[ يمنيون يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة جراء الحرب وانتشار وباء الكوليرا ]
يستقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك هذا العام في ظل حرب تعصف بالبلاد للعام الثالث على التوالي، ناهيك عن استمرار انقطاع الرواتب عن موظفي الدولة وانتشار وباء الكوليرا الذي فتك بالمواطنين في معظم المحافظات اليمنية.
ولم تدع الحرب التي تنخر في جسد المواطن اليمني، منذً أواخر العام 2014، أي شيء من المظاهر التي كانت تتميز بها العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات في شهر رمضان.
تلاشت تلك الفعاليات الثقافية النوعية ومشاريع الإفطار الكبيرة التي كانت تطعم كل الفقراء والمساكين مع قدوم الشهر المبارك وغيرها من الفعاليات الخيرية والمجتمعية، ليحل مكانها أنين المواطنين وشكاواهم من الأمراض والجوع في ظل توقف الأعمال في القطاع الخاص، وانقطاع الرواتب الحكومية عن ملايين الموظفين منذُ أكثر من 8 أشهر.
ولم يسلم المواطن المحاصر من الغلاء الفاحش في الأسعار، خاصة عند قدوم شهر رمضان، الذي يضطر فيه التجار لرفع الأسعار، بحجة توافد المواطنين لشراء احتياجات رمضان، ولعدم وجود رقابة ومحاسبة من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح سلطات الأمر الواقع التي حولت العاصمة صنعاء إلى أكبر بؤرة وباء للكوليرا، حيث بلغ عدد حالات الإصابة فيها إلى أكثر من ثلث الحالات المصابة في مختلف المحافظات اليمنية، بحسب بيان منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" والذي صدر مؤخرا.
وتشهد الأسواق حركة كبيرة للمواطنين، لكن أصحاب المولات والسوبر ماركات يشكون من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، بسبب الأزمة المالية وانقطاع المرتبات وتعطل الأعمال في صنعاء، كما يقول موظف في أحد المولات بصنعاء لـ"الموقع بوست".
وأشار العامل إلى أن المولات التجارية تلجأ قبل قدوم شهر رمضان إلى إنزال عروض تخفيضات قبل شهر رمضان يستفيد منها بعض أصحاب الدخل المحدود، لكن العروض -كما يقول- ليست بالشكل المطلوب ولا تكاد تذكر.
وأكد أن العديد من المواطنين يتسوقون إلى المول، ولايشترون أكثر من حاجتين نظرا لأوضاعهم المادية الصعبة، مشيرا إلى أن أسر كثيرة يحاول عائلها أن يسير على الأقدام ومسافة طويلة من أجل أن يشتري طبق بيض أعلن المول عن تخفيض 100 ريال من ثمنه الحقيقي، ويقطع المسافات الطويلة لكي يوفر تلك المئة ريال لشراء شيء آخر.
أم محمد البالغة من العمر 60 عاما لم تنسَ دور الجمعيات الخيرية في شهر رمضان التي كانت تقدم معونات إنسانية لمعظم الفقراء وأصحاب الدخل المحدود في مختلف أحياء العاصمة صنعاء قبل أن تغلقها جماعة الحوثي.
تعيش أم محمد في حي السنينة في منزل شعبي يتكون من غرفتين، وتعيل 4 من أولادها بعد أن توفى والدهم في حادث مروري قبل سنوات في حي الستين.
تقول أم محمد لـ"الموقع بوست" إنها لا تنسى الخير والتراحم الذي كانت تبدية الجمعيات الخيرية طوال السنة وبالأخص في رمضان، مشيرة إلى أنهم لم يدعو محتاجا إلا وزرعوا الابتسامة والفرح له ولأسرته.
وأضافت أم محمد أن جمعية الإصلاح الخيرية كانت تتعهدها في رمضان وتوفر لها المواد الغذائية، وتوفر الكسوة في العيد لأولادها.
وتابعت "الآن سندخل في رمضان ثالث، ونحن بلا مساعدات إلا ما ندر من بعض المنظمات التي لا توزع في صنعاء إلا عن طريق عقال الحارات ومن لم يتابعهم ويشغلهم سيموت جوعا"، حد تعبيرها.
واشتهرت صنعاء قبل دخول الحوثيين إليها بتنوع الجمعيات الخيرية والتنموية وتعدد مجالات اهتمامها.
وشهدت في السنوات الماضية مبادرات تنموية وخيرية استطاعت أن تسدّ، ولو جزءاً بسيطاً، من احتياجات الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل.
ومنذ الـ21 من سبتمبر/أيلول تاريخ سيطرة ميليشيات الحوثي على العاصمة صنعاء، اتُّهم الحوثيون بممارسة كل أنواع التضييق على تلك الجمعيات إلى حد الوصول إلى إغلاق المئات منها، تحت مبرر أنها تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي تعتبره الجماعة خصماً لها.
من جانبه، يقول المواطن محمد منصر إن الحرب سرقت عن كل أبناء الوطن الفرح والإستقبال والحفاوة بشهر رمضان كما كانوا يفعلون في الأعوام الماضية.
واسترجع منصر -في تصريح لـ"الموقع بوست"- ذكريات الأعوام الماضية، وكيف كان الناس يستعدون لاستقبال شهر رمضان. وتابع "كانت الأسواق مكتظة بالناس في مثل هذا الوقت قبل الحرب التي دمرت البلاد، والروحانيات تعم المكان وترتفع أصوات منابر المساجد بالذكر، والأطفال يرددون أناشيد رمضان".
وأشار محمد إلى أن المواجهات الدائرة في مختلف المحافظات اليمنية ليست هي السبب الوحيد الذي يمنع الكثير من اليمنيين من الإستعداد لشهر رمضان، فظهور مرض الكوليرا وانقطاع الرواتب عن الموظفين في القطاع الخاص والعام له أثر بالغ.
وأكد أن المواطنين اعتادوا على انتظار رواتبهم، من أجل تلبية احتياجات رمضان، ولكن رمضان هذا العام سيحل في وقت يعاني فيه الموظفون في القطاع العام منذُ أكثر من 8 أشهر، بالإضافة إلى تسريح المزيد من الموظفين في القطاع الخاص لتكتمل المعاناة ويتحول شهر رمضان إلى كابوس.