[ الرئيس هادي - أرشيف ]
حلت الذكرى الـ27 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في أجواء محتقنة هذا العام، قياسا بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية، وتحولت ذكرى الوحدة التي تحققت في الـ22 من مايو/أيار 1990 إلى جدل يشهد كل يوم المزيد من الانقسامات.
حضرت الوحدة في ذكراها التي تقترب من إكمال عقدها الثالث، وهي تعاني التجاذب، وتخضع للابتزاز، متأثرة بعوامل الفرقة والانقسام التي تعانيها اليمن منذ انقلاب مليشيا الحوثي والمخلوع علي عبدالله صالح على الشرعية اليمنية نهاية العام 2014.
ثلاثة أطراف احتفلت بعيد الوحدة، في مسارات مختلفة، وفقا لرؤية كل طرف، فالحكومة اليمنية احتفت بذكرى الوحدة، عبر خطاب بثته وكالة الأنباء الرسمية للرئيس عبدربه منصور هادي، والذي تلقى أيضا العديد من التهاني بهذه المناسبة.
أما الطرف الثاني فهو المخلوع علي عبدالله صالح، والذي ظهر منتشيا بذكرى الوحدة، ومدافعا عنها، ومقدما العديد من التبريرات لكثير من الاتهامات التي طالته عنها، وبالنسبة للطرف الثالث فيتمثل بمليشيا الحوثي، التي ألقى القيادي فيها صالح الصماد خطابا، كان أقرب إلى التبجح منه إلى الاحتفال.
وعلى النقيض من ذلك، قدم متظاهرون تابعون للحراك الانفصالي في عدن عرضا رافضا للوحدة اليمنية في مسيرة جماهيرية طالبت بفك الارتباط، ولم تخلُ من تصادم بين تيارين داخل الجنوب.
هادي يبعث التفاؤل
كان خطاب الرئيس عبدربه منصور هادي في ذكرى الوحدة مجددا للآمال، ومحفزا للتفاؤل، بعد حالة الاحتقان التي سادت الشارع اليمني، عقب التطورات التي عصفت بالوحدة في عدن، على يد الحراك الانفصالي المطالب بفصل الشطرين.
أرسل هادي في خطابه العديد من الرسائل لمختلف الأطراف، ولعل أهمها أن الوحدة باقية، وأن الشعب اليمني الواحد أرضا وثقافة وهوية وحضارة وتاريخا سينتصر على كل النفوس المريضة وسيحافظ على بلده، وأن الوحدة كانت وستظل شامخة وصامدة في وجه كل الأعاصير وأقوى من كل المشاريع والمؤامرات.
هادي تطرق في خطابه إلى ما أسماه بالسياسات الخرقاء لنظام صالح إبان سنوات حكمه، وقال بأن الوحدة تم اختطافها، وبدلا من أن يستفيد الوطن ويكبر ويتوسع ويقوى، لم تكن تكبر سوى مصالح الشخوص التي اغتالت الوحدة، وابتلعت خيراتها ووسعت مشاريعها الخاصة.
وعمل هادي في كلمته على استنهاض الحراك الجنوبي السلمي، والإشادة به، وقال بأنه خرج في العام 2007 وأسس بوادر الثورة الأولى الرافضة لهذا التقسيم الظالم والإقصاء الممنهج والفيد القذر.
وكان للتهاني التي تلقاها الرئيس هادي بمناسبة ذكرى الوحدة دلالات إضافية، منحته زخما سياسيا، وأعادت التذكير بقيمة الوحدة اليمنية، والدعم العربي والدولي والمحلي الذي تحظى به.
وكانت أبرز وأهم تلك البرقيات من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
تلقى هادي أيضا برقيات تهان من كلٍّ من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئاسة المصرية، وملك هولندا، وملك المغرب، وحاكم إستراليا، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وجميعها أكدت على أهمية الوحدة اليمنية.
على المستوى الداخلي تلقى الرئيس هادي برقيات تهان من كلٍّ من نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن على محسن الأحمر، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، ورئيس هيئة الأركان اللواء محمد علي المقدشي.
المخلوع صالح يدافع عن نفسه
بالنسبة للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح فقد ألقى خطابا بالمناسبة، دافع فيه عن الوحدة اليمنية، وهاجم خصومه، وقدم التبريرات لمعظم التهم التي يوجهها له كثير من خصومه من وقت لآخر.
قال صالح في فعالية حضرها أعضاء من حزبه في صنعاء إن التراجع عن الوحدة ردة مثل ردة الإنسان عن دينه الإسلامي الحنيف.
صالح نفى عن الشمال غزو الجنوب، واعتبره "كلام خطأ وفادح"، وقال بأن الوحدويين شماليين وجنوبيين تحركوا دفاعا عن الوحدة اليمنية بعد إعلان نائبه الأسبق علي سالم البيض الانفصال وفك الارتباط من محافظة حضرموت.
وحاول صالح تبرئة نفسه من اتهامه بالتفرد بالسلطة وإقصاء شركائه الجنوبيين، وذكر بتعيين عدة شخصيات جنوبية في نظام حكمه، كفرج بن غانم، وعبدالقادر باجمال، وعلي مجور، وطالب باستفتاء شعبي في الشمال والجنوب لتقرير مصير الوحدة.
صالح الصماد ينسى نفسه
كان اللافت في مجمل البيانات والخطابات التي صدرت بمناسبة الذكرى الـ27 للوحدة خطاب رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي لتحالف الانقلابيين في صنعاء صالح الصماد القيادي في مليشيا الحوثي.
ألقى الصماد بيانا مكتوبا نشرته وكالة "سبأ" الخاضعة لسيطرة جماعته في صنعاء، دافع فيه عن الوحدة باعتبارها مكسبا شعبيا.
الصماد جعل من خطابه فرصة لشحذ همم مقاتليه في الجبهات، واستحضر ما سماه صمود اليمنيين في الداخل تجاه ما يعتبره العدوان الخارجي.
وفي نظر الصماد فإن ما يجري في المحافظات الجنوبية خلال الأشهر الماضية هو تفريغ الجنوب من رجاله للزج بهم في معارك لا ناقة لهم فيها ولا بعير.
الصماد الذي قاد مع جماعته انقلابا على الشرعية في اليمن قال في بيانه بأن "من حق أي فئة أو جماعة أو تيار أو مكون سياسي من مكونات الشعب اليمني أن يعبر عن مظلوميته وتطلعاته، وطموحاته المشروعة، والعمل على تحقيقها بكل الوسائل السلمية، ولكن بشرط ألا تتعارض هذه الطموحات وتتصادم مع توجهات وقناعات ومصالح السواد الأعظم من الشعب اليمني، أو مع ثوابته الوطنية".
وقال أيضا إن السلطة في صنعاء (تحالف الحوثي والمخلوع) هي الممثل الشرعي للشعب اليمني في الوقت الراهن.
احتفاء آخر
على صعيد المواقف السياسية للأحزاب اليمنية، كان حزب التجمع اليمني للإصلاح هو الوحيد الذي أصدر بيانا سياسيا بمناسبة ذكرى الوحدة الـ27، وفيه هنأ الحزب الشعب اليمني بالمناسبة.
أما الأمانة العامة للحزب (أرفع هيئة تنظيمية) فقد دعت كافة القوى الوطنية لإجراء مراجعة شاملة للنجاحات والإخفاقات بحيث يتم تعزيز الجوانب الإيجابية وتصحيح الأخطاء.