[ مجلس الأمن ]
مجددا تحضر اليمن في المجتمع الدولي بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي أمس الخميس 23 فبراير/شباط، جدد فيه دعمه للشرعية والتحالف العربي، متمثلا بالقرار (2342/2017) والذي قدمته بريطانيا وإيرلندا الشمالية، وأكد الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل في اليمن، بما يتفق مع المرجعيات الثلاث المعتمدة دوليا.
وتبنى المجلس في قراره الجديد الذي صدر تحت الفصل السابع الملزم لكافة الأطراف، بالإجماع تمديد العقوبات عاما آخر، ضد من يهددون الاستقرار في اليمن (في إشارة إلى بعض قادة الانقلابيين المشمولين بقرارات سابقة صادرة عن المجلس)، وبذلك لا يكون لتلك الأسماء أي فرصة بالمشاركة في العملية السياسية في مستقبل البلاد.
كما أعرب عن الأسى بسبب استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، وإعاقة إيصال المساعدات، فضلا عن وجود مناطق في البلاد خاضعة لسيطرة تنظيم القاعدة.
وسبق هذا القرار حراكا دبلوماسيا يمنيا مكثفا، إضافة إلى لقاء سلطان عمان السلطان قابوس بن سعيد بأمير دولة الكويت صباح الأحمد الصباح، لإيجاد تسوية للتوتر بين إيران والخليج.
وجاء بالتزامن مع الإعلان عن جولة جديدة من المباحثات، سيجريها في المنطقة، المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، وتغيّر خارطة القوى في اليمن بعد سيطرة الشرعية المسنودة من التحالف على أكثر من 85% من أراضي الدولة.
معوقات الانتقال السياسي
ويذكر السكرتير الصحفي السابق في مكتب رئاسة الجمهورية مختار الرحبي، أن الانتقال السياسي الذي يدعو مجلس الأمن لضرورة استكماله في البلاد هو قائم ومنذ 2012، ولدى الشرعية مرجعيات متعارف عليها.
وفي حديثه لـ"الموقع بوست" أكد أن المشكلة تكمن في عدم صعوبة تنفيذ عملية الانتقال السياسي والسلمي في اليمن في ظل غياب الدولة، وسيطرة الانقلابيين على أجزاء من الدولة، وهو ما يجعل العملية الانتقالية في البلاد صعبة في ظل تلك الظروف.
وفي حال تسليم الانقلابيين لأسلحتهم وانسحابهم من المدن، يمكن -بحسب الرحبي- الحديث عن انتقال سياسي وانتخابات برلمانية ورئاسية، وسيتم تسليم السلطة لبرلمان ورئيس جديدين، لافتا إلى عدم تشبث الرئيس عبد ربه منصور هادي بالسلطة، وداعيا إلى ضرورة تغيير الوضع برمته في الخارطة السياسية والعسكرية.
سلاح ذو حدين
ويقول المحلل السياسي عبدالباقي شمسان إن القرار لم يتخذ بعد الإجراء اللازم ضد الانقلابيين وانتهاكاتهم التي ترتقي لجرائم الحرب، بالرغم من تأكيده الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي كاملة وفقا للمرجعيات.
وانتقد في حديثه لـ"الموقع بوست" قرار 2342 الذي أعرب عن بالغ الأسى بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية، وإعاقة وصول المساعدات الإغاثية، دون تحميل الانقلابيين تبعات ذلك وفقا للمواثيق الدولية ذات العلاقة.
وعن قلق مجلس الأمن من وجود مناطق تحت سيطرة القاعدة في شبة الجزيرة العربية، كما ورد في القرار، أوضح شمسان أن الإرهاب وتدهور الأحوال المعيشية والفراغ الأمني، كان من مبررات ولد الشيخ للذهاب نحو التسوية الهشة، منتقدا عدم قيام الحكومة بإسقاط تلك الحجج من خلال التخلص من الفراغات الأمنية، وتقويض عمليات القاعدة الحقيقية أو المصطنعة، والتحرك من خلال إجراءات المناطق الآمنة وتوزيع المرتبات والمساعدات الصحية، وإعلان ذلك للرأي العام الدولي والإقليمي والمحلي.
ورأى أن صدور القرار تحت الفصل السابع، سلاح ذو حدين على السلطة الشرعية والانقلابين على حدٍ سواء.
وفسر ذلك بالقول "مهما كانت الانتصارات التي تحققها السلطة الشرعية، لا تحقق الهدف طالما أن هناك نقطتا ضعف تتمثل بتدهور الأحوال المعيشية، وتهديد القاعدة".
وبالرغم من ذلك تستطيع السلطة استثمار القرار إيجابيا، في حال القيام بردم تلك النقاط تزامنا مع حملة دبلوماسية وإعلامية ممنهجة، لكشف الدور المعيق للانقلابيين في إيصال المساعدات علاوة عن كونهم السبب في عدم وصولها، فضلا عن علاقة القاعدة وعملياتها بالمخلوع صالح من خلال معلومات موثقة، يردف شمسان.
ومن خلال كل المؤشرات السابقة وتاريخ الانقلابيين وإستراتيجيتهم، يعتقد المحلل السياسي شمسان أن الحوثيين لن يرضخوا أو يذهبوا للسلام، لأنهم يريدون العودة للسلطة بشكلها السلالي أو العائلي.
ويضيف "وإذا ما تم التعاطي مع ضغوطات المجتمع الدولي، فإن ذلك فقط لكسب الوقت وامتصاص ضغطهم، وعليه لا حل متاح إلا الخيار العسكري"، وذلك يتطلب -كما يؤكد شمسان- ردم نقاط الضعف المتمثلة بتهديد القاعدة، وتدهور الأحوال المعيشية، لافتا إلى ضرورة أن تمارس السلطة دورها في حماية المواطنين، وكذا تقديم ذاتها للمجتمع الدولي كشريك في مكافحة الإرهاب الذي تمارسه القاعدة والحوثيين.
التأكيد على المرجعيات
وفي الوقت الذي يزعم الانقلابيون أن القرار الجديد الصادر عن مجلس الأمن، يلغي القرار 2216، أكد المحلل السياسي فيصل المجيدي أن القرار 2342 لا يلغي الأول كونه جازما وصارما في إنهاء الانقلاب أولا قبل أي عملية سلمية، وأن تمديد العقوبات وعمل لجنة العقوبات لثلاث سنوات يسير في ذات الاتجاه.
وبيَّن في تصريح لـ"الموقع بوست" أن تأكيد مجلس الأمن حاجته لتنفيذ عملية الانتقال السلمي، جرى تقييدها في القرار الجديد بجملة "بشكل كامل".
وذكر أن الانقلابيين هم من أعاقوا الانتقال الكامل للسلطة، حين اقتحموا المدن وحاصروا الرئيس هادي، وفرض الإقامة الجبرية على الحكومة إبان اقتحام القصر الرئاسي، واختطاف مدير مكتب الرئيس بن مبارك الذي كان يحمل مسودة الدستور، وعليه أصدر مجلس الأمن قرار 2140(2014).
ويشير المحامي المجيدي في ختام حديثه إلى تأكيد مجلس الأمن على المرجعيات كأساس للانتقال السياسي، وهي التي أضحت بمثابة مقدسات، التي تتمسك بها الحكومة اليمنية لكل حل أو اتفاق سلمي ينهي الانقلاب.