[ أعلن المجلس الانتقالي استعداده دعم طارق صالح لمواجهة الحوثيين ]
كان تصريح اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وهو فصيل من الحراك الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن باستعداد المجلس لدعم العميد طارق محمد عبدالله صالح نجل شقيق صالح في المقاومة لتحرير المناطق الشمالية، أوضح تصريح للمجلس الذي ترعاه دولة الإمارات العربية المتحدة.
تصريح الزبيدي كشف حقيقة العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي من طارق عفاش وتواجده في العاصمة المؤقتة عدن، وهو الأمر الذي رفضته عددا من فصائل الحراك الجنوبي والمقاومة، معتبرة تواجده تفريطا واستهانة بدماء الشهداء، خصوصا أن طارق لم يعلن تأييده للشرعية.
تهريب ضباط الحرس
وقبل أن يكشف الزبيدي عن استعداد المجلس للتحالف مع طارق عفاش، كانت التحركات في أرض الواقع تسير على قدم وساق.
فمنذ وصول طارق وتجهيز دولة الإمارات معسكرات له في مدينة عدن، لتجميع أتباعه من الحرس الجمهوري والأمن المركزي، كان المجلس الانتقالي قد تكفل بإيصالهم من محافظة الضالع، وصولا إلى العاصمة المؤقتة عدن تحت حراسات مشددة، وبرغم كشف وسائل الإعلام لذلك، فقد ظل أنصار المجلس الانتقالي يكذبون هذه الأنباء كالعادة.
و كان القاء السلطات الامنية بمحافظة الضالع القبض على 66 ضابطا وجنديا من الحرس الجمهوري والأمن المركزي، كانوا في طريقهم إلى مدينة عدن، تحت حراسة اطقم عسكرية تابعة للمجلس الانتقالي، تأكيدا لهذه العلاقة التي بدأت تترسخ بين المجلس الانتقالي، وطارق صالح، وتعرض أمن الضالع جراء ذلك لضغوط وتهديدات من قبل المجلس الانتقالي، اذا لم يتم الإفراج عنهم، وكان لهذا الموقف دوره في كشف حقيقة العلاقة بين المجلس الانتقالي وطارق عفاش، وأظهرها الى العلن.
الشرعية ترفض والانتقالي يرحب
فيما بدا بحسب مراقبين أن طارق عفاش يهدف لتأسيس تيار جديدا بعيدا عن الشرعية التي لم يبدي اعترافه بها، فإن مواقف السلطة الشرعية كانت واضحة، فقد صرح رئيس الوزراء د.احمد عبيد بن دغر أن أي عمل لا يكون تحت إطار الشرعية لن يكون مقبولا.
غير أن دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي عضو فاعل في التحالف العربي لدعم الشرعية، بحسب ذات المراقبين تبدو غير مكترثة لموقف الشرعية .
ويستدل المراقبين على فتح معسكرات لانصار طارق من الحرس والأمن في العاصمة عدن والذي لم يعد خافيا على أحد.
ما الذي يجمع المجلس وطارق؟
تساؤل تكشف الإجابة عنه كثيرا من الخفايا والخبايا، ففي حين يقول المجلس الانتقالي أن ما يجمع بينهم وطارق هو محاربة الحوثي، يؤكد مراقبون أن أن محاربة الحوثي ليست إلا شماعة.
ويستدل المراقبين بموقف المجلس والمقاومة الجنوبية التي يقودها الزبيدي من القتال في المحافظات الشمالية الذي يتجلى بوضوح تام في محافظة الضالع، حيث توقفت على الحدود السابقة بين الشمال والجنوب، ولم تشارك المقاومة مطلقا في جبهتي مريس وحمك برغم انها جزء من محافظة الضالع، وحائط الصد الاول لها، فلو كان الهدف مقاومة الحوثي لكانت جبهتي مريس وحمك هي أولى
الجبهات التي يفترض أن تشارك فيها .
فيما يذهب آخرون إلى التعليل بأن المجلس أصبح دمية بيد الإمارات تحركه حيث شاءت ولا يملك سوى تنفيذ اوامرها.، ومنها إسناد طارق في مقاومة الحوثي.
أدوات وحصان خاسر
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني إن المجلس الانتقالي وعيدروس الزبيدي وطارق صالح، هما أدوات وأوراق لعب، وليسو لاعبين حقيقين، مؤكدا أن اللاعب الحقيقي هنا هي دولة الإمارات، فهي من صنعت المكونين لمصالحها هي.
واضاف الهدياني في تصريح لـ"الموقع بوست" بأن طارق وعيدروس هما ظواهر، أما جذرها فهي دولة الإمارات العربية المتحدة، والإمارات اتت الى اليمن في إطار التحالف العربي لإعادة الشرعية، وقد ثبت خلال ثلاث سنوات أن دولة الإمارات لا تعمل في إطار نصرة الشرعية.
الهدياني دلل على ذلك بالتأكيد على أن ادوات الهدم التي تتعرض لها عدن، هي من صنع الامارات، بما فيها محاولة الانقلاب والتمرد الأخيرة على الشرعية، ومحاولة اقتحام قصر معاشيق، فالامارات جاءت كي تحمي مصالحها ومكانتها، والمتمثلة في السيطرة على الموانئ والجزر وباب المندب، وفقا للهدياني.
وعن الرابط بين تحالف الطرفين قال الهدياني انه لا وجود لمصلحة استراتيجية لعيدروس الزبيدي ومشروعه الانفصالي، بالتحالف مع طارق ، كما لا توجد مصلحة لطارق ولا لمشروعه مصلحة ايضا سوى الثأر من الحوثيين، او استعادة الحكم في صنعاء بالتحالف مع الانتقالي، معتبرا أن الإمارات العربية المتحدة هي الممول والمخرج.
واعتبر الهدياني المجلس الانتقالي وطارق صالح، حصانان خاسران، قال أنهما لن يوصلان مشروع الامارات إلى حيث تريد هي، ولن يحققا لها ما تصبو إليه.
وعلل الهدياني لذلك بكونهما لا يمثلان الإرادة الشعبية سواء في الشمال أو الجنوب، ودلل على ذلك بأن المجلس الانتقالي دخل حرب في عدن ووجد مقاومة من قبل الجنوبيين، كما أن مشروع الزبيدي لم يستطع حتى إخراج ٦٦ ضابطا من الحرس الجمهوري، من سجن في معقله بالضالع، وتمرد الأمن على رغبة عيدروس واعادهم الى قعطبة.
بالتالي كما يقول ستراهن الإمارات على هذين الحصانين وستفشل وينتصر اليمنيين لأنهم أكثر ولأن مشروعهم الأكمل والأبقى.
وعن مستقبل التحالف بين الطرفين قال الهدياني أنه مرهون بكثير من التطورات، فمثلما فشلت الامارات في محاولة إحياء النظام القديم عبر التحالف مع صالح، ومنع الجبهات من التقدم وحسم المعركة العسكرية على الإنقلاب، وقال بأن الامارات اليوم تكرر المحاولة من جديد بصناعة هذين المكونين، ومثلما فشل المشروع السابق سيفشل هذا المشروع الجديد.
تجربة جديدة
من جانبه قال الكاتب والصحفي المقرب من نجل شقيق الراحل صالح نبيل الصوفي أن المجلس الانتقالي والعميد طارق محمد عبدالله صالح كان كل منهما واضحا كل الوضوح في لقائهما.
واضاف الصوفي في حديث لـ"الموقع بوست" لدينا جميعا تركة ضخمة من التحريض المتبادل بين كل الاطراف، ونوازع الصراع كبيرة جدا، ولهذا فإن قدراتنا على إنتاج تحالف وطني جديد لا تزال محكومة بهذا الارث، والغالب بين الجميع هو التربص وضعف الثقة ما لم يكن انعدامها.
وتابع الصوفي حديثه بالقول: بسبب هذا كله تأتي اهمية هذه التفاهمات، التي قال إنها تقول للجنوب وللشمال والأشقاء إننا لسنا تجار حروب وصراعات لا نهائية.
وعن ما يجمع الطرفين قال الصوفي أن لديهما هدف مشترك، متمثل في التحالف الايراني ضد المنطقة برمتها، ويدرك الجانبين خطورته واهميته واولويته.
ولذا بحسب الصوفي فانهم يضعوا الماضي القريب والبعيد جانبا ويتم التركيز على هذا الهدف المشترك.
واوضح ان هذا التركيز لا يلغي الحسابات الخاصة تجاه كثير من القضايا، بل يمنح الوقت للتوصل الى تفاهمات عبر نقاشات وكل منهم يختبر نفسه ويختبر الاخر ومدى جديته وتغيره.
واكد الصوفي ان المجلس الانتقالي أكد في اللقاء الذي جمع الطرفين انه ملتزم بأهداف الشارع الجنوبي، واولها تحرير صنعاء من وريث الخطايا الوطنية كلها ممثلا بالحوثي، وأنه لن يتحالف مع من لا يحترم هذا الشارع ويقدر نضاله.
و بشأن المخاوف قال الصوفي أن الجنوب لم يعد هو الطرف الضعيف حتى يخاف على نضاله، وقوته هذه هي التي تمد جبهات تحرير الشمال ليعود لمواطنيه.
وعن المستقبل قال الصوفي: لن يحكم لا الجنوب ولا الشمال، الا بما ترضاه قواعده الشعبية.
واختتم الصوفي حديثه لـ"الموقع بوست" بالتاكيد على أن المجلس الانتقالي وطارق، يقدمان تجربة جديدة مختلفة عن كل ما سبقها، وامامهما فرصة لتقديم تجربة تعاون وطنية، يرعاها الاقليم العربي القومي الاسلامي، مشيرا إلى أن التحدي ملقى على عاتقهما أن ينجحا ولا بديل لهما عن ذلك على حد قوله.
طموح إماراتي
من جانبه قال السياسي اليمني ورئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية نبيل البكيري أن التحالف الجديد بين المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده عيدروس الزبيدي وطارق صالح ليس قائما على قناعة بين الطرفين بقدر ما هو تلبية لاجندات ورغبات الممول.
وأضاف البكيري في حديث خاص لـ"الموقع بوست" أن التحالف الجديد بقدر ما يعبر عن التناقضات في الساحة السياسية اليمنية، بقدر ما يعبر عن رغبة وطموح اماراتي، لبسط النفوذ كاملا في اليمن وتراجع النفوذ السعودي.
وعن مستقبل هذا التحالف قال البكيري انه يقوم على فرضية أن الشرعية في اليمن سيتم القضاء عليها ستتلاشى، مع وجود سلطات أمر واقع.
ويعتقد أن مستقبل التحالف حرج جدا وهو ينبئ بتعقيدات المشهد السياسي القادم بشكل كبير، على افتراض أن الشرعية لا يمكن أن تصمت أمام هذا الخلل، الذي يسعى إلى اجتثاثها، والتخلص منها والقفز فوقها، وبالتالي مستقبل هذا التحالف غائم وضبابي للغاية.