[ طيران اليمنية توقف عن الرحلات بسبب الحظر الجوي للتحالف العربي ]
في غرفة صغير بداخل مبنى مطار الملكة علياء بالعاصمة الأردنية عمَّان، يجلس ثلاثة شبان يمنيين دون ماء أو غذاء.
كانت رحلتهم المقررة إلى العاصمة المؤقتة عدن ألغيت صبيحة الأربعاء الفائت، نتيجة قرار قيادة التحالف العربي الأخير، بإغلاق المطارات اليمنية، ليبقى اليمنيون الثلاثة محتجزين وعالقين، إلى أجل غير مسمى، في مشهد يوضح مدى المعاناة التي أحدثها قرار قيادة التحالف بإغلاق المنافذ الجوية لليمن.
حسين وليد، وعبدالله السيد وفكري اليمني،" ثلاثة يمنيين وصلوا إلى مطار الملكة علياء الأردني، مساء الثلاثاء الفائت على أن تكون رحلتهم إلى عدن صباح الأربعاء، لكن ذلك لم يحدث.
ومنذ أن وطأت أقدامهم المطار الأردني ابلغهم ضباط الأمن بأن الرحلات إلى اليمن باتت معلقة، وعليهم الانتظار في غرفة صغيرة حتى يأتي موعد رحلتهم، والذي هو الآخر في علم الغيب.
معاناة مستمرة
وقال حسين خلال اتصال هاتفي مع " الموقع بوست" بقينا دون غذاء ليوم كامل، حتى تواصلنا مع أحد معارفنا وقام بإيصال بعض الوجبات، فكل شيء غالٍ هنا في المطار وبالعملة الصعبة.
وأضاف قدمنا إلى مطار الملكة علياء في رحلة ترانزيت على أن تكون رحلتنا إلى اليمن بعد ساعات فقط من وصولنا، لكن تعذر سفرنا بفعل القرار الذي أصدرته قيادة التحالف، دون أي مراعاة لمعاناتنا، فنحن منذ مساء الثلاثاء بداخل غرفة صغيرة بالمطار، بدل أن نكون الآن في منازلنا ورفقة عائلاتنا في اليمن.
وذكر في سياق حديثه لـ"الموقع بوست" لم تراعي الخطوط الجوية اليمنية ظروفنا ومثلها السفارة اليمنية، والتي تواصلنا معها لكنها لم تبدِ أي تعاون عدا عرضها مساعدتنا في التنسيق للخروج إلى فندق خمسة نجوم بمحيط المطار، على أن ندفع 180 دولار أمريكي لليلة الواحدة؛ ويتابع من أين لنا كل هذه المبالغ؟، نحن لا تريد سوى العودة لبلادنا، ومساعدتنا حاليا للبقاء والانتظار فقد حدثنا المسؤولون في مطار الملكة علياء بأنهم سيعيدونا إلى الدولة التي جئنا منها، في حال ما استمر التعليق لأربعة أيام أو خمسة.
اقرأ ايضا: إغلاق المنافذ اليمنية من قبل التحالف يفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن
وأوضح،" كنا 7 يمنيين، 3 قادمين من أمريكا وآخر من الصين، فيما انا واثنين من أصدقائي قادمين من ليبيا، حيث كان من المقرر أن تكون رحلتنا إلى اليمن يوم الأربعاء؛ تم السماح للقادمين من أمريكا بالخروج من المطار لكونهم يملكون تأشيرات أمريكية أو ما شابه، أما القادم من الصين فقد تمت إعادته اليها في نفس اليوم، لنبقى نحن فقط القادمين من ليبيا، عالقين في المطار، ونسكن بداخل غرفة صغيرة وفرتها إدارة المطار.
وبعد ثلاثة أيام من إعلان قيادة التحالف لقرار إغلاق المنافذ، والذي استثنت منه البحرية، يظهر جلياً أن مئات اليمنيين إن لم يكونوا بالآلاف تضرروا بشكل مباشر، من القرار الذي اتخذته قيادة التحالف العربي دون إيضاح مدته أو حتى أسبابه، فهم الآن بين عالق في مطارات الخارج ويتجرع صنوف العذاب جراء خسارته المالية، وبين آخرين في الداخل ينتظرون الموت بعد أن تأجلت رحلاتهم العلاجية.
انتظار دون نتائج
علي عمر مواطن يمني آخر يحكي قصة معاناته جراء إغلاق المطارات في اليمن، فيقول،" بالكاد استطعنا الانتظار حتى مجيء موعد رحلة والدتي التي بحاجة لإجراء عمليات في العظام، فقد قمنا بحجز تذاكر الرحلة قبل قرابة الشهر، على أن تكون رحلتنا الأربعاء الفائت عبر مطار سيئون إلى مطار الملكة علياء في الأردن.
وأضاف في حديثه لـ"الموقع بوست" من سيعوضنا عن خسارتنا في السكن بمدينة سيئون بحضرموت، فقد قدمنا من محافظة إب، وسط اليمن، مشيرا إلى أن هناك عشرات الحالات المشابهة والتي تكبدت عناء السفر، ومع ذلك بقيت مصير مواعيد سفرهم في علم الغيب، حتى من يفكر بالانتظار لا يستطيع تحمل المصاريف، ولو أن قرار حظر الطيران كان مزمناً لكن أفضل بكثير، حيث ستكون الرحلات أكثر تنظيماً ولم نكن اصلا لنسافر إلى حضرموت لانتظار موعد الرحلة.
ولفت إلى أن وضع والدته الصحي يعد أفضل نسبيا من حالات أخرى، بحاجة للسفر وبشكل فوري، وإلا فإن أوضاعهم الصحية ستتدهور أكثر وقد ينتهي بهم الأمر للموت.
المساعدات والأطباء جزء من الحظر
وكانت قيادة قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، قد قررت إغلاق المنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية بشكل مؤقت، وذلك عقب تمكن ميليشيا الحوثيين والمخلوع صالح الانقلابية من إطلاق صاروخ باليستي باتجاه العاصمة السعودية الرياض، فقد ذكر البيان الصادر عن التحالف بأن هذه الخطوة تأتي لترتيب اجراءات التفتيش للدخول والخروج من اليمن.
وأكد البيان على أن قيادة التحالف العربي تراعي استمرار دخول وخروج طواقم الإغاثة والمساعدات الإنسانية وفق إجراءاتها المحدثة، وهذا ما كشفته منظمة أطباء بلا حدود بأنه مجرد إعلان لم يطبق فعليا على الأرض.
وقالت المنظمة في بيان لها، رصده "الموقع بوست" إن التحالف بقيادة السعودية لم يسمح لطائرات منظمة أطباء بلا حدود بالوصول الى اليمن خلال الثلاثة أيام الفائتة، مما وضع عراقيل مباشرة على إمكانية توفير المنظمة للمساعدات الطبية والإنسانية المنقذة لحياة السكان الذين يواجهون احتياجات ماسّة بالأصل، حسب قولها.
وطالبت المنظمة التحالف بقيادة السعودية بالسماح الفوري للوصول إلى اليمن ومن دون أي عوائق، لضمان تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها.
وأشارت إلى أنه وفي السادس من نوفمبرتشرين الثاني، أعلن التحالف بقيادة السعودية إغلاقاً فورياً لكافة المعابر والحدود اليمنية بما في ذلك المعابر البحرية والمطارات مع الأخذ بعين الاعتبار "ضمان دخول وخروج المساعدات والعاملين في المجال الإنساني." إلا أن ذلك الضمان لم يتم تنفيذه حتى اللحظة.