[ سلطة صنعاء تمارس ابتزازا واسعا بحق القطاع الخاص ]
خرجت الغرفة التجارية في العاصمة صنعاء عن صمتها بشأن ما يتعرض له التجار ورجال الأعمال اليمنيين في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي وصالح من أعمال وممارسات وصفتها بالابتزاز.
وعقد في العاصمة صنعاء اجتماعاً طارئاً للجمعية العمومية للغرفة التجارية الصناعية وإدارة اتحاد الغرف التجارية الصناعية، شارك فيه كبار التجار ورجال الأعمال.
وقال المجتمعون في بيان لهم صدر نهاية الأسبوع المنصرم إن مصلحة الجمارك ووزارة المالية، التابعة للحوثيين، لا ترى في القطاع الخاص إلا مصدراً للإيرادات والرسوم والغرامات والإتاوات، تفرض عليه ما تريد من إجراءات ورسوم وغرامات، ولو كانت مخالفة لأبسط القواعد والنصوص واللوائح القانونية والدستورية.
وأضاف البيان أن "تعامل القائم بأعمال رئيس المصلحة قد تجاوز إقرار إجراءات جمركية تخالف الدستور والقانون، وتعداه إلى رفض الأوامر والأحكام والقرارات القضائية وشخصنة الوظيفة العامة والتطاول على الدستور والقوانين النافذة ووصفها بأنها من (عهد الجاهلية)، حتى وصل به الحال إلى الإساءة والخروج عن اللياقة في التعامل مع كبار التجار ورجال الأعمال الذين يراجعونه في مكتبه بسبب إجراءاته وأوامره التعسفية".
وأكد البيان أن القطاع الخاص لم يعد يستطيع احتمال هذه الممارسات، مشيراً إلى أن خسائر القطاع الخاص التجاري والصناعي تزداد كل يوم بسبب تأخير وحجز البضائع ومدخلات الإنتاج وإعادة الإجراءات الجمركية عليها مرة أخرى وتعريضها للتلف واستنزاف أموال ومدخرات التجار وما يتبع ذلك من خسائر مباشرة وغير مباشرة تهدد وجود القطاع الخاص بأكمله في هذا البلد، وتدفعه للبحث عن بيئة استثمارية أخرى تُصان فيها كرامته وأمواله.
هذا القول ربما ليس بجديد، ولعل الكثير من الممارسات التي قامت وتقوم بها مليشيا الحوثي وصالح، تتجاوز هذا الحديث بكثير، وعمليات الابتزاز والنهب التي تتم كبيرة وواسعة بل إنها صارت مكشوفة ويجري الحديث عنها بشكل يومي.
وأورد "الموقع بوست" أكثر من تقرير عن ممارسات مليشيات الحوثي وصالح المتعلقة بالجمارك وفساد الملايين والمليارات فيها والمليارات الأخرى في قطاعي النفط والغاز، وبالوثائق الرسمية وغير الرسمية.
علاقة البيان بالصراع بين الانقلابيين
ويضع بيان القطاع الخاص استفسارات كثيرة، أبرزها لماذا هذا الموقف للغرفة التجارية بعد مرور وقت طويل من الممارسات والتصرفات والابتزاز الطويل لكل من مليشيات الحوثي وصالح؟ وما أبعاد هذا الموقف الجديد؟ وهل الغرفة التجارية بريئة مما طرحته؟ ولماذا تحدثت الغرفة التجارية عن مليشيات الحوثي فقط ولم تتحدث أو تشير إلى جماعة صالح؟
وفي محاولة للإجابة على هذه الإستفسارات، قالت مصادر لـ"الموقع بوست" بأن "الغرفة التجارية تعيش حالة تخبط وتضارب كبير في التعاطي مع ما حولها وبالذات ما يتعرض له التجار، أما الاقتصاد فلم يعد موجودا باليمن، بل ما هو حاصل هو مجرد أنشطة، والغرفة التجارية شريك رئيسي في ما حل بالاقتصاد اليمني ويحل بالتجار".
وتضيف المصادر "خلال العامين والنصف الماضيين كانت الغرفة التجارية تصدر تقارير كل عدة أشهر تقول فيها إن الاقتصاد اليمني بخير ويتعافى".
وتابعت "الغرفة التجارية كانت تعقد مشاورات مع تحالف صالح الحوثي، هذه المشاورات تخدم التجار، كما أنها توصلت إلى تفاهمات مع تحالف صالح الحوثي لمنح التجار الواقعين في المناطق تحت سيطرة التحالف هذا لمنحهم إعفاءات وامتيازات".
كيف صاغت الغرفة التجارية بيانها؟
في العام الماضي شكلت في صنعاء لجنة لتحييد الاقتصاد، التي كان قد أعلن عنها في ذات الغرفة، ولكن هذه اللجنة منذ ميلادها انتقد أداءها الكثير، والغرفة التجارية اعتبرت ذلك عداءً وأن هذه اللجنة تخدم التحالف السعودي ومن ثم سعت نحو إلغائها، بدليل أن الغرفة التجارية هي أساسا من تمارس الابتزاز بدرجة رئيسية.
مصادر في الغرفة التجارية أوضحت لـ"الموقع بوست" أن الغرفة التجارية تسطو على ما يقدمه الآخرون كالخبراء من رؤى وحلول وتقييم للواقع وتنسبها لنفسها.
وقالت المصادر إن الغرفة التجارية قامت بالسطو على ما ورد في تقارير صحفية حول مشكلة الضرائب المزدوجة، وكذلك الجمارك، والإتاوات المختلفة، التي تفرض على التجار في جغرافيا سيطرة تحالف صالح والحوثي، والغرفة التجارية، ومن ثمّ قامت بتجميع ما نشر في هذا المجال، وصاغت منها بيان إدانة حملت فيه الحوثيين كامل المسؤولية وأعفت طرف صالح.
وأشارت المصادر أن هذا الأمر يأتي في إطار الحرب السرية التي يقودها تيار صالح ضد الحوثيين.
ابتزاز
وتساءل أحد الخبراء الاقتصاديين عن مدى جدية الغرفة التجارية في بيانها قائلاً "الغرفة التجارية لو كانت جادة لأصدرت تقريرا مفصلا عن أسعار بلد المنشأ لكل السلع والمواد المستوردة وكمية الضرائب والجمارك عليها وتعميمها على المواطنين لمعرفة أطر القضية".
وأضاف الخبير الاقتصادي لـ"الموقع بوست"، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "التجار في جغرافيا تحالف صالح - الحوثي يتعرضون لعمليات ابتزاز واسعة وممارسات قمعية من هذا التحالف كالاعتقالات والمطاردات والتهديدات التي تخمد عند الرضوخ من التجار لتقديم المطلوب منهم".
وكشفت مصادر خاصة في صنعاء لـ"الموقع بوست" بأن الغرفة التجارية نفسها تمارس ابتزازا أبشع على التجار تحت مسميات متعددة منها دعم أنشطة ورسوم تجديد وتراخيص وغيرها.
والغرفة التجارية يديرها محمد محمد صلاح عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام وكل قياداتها مؤتمريون.
أحد التجار الذين تعرضوا للابتزاز أفاد لـ"الموقع بوست" بأن جماعة الحوثي وصالح في آن واحد يتسابقون على عملية الابتزاز للتجار، فجماعة الحوثي وعلى مستوى قيادات في اللجنة الثورية تقوم بعقد اجتماعات بكثير من التجار وتفرض عليهم مبالغ مالية طائلة كـ"مجهود حربي" وقد ضاق حال التجار بهذه التصرفات فعلا، على حد قوله.
ومن جانب آخر تقوم جماعة صالح بعقد اجتماعات بالتجار كلما أعلنت عن فعالية جماهيرية وتطلب منها تقديم الدعم للحشد، وكان آخر تلك الممارسات التي اتخذت بحق التجار في فعالية 24 أغسطس/آب.
ومن هذا المنطلق صار التجار بين مطرقة الحوثي وسندان صالح، وما هذا الموقف الأخير إلا جزءا من الصراع على تلك الإتاوات بين الطرفين.