[ مليشيات الحوثي - أرشيفية ]
في زمن المليشيات فقط، يحدث أن تكون راكبا أو مسافرا، وفي لمحة بصر تصبح معتقلا وتودع في السجن دون أي تهمة واضحة أو منطقية.
فقط أنت شرعبي، أو مخلافي، أو حمادي، أو تعود أصولك إلى تعز، فانت داعشي في نظر المليشيات ومهدد بالاعتقال، في أي لحظة ربما.
لن نذهب نحو استعراض تفاصيل الاعتقالات التي تقوم بها مليشيات الحوثي وصالح منذ بداية الحرب، الفترة التي عاشت اليمن أسوء مراحلها من كل الاتجاهات، وعلى كافة المستويات، على مستوى الاقتصاد والحريات والتعبير والاستقرار، ولكن المؤلم والأسوأ أكثر، وما تقوم به المليشيات من تصرفات يدينها العالم على مدار الساعة، هي تلك التي تتعلق بالاعتقالات والتعذيب بداخل السجون حد القتل والموت.
اعتقالات بالجملة مع قدوم العيد
الجديد وحسب معلومات "الموقع بوست" في هذا الشأن، هو ما يحصل هذه الأيام، أثناء فترة إجازة عيد الفطر، من اعتقالات للمسافرين، ومن احتجازات وتفتيش للممتلكات، وهواتف الناس وما إليها، وذلك من قبل رجال المليشيات المنتشرين في النقاط الرابطة بين صنعاء وذمار والبيضاء وإب وتعز ومأرب، وبشكل أدق حيث تبسط المليشيات تواجدها.
أنت طالب جامعي، وقررت السفر من صنعاء إلى تعز، مع خمسة من زملائك الطلاب الذين يدرسون معك في ذات الجامعة، وهم من أبناء قريتك، فتأكد أنك ستكون في صنعاء طالب، وفي ذمار إرهابي، وداعشي، بعد أن تطلب المليشيات منك، ومن زملائك، بطائق الهوية، وتكتشف أنكم من قرية واحدة، وهذا ما يحدث.
(ش. م. س) سائق باص، يقوم بنقل الركاب من صنعاء إلى تعز، قال لـ"الموقع بوست": "الحوثيون المتواجدون في النقاط يركزون على الركاب باستمرار، ويطلبون البطائق من المسافرين بكل نقطة، وفي حال الاشتباه بأي مسافر يقومون بإنزاله واختطافه، وهذا ما يحصل في أكثر من مرة، وقد حصل معي قصص كثيرة، وتعرضت أنا والركاب للسجن أكثر من سبع مرات وفي سجون مختلفة".
وأضاف: "قبل يومين كان معي ركاب منهم ستة من منطقة المخلاف (تمثل مديريتتين في تعز) وكانوا مسافرين معي من صنعاء إلى تعز، وهم طلاب وعمال، وفي إحدى نقاط ذمار طلبوا البطائق فأعطى الركاب رجال النقطة البطائق ولما لاحظوا أنهم من المخلاف أنزلوهم من فوق الباص واحتجزوهم وقالوا لنا وللبقية الله معكم".
الفيسبوك والواتساب وسائل للاختطاف
الملفت أن مليشيا الحوثي لم تكتفِ بهذا وحسب، بل وسّعت من حملة الملاحقة والتضييق، لتشمل مؤخراً وسائل التواصل الاجتماعي، والسعي نحو فرض رقابة عليها وعلى ما يتم تداوله فيها، عن طريق مراقبة المنشورات والمشاركات، وبطرق مختلفة منها: التفتيش لأجهزة وموبايلات كثير من الناس المسافرين بين المدن على متن باصات النقل، وغيرها من وسائل التنقل الأخرى، ومن خلال هذا الإجراء تحتجز المليشيا أي شخص يتم العثور في جهازه المحمول على صور أو منشورات معارضة لهم.
يقول توفيق الوهباني، أحد المسافرين الذين تعرضوا لمثل هكذا إجراء وتعسف لـ"الموقع بوست": "أكثر من 40 نقطة تفتيش للحوثيين تنتشر في طريق تعز – صنعاء، وخلال هذه النقاط يخضع الركاب للتفتيش خصوصاً هواتفهم المحمولة".
ويتابع "يشمل التفتيش عادة لجهات الاتصال، والفيسبوك، والصور ومقاطع الفيديو، وقد سبق وأن احتجزت جماعة الحوثي العشرات من الركاب بعد الاطلاع على حساباتهم وأشيائهم في موبايلاتهم".
ويشير: "أحياناً صاحب الباص يغادر من صنعاء بـ16 راكباً ويصل إلى تعز بـ12 راكباً، أو عشرة غالباً.. العدد المفقود من الركاب هم ممن خضعوا للتفتيش وكان مصيرهم الاحتجاز لدى مليشيا الحوثي".
صورة للشيخ المخلافي في موبايلك تقودك إلى السجن
التفتيش لموبايلات المسافرين وغيرهم من المواطنين، ظاهرة معروفة وبارزة في أوساط اليمنيين، فإذا ما كنت مسافرا أو ستعبر أي منطقة تتواجد فيها المليشيات سينصحك الناس وأصدقاؤك وأهلك بمسح كل الصور في الموبايل، ومسح كل جهات الاتصال في التلفون، لأن التلفون أصبح جريمة في زمن مليشيا الانقلاب.
سامي أحمد، أحد أبناء تعز وأحد الضحايا قال لـ"الموقع بوست": "احتجزوني الحوثيين في نقيل يسلح أثناء وصولي من تعز على متن باص نقل، وتركوني في السجن لمدة 20 يوماً، وذلك على ذمة أنهم وجدوا في هاتفي صور للمقاومة الشعبية وللشيخ حمود سعيد المخلافي".
منطقة رداع ونقطة أبو هاشم
أن تكون موظفا حكوميا في مأرب وقررت السفر لزيارة أهلك في تعز أو إب أو أي منطقة أخرى، فأنت مجبر على السفر من مأرب عن طريق البيضاء ومن ثم رداع ذمار ومن ثم تعز.
كثيرون ممن يعبرون هذا الطريق، يحكون قصص كثيرة عن الاعتقالات التي يتعرض لها الكثير من المسافرين والعائدين من مأرب في نقطة شهيرة صارت تعرف بنقطة أبو هاشم، وإذا ما اتصل أحد إلى أهله أو إلى صديقه وقال له إنه محتجز في رداع فسيعرف أنه عند أبو هاشم.
لأن بشرته سمراء اعتقل
يحكي "م. ر. ص." لــ "الموقع بوست" قصة اعتقال له استمرت لمدة أسبوع في نقطة أبو هاشم بالقول: "ذات مرة ذهبت لاستلام مرتبي، ووصلت إلى مأرب مع النقل الجماعي، ووصلت بسلامة الله رغم المخاوف ورغم ترددي من الذهاب، وبعد أسبوع من استلام راتبي سافرت عن طريق خط البيضاء رداع وفي نقطة أبو هاشم هذه شافوا بشرتي سوداء وثيابي متسخة فاشتبهوا بي وطلبوا بطاقتي، وعندما أعطيتهم البطاقة لاحظوا أنى من تعز فأنزلوني من الهيلوكس وقالوا: أنت شكلك كنت في الجبهة أنت ضيف عندنا اليوم".
ويضيف: "أسبوع من التحقيقات في مخيم، والبهذلة ووجبة في اليوم، وفحص للتلفون، وما إلى ذلك من الإجراءات التعسفية والقهر والإذلال بدون سبب، أطلقوا سراحي رحمة من الله فقط أما هم فلا بهم لا رحمة ولا يحزنون".
بنبرة ألم يقول: "ليلة واحدة بين البرد في مخيم الاحتجاز في نقطة أبو هاشم كأنها سنة كاملة وعذاب لا ينسى".