[ ارتفعت وتيرة المطالبة بالانفصال بعد تحرير عدن من المليشيا الانقلابية ]
يعيش اليمن أوضاعا مأساوية في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، وازداد الوضع تعقيدا مع وجود أصوات تنادي بالانفصال، عملت على إرباك المشهد اليمني الذي يتمسك أبناؤه بكل الوسائل التي تحقق لهم الاستقرار.
ويحتفل اليمنيون اليوم بالذكرى السابعة والعشرين للوحدة اليمنية التي تم التوقيع عليها بين قيادات شطري البلاد في 22 مايو/أيار 1990، في ظل اضطراب تشهده المحافظات الجنوبية، وتباين واسع في جنوب البلاد في وجهات النظر إزاء تلك القضية.
مؤخرا وعلى إثر إقالة الرئيس هادي لمحافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي، ولوزير شؤون الدولة المحال إلى التحقيق هاني بن بريك، الذين تدعمهم الإمارات العربية المتحدة، قاما بإعلان "عدن التاريخي" الذي أعقبه تشكيل كيان يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، في خطوة وصفها البعض بالانقلابية.
واحتشد بعض أبناء جنوب اليمن في عيد الوحدة الوطنية تنفيذا لدعوات الحراك الجنوبي الذي يتهم بتلقي الدعم من إيران.
وعشية عيد الوحدة أكد الرئيس عبدربه منصور هادي أنه لن يسمح بتقسيم اليمن إلى دويلات، مضيفا أنه لن يسمح "للكيانات الهشة من أن تفرض نفسها تحت أي مسمى أو تدعي تمثيل البلاد بغير حق أو تمارس العمالة والارتزاق باسم شعبنا وأوجاعه وآلامه".
وتواجه الوحدة اليمنية تحديات كثيرة في ظل هذا الوضع الذي تستغله القوى الانقلابية وأخرى إقليمية تدعمهم من أجل تفتيت اليمن، و يُجمع محللون على خطورة التقسيم الذي يهدف إلى إضعاف الدولة، وتسعى نحوه دول ترى في تمزيق البلاد وسيلة لتحقيق مصالحها، بغض النظر عن مصالح اليمنيين.
تحديات أكبر
ويعتبر المحلل السياسي فيصل علي الحديث عن الوحدة الانفصال في هذا الظرف الذي تمر به اليمن والمنطقة، من مخلفات قضايا القرن الفائت.
والأهم من ذلك كله -بالنسبة لعلي الذي تحدث لـ"الموقع بوست"- هو استعادة الدولة والأمن القومي العربي، والتحالفات العربية الإسلامية الأمريكية، مؤكدا أن من يتحدثون عن الانفصال مجرد عاطفيين منفعلين غير مدركين ما يدور حولهم.
وتساءل كيف سيكون هذا الانفصال الذي تسعى له بعض القوى، وبأي شروط؟ ووفقا لأي قانون دولي؟ لافتا إلى أن تنظيمي القاعدة وداعش ينتشران في عدن وأبين وحضرموت ولديهم مخططات غير خافية، ومن السهل لتلك الجماعات الإرهابية العمل في ظل الانقسامات.
ووحدة اليمن اليوم -كما يفيد علي- ليست قضية يمنية فقط بل إقليمية ودولية، ومتعلقة بحفظ السلام والأمن والاقتصاد الدولي.
وحول ما يجب على الشرعية القيام به للحفاظ على الوحدة، يقول علي إن عليها العمل وفقا لإرادة الشعب والمتغيرات الدولية، بالإضافة إلى عزلة إيران وحلفائها الإرهابيين في المنطقة، وعدم السماح لحدوث انفصال في بعض حارات مدينة عدن التي يتجمع فيها القرويون المدفوعون بلا وعي.
ويُطالب الحكومة اليمنية بالأخذ بأيدي القرويين في المناطق المحيطة بعدن، ومنحهم المزيد من فرص التعليم، وإعادة التأهيل وفقا للهوية اليمنية، بالإضافة إلى رفد عدن بالمشاريع الاقتصادية التي تستوعب العاطلين عن العمل والفقراء، كون ذلك هو سبيل الاستقرار.
ومناطق الجنوب لا تحتمل الحرب، وتتطلب نزع السلاح من أيدي القرويين، ومنحهم وظائف، وإشغالهم بتنمية الذات التي ستنعكس بالخير على الجنوب اليمني وكل البلاد، حد قوله.
مخاطر الانفصال
ويتفق مع علي المحلل العسكري علي الذهب، الذي يقول إن اليمن لديها نفوذ على الأرض وثروات، وتُطل على منافذ بحرية مهمة هي: خليج عدن، بحر العرب، والبحر الأحمر، مؤكدا أنه لا يمكن تصور أن هناك دولة ترضى لنفسها بأن تكون أقل مما هي عليه الآن، كون التقسيم سيضعفها.
ويبين في حديثه لـ"الموقع بوست" أنه كلما اتسعت مساحة أي دولة تعددت مواردها ومناخاتها، وعناصر الجيوبولتيك لتوظيفها سياسيا، وتكتسب الدولة كذلك قوة وحضور على المستوى الإقليمي أو الدولي، مستدركا بالقول "التقسيم لو كان هو الأفضل لتسابقت إليه كل الدول".
وأشار الذهب إلى إيران التي ترفض الحوار في مسائل إعطاء مساحة معينة من الأرض لقوميات وأعراق تبحث عن السيادة المستقلة، ومثلها تركيا، معللا ذلك بالقول إن الدول تسعى لزيادة مساحتها لا تقسيمها.
وحول الوضع في اليمن أوضح أنه لا يوجد إثنيات لتبحث عن استقلال ذاتي، وبالتالي تسقط كل مطالب التقسيم لأي طرف يبرر استقلاله عن مركزية الدولة، لافتا إلى أن القضية الجنوبية حقوقية تم مناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني الذي خرج بحلول لها.
وتطرق الذهب إلى وقوف دول استعمارية أو ذات نفوذ إقليمي تريد إضعاف اليمن عبر مشروع التقسيم، تهدف من ذلك إلى تحقيق مصالحها من خلال الكيانات التي تريد إنشاؤها بعد ذلك.
والوحدة اليمنية -بالنسبة لعلي الذهب- هي الصخرة التي تتكسر عليها طموحات التقسيم، وهي كذلك مكسب للعرب والمسلمين، ستحميهم من إثارة نزعات الاستقلال تلك.