[ الضابط كردة الذي عذبته قوات إماراتية في سجون سرية بعدن ]
كشفت محامية وناشطة أمريكية عن تورط الإدارة الأمريكية بتعذيب وانتهاكات لمعتقلين في سجون سرية باليمن.
وكتبت كوري كرايدر، وهي محامية وترصد انتهاكات سياسات الأمن القومي لعدة صحف أجنبية، لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمركية، قائلة إنها التقت في عام 2010 مواطناً أمريكياً كان محتجزاً بأحد السجون السرية ذات الأسوأ سمعة في التاريخ اليمني وهو سجن الأمن السياسي، حيث أطلقت عصابة من اليمنيين الملثمين النار عليه بوضح النهار في شارع قريب من بيته، ثم ألقوه في إحدى الشاحنات وسارعوا بالذهاب.
وقالت كوري إنها في ذلك الوقت كانت تعمل محاميةً ومديرةً لمؤسسة "ريبريف"، وهي منظمة غير حكومية تهتم بحقوق الإنسان، حيث كان فريقها متخصصاً في الانتهاكات التي تحدث باسم "الحرب على الإرهاب" خاصة ما يحدث في معتقل غوانتانامو وسجون "المواقع السوداء"، وهي سجون سرية أمريكية كان يتم احتجاز كل المشتبهين فيها وتعذيبهم خارج إطار القانون.
واضافت "وبالرغم أن هذا كان في بداية حكم أوباما، إلا أنه من الواضح في ذلك الحين أن العديد من سياسات مكافحة الإرهاب المشكوك فيها والتي ظهرت في عهد جورج بوش الابن لم تنته بعد، حيث بدأ فريق كوري بإجراء تحقيقات حول الاعتقالات في اليمن حينما علمت بأن مسؤولين في المخابرات الأمريكية يديرون ما يسمى بعمليات "الاحتجاز بالوكالة"، حيث تقوم قوة محلية شبه عسكرية باختيار شخص ما وتعذيبه ومن ثم إحالته بعد ذلك إلى محققين أمريكيين للتحقيق معه.
وأوضحت كوري أن عائلة المتهم طلبت منها أن تحاول معرفة ما حدث لقريبها المعتقل وتقديم المساعدة القانونية له، حيث إنه كان يحاول مغادرة اليمن مع زوجته وأطفاله، وطلب المساعدة من السفارة الأمريكية ليعودوا إلى ديارهم بأمان، لكن طلبه جاء بنتائجٍ عكسية، حيث قام تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعد أسابيع قليلة بشن هجوم إرهابي فاشل على طائرة تابعة لشركة "ديترويت" يوم عيد الميلاد.
وذكرت كوري في المقال الذي نشرته مجلة "ذا أتلانتيك الأمريكية" أنه أخبرها كيف قضى أسابيع وهو مقيد على سرير مستشفى، ومعصوب العينين، منتظراً لحظة قتله في أي وقت، حيث إنه عندما ظهر محققان أمريكيان، سأل عن حقه الدستوري في الاستعانة بأحد المحامين، وهو ما تم الرد علية باستهانة من المحققين قائلين "لا يوجد دستور هنا يا بني".
وقد حكى المتهم أيضاً -حسب كوري- بأن يمنياً كان يؤرجح مفتاح منزله في وجهه، في حين وعده نظراؤه الأمريكيون بأنه سيتعرض للضرب والاغتصاب في سجن يمني وأن زوجته وابنته ستواجهان المصير نفسه، حيث نقل في وقت لاحق إلى موقع سري آخر، حيث كان يركل الحراس ساقه المصابة مراراً وتكراراً إلى أن يفقد وعيه.
وكانت كوري قد قابلت عدة أشخاص آخرين مروا بتجربة الاحتجاز السري في اليمن، وعملت مع جماعات حقوقية محلية كانت تمثل أعداداً كبيرة من المحتجزين الذي تردد معظمهم عن الحديث عن تجربتهم، لكنهم حدثوها عن السجناء المحتجزين دون تهمة أو محاكمة، حتى إن بعضاً منهم تم احتجازهم لأكثر من عشر سنوات.
وتقول كوري بأن الولايات المتحدة قد تورطت في مثل هذه السجون السوداء تحت إدارة بوش وأوباما على حدٍ سواء، وهو الأمر الذي غذى شعور السكان المحليين بأن أمريكا ترحب بدعم أكثر للقوات اليمنية شبه العسكرية، مقارنة بكل الخطابات الرنانة التي هزت جدران السفارة الأمريكية، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية في الحقيقة لم تبدي اهتماماً كبيراً بدعم سيادة القانون.
وذكرت وكالة أنباء "أسوشيتد برِس"، الخميس الماضي، أن الإمارات العربية المتحدة قد أقامت سلسلة من المواقع السوداء في أنحاء متفرقة من جنوب اليمن، وأن الولايات المتحدة على ما يبدو متورطة بشكل كبير في سلسلة الاعتقالات هذه، وهو ما اعترف به مسؤولون بوزارة الدفاع بأنهم يشاركون في التحقيق مع المحتجزين في عدة مواقع باليمن.
وكان من الواضح خلال تحقيقات كوري في اليمن عام 2010، أن مسؤولي المخابرات الأمريكية فقدوا اهتمامهم بالأمريكي المعتقل والذي أتت من أجل زيارته.
ولفتت إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية قد ضم أفراداً أكثر بكثير إلى صفوفه خلال حرب كلٍّ من بوش وأوباما ضد الإرهاب، ويرجع ذلك -حد قولها- إلى الانتهاكات التي حدثت خلال ولايتهما. ويبدو مع ذلك أن هذه المجموعة الفاشلة من السياسات ستستمر تحت إدارة ترامب أيضاً.
وأشارت كوري إلى أنه بات من الواضح أن هذه الممارسات التي يتم تنفيذها في جنوب اليمن على نطاقٍ واسع، ستثير غضباً مريراً مع مرور الوقت، بل إنها قد تطيل أمد الحرب الأهلية.