يعد إلى البلاد منذ ذلك الوقت.
وأثارت عدم عودة هادي إلى اليمن الكثير من التساؤلات والانتقادات، التي اعتبرت وجوده خارج البلاد أثر بشكل سلبي على ما يجري، كون الدول لا تعترف إلا بمن هو موجود على الأرض.
وكانت الناشطة اليمنية والحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، قالت إن الرئيس هادي هو رهن الإقامة الجبرية في العاصمة السعودية الرياض.
وفي سلسلة تغريدات لها على حسابها الشخصي على موقع "تويتر" اعتبرت أن الدليل الوحيد على أن الرئيس هادي ليس رهن الإقامة الجبرية هو "أن يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن الآن عودة نهائية".
ويعتقد مراقبون أن عدم عودة هادي إلى اليمن، أتاح للإمارات فرصة للعبث أكثر في البلاد، والتحرك في مساحة واسعة لتحقيق أهدافها ومد نفوذها.
تقويض الشرعية
"بعد قرابة 3 سنوات من النزاع، يكاد اليمن كدولة، أن يكون قد ولى عن الوجود"، هذا ما وصف به البلاد تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن، الذي كشف الكثير عن ما يجري على أرض الواقع.
وقد بدا واضحا حجم المعاناة التي تمر بها اليمن، في ظل استمرار تشظي محافظاتها، ووجود العديد من المشاريع لكل جماعة.
لعبت دورا كبيرا -في هذا الإطار- بعض دول التحالف العربي أبرزها الإمارات، التي دعمت الكثير من المليشيات في اليمن، التي تعمل خارج إطار الدولة.
وأصبحت المليشيات التي تتلقى التدريب والتمويل والمعدات من الإمارات، كالحزام الأمني، والنخبة الشبوانية أو الحضرمية، تعمل على تقويض الشرعية في مختلف المجالات، بحسب تقرير فريق الخبراء الأممي الخاص باليمن.
اختلفت أهداف التحالف المعلنة، مع ما يجري على الأرض الواقع، في ظل عدم دعم أبو ظبي للشرعية، وسيطرتها على الموانئ والجزر اليمنية والسعي نحو تفكيك البلاد.
وأصبحت الشرعية بقيادة هادي في ظل هذا الواقع، توصف بأنها مسلوبة القرار، لوجودها خارج البلاد، وتحكم التحالف العربي بها، فضلا عن محاربة المليشيات التابعة لأبوظبي لهم خاصة في العاصمة المؤقتة عدن.
ويؤكد ذلك التقرير الأممي، الذي تحدث عن تآكل سلطة الحكومة الشرعية، إلى حد أًبح مشكوكا في قدرتها على إعادة اليمن إلى سابق عهده كبلد موحد.
واقع مرير
لا تزال حتى اليوم الحكومة الشرعية تحظى بدعم المجتمع الدولي علنا لها، عن طريق التأكيد على شرعيتها، وضرورة تطبيق مرجعيات السلام المتعارف عليها، وأبرزها قرار 2216.
لكن لا يبدو المجتمع الدولي جادا في دعمها بشكل فعلي، فهو لم يمارس أي ضغوط على الحوثيين أو القوى التي تقوض الشرعية، وإلزامهم بتنفيذ المرجعيات.
وبعد مرور 6 أعوام منذ تولى الرئيس هادي حكم اليمن، لا تزال العاصمة صنعاء بيد مليشيات الحوثي الانقلابية، والذين شكلوا حكومة تابعة لهم، وسيطروا على البنك المركزي وإيرادات المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
كما لم يكتمل تحرير أغلب المحافظات الشمالية، التي ما تزال تشهد معارك شرسة، خاصة في تعز التي يعاني أبناءها بشكل مستمر جراء الحصار، واستهدف المدنيين بمختلف الأسلحة.
فيما يبدو الوضع أكثر سوءا في المحافظات الجنوبية، التي تم تشكيل فيها ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتيا.
وبرغم تهديد الرئيس هادي بعدم سماحه لأي محاولة تمرد تجري في البلاد، إلا أنه لم يستطع أن يحرك ساكنا، وكان الرهان كبيرا على موقف المملكة العربية السعودية، التي كان لتدخلها تأثيرا بارزا في انقلاب عدن الأخير.
إعادة إنتاج النظام السابق
ومؤخرا بدأت أبو ظبي بالعمل على إعادة أسرة النظام السابق إلى الواجهة، عبر دعمها لابن شقيق صالح "طارق"، الذي يرفض الاعتراف بالشرعية.
إضافة إلى الجهود التي تبذلها الإمارات وأنصار صالح، من أجل رفع العقوبات المفروضة على نجل صالح "أحمد" من قِبل مجلس الأمن، الذي يعيش في الإمارات حاليا.
وينفذ نشطاء وسياسيون مؤيدون لصالح، حملات عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة برفع العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على نجل صالح، منتصف أبريل/أيار 2015.
ويتعارض ذلك وبشدة مع أهداف ثورة فبراير/شباط 2011، التي سعت إلى القضاء على مشروع التوريث الذي كان يتجه له صالح.