[ شلال شائع في سجون تشرف عليها القوات الإماراتية بعدن ]
يتجه المشهد الحقوقي في عاصمة اليمن المؤقتة، نحو مزيدٍ من التعقيد والتشوهات، فبعد أشهر وأسابيع من الضغط على قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، والمتنوع بين وقفات احتجاجية لأهالي المخفيين قسرا، وعشرات التقارير للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية ومثلها وسائل الإعلام، قررت دولة الإمارات وعبر ذراعها العسكري " الحزام الأمني"، إقفال ملف 140 مخفياً قسراً عبر نقلهم إلى سجن آخر مستحدث، وتدشين العمل به رسميا بحضور النائب العام علي الأعوش وعدد من ممثلي القضاء ووزارة الداخلية.
استبشر أهالي المخفيون قسراً خيراً، وظنوا بأن قضية ذويهم باتت قاب قوسين أو أدنى من الانفراج، لكن تلك الظنون خابت، فقد بقي وضع معتقلي بئر أحمد كما هو عليه، وليس ذلك فحسب، فقد أصبح أكثر من 300 ممن كانوا نزلاء في السجن المركزي بالمنصورة، في حكم المخفيين قسراً، فقد نُقلوا هم الآخرون إلى السجن الجديد في بئر أحمد، في خطوة تعد انتهاكاً صارخاً ويُضاف إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تمارسها دولة الإمارات ومعها قوات الحزام الأمني التابعة لها.
وتم نقل نزلاء السجن المركزي بالمنصورة إلى سجن بئر أحمد الجديد والمسمى ب ( القسم الثاني من إصلاحية السجن المركزي)، قبل نحو أسبوعين وذلك على دفعات منفصلة بحسب ما ذكرته مصادر أمنية مطلعة.
وأضافت المصادر لـ"الموقع بوست" بأن قرار نقل نزلاء السجن المركزي بالمنصورة تم اتخاذه من قبل ضباط القوات الإماراتية والتي تقود عمليات التحالف العربي بالعاصمة المؤقتة عدن، دون أن يكون للنائب العام أي دور يذكر في العملية.
وذكرت بأن عددا بسيطا فقط تم إبقاؤهم في السجن المركزي، وذلك لإيجاد مساحة كافية لاستيعاب نزلاء سجن البحث الجنائي والذي تعرض لاستهداف إرهابي أدى لتدميره بالكامل، ما استدعى نقل السجناء آنذاك والذين يفوق عددهم المئة سجين إلى أحد المعسكرات القريبة بمديرية خورمكسر، قبل أن يتم نقلهم إلى السجن المركزي بالمنصورة.
وتقول شقيقة أحد نزلاء السجن المركزي بالمنصورة،" ذهبنا لزيارته يوم الخميس الفائت لنتفاجأ بحراسة السجن تفيد بعدم وجوده، وبمنع الزيارات عموما في السجن المركزي.
وتضيف شقيقة المعتقل-والذي فضلت عدم الكشف عن اسمه حرصا على سلامته- لـ"الموقع بوست" أصبح شقيقي في حكم المخفيين قسرا، بعد أن بقي معتقلا تعسفيا دون أي تحقيق بالسجن المركزي لأكثر من 10 أشهر.
وتذكر " تم نقلهم من السجن المركزي إلى جهة مجهولة دون أن يتم إعلامنا حتى بالمكان الذي نقلوهم إليه، مطالبةً النائب العام علي الأعوش والحكومة الشرعية عموماً بالكشف عن مصير شقيقها وباقي نزلاء السجن المركزي بالمنصورة والذين تم إخفاؤهم قسرا وفي ظروف غامضة.
أما أم حسين نجيب، المخفي قسرا لدى سجن بئر أحمد الذي تشرف عليه قوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، فتقول ذهبنا إلى سجن بئر أحمد لزيارة أوﻻدنا، وذلك بعد أيام من سماعنا للأخبار التي تحدثت عن نقل معتقلي بئر أحمد إلى سجن آخر جديد واعتباره قسم ثانٍ تابع للسجن المركزي.
للأسف لم يسمحوا لنا بالعبور من أول نقطة أمنية، وأخبر الجنود سائق الباص الذي كنت استقله بمعية عدد من أمهات وزوجات المخفيين، أن لديهم تعليمات بمنع اقتراب أي مواطنين، وبلغة تعلوها نبرة التهديد، تضيف أم حسين أثناء حديثها لـ"الموقع بوست".
وتذكر " إلى متى سيظل أبناؤنا مخفيون قسرا!، متسائلة عن القصد وراء استحداث سجن جديد واعتباره ضمن السجن المركزي، ومع ذلك لم يسمحوا لنا بزيارتهم.
مؤكدةً أن معتقلي بئر أحمد ومن بينهم نجلها حسين، لا يزالون في حكم المخفيين قسرا، فقد تم نقلهم من سجن سري إلى آخر؛ وأبدت استغرابها من حضور النائب العام وممثلين عن وزارة الداخلية لتدشين السجن الجديد، والذي ظهر في النهاية بأنه تابعٌ أيضا للقوات الإماراتية والحزام الأمني ولا يخضع للشرعية بتاتاً.
نشاط لأهالي المخفيين
لا يكاد يمر أسبوعٌ واحد إلا ودعت رابطة أمهات المخفيين قسراً والمعتقلين تعسفياً بالعاصمة المؤقتة عدن، لتنفيذ وقفة احتجاجية للمطالبة بحقوق ذويهم المعتقلين، في مشهد أضحت شوارع عدن تعرفه فهذه الوقفات لم تتوقف منذ منتصف العام 2016.
وكانت الرابطة قد أصدرت بيانا صحفيا قبل أيام، قالت فيه،" إن أقاربنا المعتقلين الذين وصلتنا معلومات عن تواجدهم في سجن بير أحمد القديم، تعرضوا لعملية إخفاء قسري جديدة بنقلهم إلى معتقل سري جديد لا نعلم عنه شيئاً ولا ندري هل هو في عدن أم في محافظة أخرى أم خارج اليمن.
وأضاف البيان،" إن السجن الجديد الذي يجري الترويج والدعاية له، ليس أكثر من معتقل سري جديد، يخضع لذات الجهات الأمنية والإماراتية التي أدارت السجون السابقة بكل ما شهدته من جرائم بحق المعتقلين، ومنعنا من زيارة هذا السجن دليل واضح وأكيد أنه لا يختلف عن غيره، طالما لا يخضع لسلطة القانون والقضاء، ويعتقل الناس بأوامر جهات غير مختصة.
وحمل البيان القوات الإماراتية وإدارة أمن عدن وقيادة الحزام الأمني وإدارة سجن بير أحمد المسؤولية المباشرة عن مصير وسلامة المخفيين قسرا في بئر أحمد، إضافة للحكومة الشرعية فهي المسؤولة عما يتعرض لها مواطنوها من انتهاكات وجرائم، من قبل جهات يفترض أنها تابعة لها.
ومن المقرر أن تشهد الساحة المقابلة لمجلس القضاء الأعلى بمديرية خورمكسر، صباح غد الأربعاء وقفة احتجاجية لأمهات وذوي المخفيين قسرا، سواءا أكانوا ممن تم نقلهم من سجن بئر أحمد القديم إلى الجديد، أو ممن تم نقلهم من السجن المركزي قبل أسبوعين والذين باتوا في حكم المخفيين قسراً أيضاً.