[ الرئيس هادي ]
أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي مجموعة قرارات جمهورية قضت بتغييرات في الجيش اليمني والسلطة المحلية، وتعد الأكثر أهمية منذ مطلع العام الجاري.
وعين الرئيس هادي اللواء فرج سالمين البحسني محافظا لمحافظة حضرموت مع احتفاظه بمنصبه كقائد للمنطقة العسكرية الثانية التي تتخذ من مدينة المكلا مقرا لها، وذلك خلفا للمحافظ المثير للجدل أحمد سعيد بن بريك.
وقضى قرار آخر بتعيين علي بن راشد الحارثي محافظا لمحافظة شبوة، خلفا للمحافظ السابق أحمد حامد لملس.
في حين نص القرار الثالث على تعيين أحمد عبدالله علي السقطري محافظا لمحافظة أرخبيل سقطرى، خلفا لسالم عبدالله السقطري.
كما أصدر الرئيس هادي ثلاثة قرارات جمهورية في السلك العسكري، قضت بتعيين اللواء الركن أحمد البصر سالم سعيد أركان المنطقة العسكرية الرابعة، واللواء الركن صالح قايد الزنداني نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة، خلفا للواء الراحل أحمد سيف اليافعي، بينما قضى القرار الثالث بتعيين اللواء الركن ناصر عبدالله ناصر رويس رئيساً لهيئة العمليات في القوات المسلحة.
وتكتسب القرارات أهميتها في طبيعة الظروف التي تمر بها اليمن، والأحداث التي عاشتها مؤخرا، فقد أطاحت القرارات بثلاثة محافظين (حضرموت، شبوة، سقطرى) لم يكملوا مدة عام منذ تعيينهم بفترات العام الماضي، وكانوا أكثر الشخصيات إثارة للجدل في اليمن في السلطة المحلية.
وارتبط المحافظون الثلاثة المقالون من مناصبهم بما عرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي شُكل في عدن بقيادة المحافظ المقال عيدروس الزبيدي مطلع العام الجاري، ووردت أسماؤهم ضمن تشكيلة المجلس، وأعلنوا بشكل صريح ولاءهم للمجلس.
وتعد هذه القرارات ضربة قاصمة للمجلس الذي سعى القائمون عليه إلى محاولة إظهاره كممثل للجنوب من خلال ضم محافظي المحافظات الجنوبية إلى عضوية المجلس، لخلق اصطفاف شعبي مساند لهم.
ويأتي صدور هذه القرارات ليحدث خلخلة في تشكيلة المجلس، وإبعاد الصفة الرسمية عن أبرز قياداته، وتجريدهم من الوظيفة الحكومية ليصبح عدد من أقيلوا من مواقعهم جراء اشتراكهم في إعلان المجلس خمسة أعضاء، كان أولهم محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك، ثم لحق بهم المحافظون الثلاثة.
تتعلق القرارات الثلاثة الخاصة بالسلطة المحلية بأكثر المحافظات أهمية في الجنوب بعد العاصمة المؤقتة عدن، فحضرموت كانت مؤخرا مسرحا للعديد من الفعاليات التي ابتعدت بطبيعتها عن النسق العام للجمهورية اليمنية، وسعت لخلق هوية خاصة بالمحافظة، وأدارت ظهرها للجميع، ثم تصدرت المحافظة أخيرا عناوين الإعلام الدولي كأبرز وكر لحوادث الانتهاكات لحقوق الإنسان، والتي شهدها مطار الريان سيء الصيت، وكشفت عنها منظمة هيومان رايتس والأسوشيتد برس.
أما محافظ المحافظة المقال اللواء أحمد بن بريك فقد مثل هو الآخر ظاهرة صوتية مزعجة بالنسبة للشرعية، بعد ظهوره شاردا عن توجهها العام، ووصل به الأمر حد مهاجمتها واتهامها بالفساد.
ورغم مساعيه في استعادة مؤسسات الدولة وإعادتها للعمل، فقد أخفق بن بريك في الإمساك بزمام الأمور بالمحافظة، ولم يتمكن من إعادة تشغيل مطار الريان، وتعد إقالته ضربة قاسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتولى عملية الإشراف على الوضع في حضرموت، وزارها أكثر من مرة.
وفي محاولة لتلافي الأخطاء والقصور فقد أسند هادي مهمة إدارة محافظة حضرموت لشخصية تنتمي للمؤسسة العسكرية، وأكسبها هذه المرة ميزة إضافية بالجمع بين قيادة المحافظة والعمل العسكري.
وتبرز الأوضاع الأمنية واستعادة العمل في مؤسساتها خاصة الجانب النفطي، واستكمال تطهيرها من تنظيم القاعدة أكثر الأولويات الملحة في حضرموت.
بالنسبة لمحافظة سقطرى، فقد كانت هي الأخرى محل جدل متواصل بعد شيوع أنباء عن عبث كبير يمارس فيها، لتغيير هويتها، ومساعٍ للاستئثار بها، ويأتي قرار التغيير فيها ليمثل ثاني عملية تبديل في قيادتها منذ قرار اعتمادها كمحافظة مستقلة.
وتمثل شبوة أيضا أهمية كبيرة كمركز نفطي، وممر طويل لحركة التجارة الداخلية، وتتطلب حزما أكثر لإعادة الحياة إليها، بعيدا عن مظاهر الفساد التي وجهت للقيادات السابقة المتعاقبة على إدارتها.
وفي كل الأحول يظل السؤال قائما: هل تعكس القرارات الجديدة توجها جديدا للرئيس هادي، يتلاءم مع طبيعة التحديات الراهنة أمام نظام الشرعية، أم أن الأمر سيكون -كالعادة- مجرد قرارات تصدر ثم تترك لتواجه الريح والعواصف مجددا؟