[ صالح يسعى لتنظيم فعالية بمناسبة ذكرى تأسيس حزب المؤتمر ]
منذ أيام يستعد أنصار المخلوع صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام للاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الحزب التي تصادف 24 أغسطس/آب الجاري، في خطوة وصفت بالسياسة الاستعراضية.
وفي الوقت الذي يحشد فيه أنصار المخلوع لمهرجانهم المقرر أن يكون في ميدان السبعين، قامت مليشيا الحوثي بالتوازي بحشد مقاتليها، ووجهت الجماعة لأول مرة بإقامة مهرجانات في منافذ العاصمة صنعاء، لـ"مواجهة التصعيد بالتصعيد"، كما حدث قُبيل انقلاب سبتمبر/أيلول 2014.
وتحت ذات الشعار الذي أطلقته الجماعة، خرجت أمس الجمعة مسيرة حاشدة في معقل الحوثيين بصعدة، دعا المشاركون فيها إلى رفد جبهات القتال بالمال والسلاح وجميع أشكال الدعم لدحر ما أسموه بـ"العدوان السعودي ومرتزقته".
واعتبر محللون ذلك أنه دليل على بدء تصدع حقيقي للجبهة الداخلية لشريكي الانقلاب، ومقدمة لاحتدام محتمل للصراع بينهما، برغم أنها ليست المرة الأولى التي يستغل فيها الجانبان المناسبات للحشد واستعراض القوة.
وظهر اليوم وبشكل جلي حجم الهوة بين الحوثيين والمخلوع صالح، عقب تصريحات زعيم مليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي، الذي قال إن هناك من الحلفاء في الداخل من يمارس دور الخداع والتنصل من المسؤولية، لافتا إلى تلقيهم الطعن في الظهر ممن يتماهي مع سلوك القوى في أبوظبي والرياض، في إشارة إلى حزب المؤتمر برئاسة صالح.
جاء هذا التحرك في وقت كثر فيه الحديث عن تنامي انعدام الثقة بين حليفي الانقلاب، وإمكانية التحالف الخارجي مع أحدهما على حساب الآخر، خاصة بعد وجود تسريبات -تم نفيها لاحقا- تحدثت عن وجود تفاهمات بين بعض دول التحالف العربي والمخلوع، لإسقاط صنعاء والتخلص من الحوثيين، وعودة نجل صالح.
ويراهن كثير من المتابعين للوضع في اليمن، على الخلافات بين شريكي الانقلاب، والتي من شأنها أن تقضي على الحوثيين وكلاء إيران في البلاد الذين يرغبون بالعودة إلى الإمامة، لكن ذلك أيضا يفتح الباب أمام التساؤلات التي تثيرها عودة المخلوع صالح وأسرته للحكم، خاصة أنها ستصطدم بطموحات شباب ثورة فبراير/شباط 2011 التي كانت ترفض التوريث.
الانقسام بين شريكي الانقلاب
وعقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، ظهر بشكل جلي التحالف بين الحوثيين والمخلوع صالح، برغم إنكار قياداتهم لذلك، لكن وبعد مرور أشهر على الانقلاب باتوا يعملون كفريق واحد ويعترفون بشراكتهم، لكن برزت إلى السطح كثير من نقاط الخلاف بينهما التي تنبئ باحتمال اندلاع معارك بينهما.
ويرى المحلل العسكري علي الذهب، أن الانقسام فعلي بين شريكي الانقلاب الحوثي وصالح، ولا يقول غير ذلك سوى جاهل بخلفية الأحداث في اليمن وعمقها التاريخي.
وأشار في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى وجود قيادات في جماعة الحوثيين أو أنصار صالح، تتستر على ذلك الانقسام الحاصل لدواعٍ سياسية.
وبالنسبة للذهب فليس هناك طرف أقوى وطرف أضعف، مُبيِّنا "الحوثيون، مثلا، هم سلطة الأمر الواقع، ويديرون أعمال الدولة في مناطق الانقلاب، فيما يمثل المؤتمر شريكا ثانويا، رغم أن كوادره يشكلون أكثر من ثلثي منتسبي جهاز الدولة، لكنهم خاضعون لقيادة حوثية عليا، لا شأن لها بالمجلس السياسي الذي أصبح وجوده شكليا، ومصيدة لمراكمة أخطاء الحوثيين وتأجيج الجماهير عليهم".
واستدرك "ولا ننسَ أن العامل الخارجي يلعب دورا مهما في تحديد من الأقوى، ومن ينبغي أن يبقى".
ولفت كذلك إلى مراهنة الحوثيين على ما قدموه من تنازلات للولايات المتحدة، برعاية عُمانية، وكذا الموقف السعودي المناوئ لصالح، في أن يكونوا هم الكفة الراجحة في أي مواجهة قادمة.
وإذا أراد صالح بهذه الحشود انتفاضة شعبية، أو نواة لثورة أو انقلاب ضد الحوثيين، فعليه أولا -كما يذكر الذهب- أن يضمن الموقف الخارجي، وولاء أغلبية القادة في الجيش والشرطة والأجهزة الحكومية، أو على الأقل تحييد دورهم في الموجهات المحتملة.
استعراض وطموح
وبرغم تصاعد حدة الخلافات بين شريكي الانقلاب يوما بعد آخر، إلا أن نائب رئيس تحرير صحيفة المصدر، علي الفقيه، يرى أنها لن تصل إلى حد الصدام بينهما في هذا التوقيت.
وفي معرض حديثه ذكر لـ"الموقع بوست" أن هناك خلافات حقيقية بين الجانبين، وأًصبح كل طرف يتوجس من أن يلتهمه الآخر (في إشارة إلى طموح كل طرف على حده بالسلطة).
ووصف مهرجان الخميس المقبل الذي يتم التحضير له بـ"الاستعراضي"، يرغب المخلوع صالح من خلاله الإثبات للخارج أنه لا يزال قوة ويمكن التفاوض معه.
وتطرق إلى المهاترات الإعلامية، وما أسماه بـ"حرب التصريحات"، والحشود، وهي أكثر ما يمكن أن يصل إليه الطرفان في هذه المرحلة، التي تعبر عن انعدام الثقة بينهما، بحسب اعتقاده.
ووفقا للفقيه، فحين يقرر الخارج مد يده لأحد طرفي الانقلاب، حينها يمكن أن يحدث الصراع الحقيقي بينهما، كونهما يتصارعان على من يمكنه أن يبيع للآخر ويقبض الثمن.
وتذهب المؤشرات إلى أن الجميع يعتبر سيطرة إيران على الخاصرة الجنوبية للملكة العربية السعودية، أمر في غاية الخطورة، وهو ما يراهن عليه المخلوع صالح الذي يسعى من خلال تحركاته الأخيرة إلى تقديم البراهين بأنه لا يزال صاحب قوة وتأثير ليحظى بقبول الخارج، على حد قول الفقيه.
الجدير ذكره أن حزب المؤتمر الشعبي العام، تأسس في 24 أغسطس/آب 1982، وحكم اليمن حوالي 30 عاما، عبر مرشحه المخلوع علي عبدالله صالح الذي كان أيضا أحد مؤسسي الحزب، لكنه احتكر صفة "المؤسس الوحيد" للحزب، وأطاحت به ثورة فبراير/شباط 2011.