[ من أحد المهرجانات التي نظمتها جماعة الحوثي ]
أبرزت جماعة الحوثي مؤخرا شعارا جديدا لها في اليمن تحت عنوان "أشداء على الكفار".
ونشر إعلام الجماعة المتمردة العديد من اللافتات والإعلانات تحت هذا الشعار الذي يهدف، وفق مراقبون، إلى إثارة حماس أتباعها، وانتشال الخوف والشعور بالهزيمة الذي بات يسيطر عليهم بعد الهزائم المتلاحقة.
ويأتي الشعار امتدادا للشعارات الطائفية التي أطلقتها الجماعة في وجه اليمنيين، ولا تنفصل عن مشروعها الطائفي الذي تنفذه في اليمن منذ انقلابها على الحكم في اليمن أواخر العام 2014.
ويرى مراقبون وباحثون في الفكر الإسلامي استطلع "الموقع بوست" آراءهم أن الشعار الجديد الذي أطلقته الجماعة له مخاطر كبيرة تسعى من خلالها إلى تعميق الصراع في اليمن من خلال التعبئة الخاطئة لأتباعها، بإطلاق مصطلح التكفير على من يعارضهم أو لا يؤمن بفكرتهم أو منهجهم.
ومن خلال تتبع مسار إطلاق هذا الشعار، فقد عملت الجماعة على مرحلتين لحملتها "أشداء على الكفار"، حيث ركزت في الحملة الأولى على إرسال عشرات الأطفال الذين لم يتجاوزوا السن القانونية للمشاركة في العمليات القتالية من خلال تدريبات بدائية من أغلب المحافظات التي تسيطر عليها وبالأخص العاصمة صنعاء.
وهدفت الحملة الثانية إلى استهداف الصحفيين والإعلاميين اليمنيين المناوئين لفكرها، أو المنتقدين لها، من خلال ترسيخ عقيدة لدى أتباعها ومناصريها مفادها أن "الإعلام لم يعد مجرد نقل الخبر أو الصورة أو المعلومة، بل أصبح عملية استحواذ على عقل ووجدان وعاطفة المستمع وهو أخطر ما تقوم به أي أجهزة تضليل وخداع في العالم".
ونظمت الجماعة العديد من المهرجانات بالمديريات والمحافظات التي تسيطر عليها، لاستجلاب الدعم المالي والبشري في وقت واحد، ورافق ذلك حملات إعلامية ضخمة لإبرازها باعتبارها منجزا وطنيا ودينيا.
جماعة تميل لممارسة العنف
يقول الباحث في الفكر الإسلامي عصام القيسي إن الأمر يرجع لطبيعة الخطاب الإمامي وطبيعة المستقبل للخطاب، فهو خطاب مركب من عناصر جذب لشريحة خاصة من الناس.
وأضاف القيسي في تصريح لـ"الموقع بوست" أن تلك الشريحة الخاصة من الناس هي تلك الشريحة المأزومة اجتماعياً، لأي سبب من الأسباب.
وأشار إلى أن هذه الشريحة تنجذب لخطاب المظلومية، ولديها ميل قوي لممارسة العنف، وعبادة القوة، ولهذا يفضلون وجود قائد رمز (سيد) فوق النقد والمراجعة يضمن لهم التماسك الكافي وتركيز أكبر قدر ممكن من عناصر القوة.
وأفاد القيسي "ولأن ممارسة العنف وعبادة القوة بلا غطاء أخلاقي قد يسبب ضعفا فإن هذه العينة من الناس وجدت في الدين الغطاء الأخلاقي المناسب لممارسة ميولهم العنيفة والإجرامية".
أسلوب طائفي بشع
ويفيد الباحث والناشط نشوان الشرعبي أن جماعة الحوثي تستخدم الكثير من الطرق والوسائل الطائفية التي تزج من خلالها بأتباعها قبل خصومها إلى محارق الموت.
وأشار الشرعبي في تصريح لـ"الموقع بوست" إلى أن الجماعة تستخدم أسلوب طائفي بشع باستدعاء المظلوميات التاريخية التي لا ناقة لليمنيين فيها ولا جمل، واستخدمت مفردات ثقافة الظلم والاستضعاف الخمينية في مواجهة قوى الاستكبار كما يزعمون.
وتابع الشرعبي "من يتابع خطاب جماعة الحوثي يجده مليئاً بمفردات المظلومية والاستضعاف و... إلخ، رغم أن ممارساتها على الأرض تعد أبشع أنواع الظلم وترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأوضح الشرعبي أن "الأبشع من ذلك تكفير الحوثيين لخصومهم الفكريين قبل العسكريين وما ترتب على هذا التكفير من استحلال دماء الخصوم وأموالهم منذ دخول الهادي الرسي اليمن مروراً بإمامهم السفاح عبدالله بن الحمزة وانتهاء بحملة "أشداء على الكفار" التي ينفذها الحوثيون هذه الأيام"
تطرف يستدعي الانتباه
وكان القيادي المنشق عن جماعة الحوثي علي البخيتي قال إن الجماعة نظمت العديد من الدورات التدريبية في مختلف المحافظات والمدن والمناطق التي تسيطر عليها تحت عنوان "أشداء على الكفار"، وإنه يوجد فيها إيحاء واضح إلى أن الأطراف التي يقاتلونها كفار، ووصف الأمر بالخطير، معتبرا ذلك تطور ملفت في فكرهم بل وتطرف يستدعي الانتباه إليه.
وأكد البخيتي أن تسميتهم مؤخرا لخصومهم بالكفار تطور ينبغي التوقف عنده باستفاضة، لأن ذلك الشعار أو العنوان الجديد لدوراتهم التدريبية ليس وليد الصدفة، أو اجتهاد شخصي من أحد القادة الميدانيين، بل عمل منهجي يتم تنظيمه في مختلف المحافظات التي يسيطرون عليها، وبنفس التدريبات والشعارات والعبارات والآليات.
وأضاف البخيتي في صفحته على الفيسبوك "يقوم رئيس لجنتهم الثورية محمد علي الحوثي وغيره من قياديي الحركة بزيارات ميدانية شبه يومية لتلك الدوارات، ومن المهم ملاحظة أن تلك الدورات التدريبية لا تستهدف التابعين لهم عقائدياً فقط، بل تستهدف الشرائح الأخرى في المجتمع".
ترسيخ للفكر العنصري والطائفي
يذهب الباحث في الحركات الإسلامية أحمد مفضل إلى أن حملة "أشداء على الكفار" التي أعلنت عنها جماعة الحوثي ما هي إلا امتدادا لمراحل كثيرة رسخت فيها الجماعة الفكر العنصري والطائفي في عقول أتباعها عن طريق غسل أدمغتهم.
وأشار مفضل في تصريح لـ"الموقع بوست" إلى أن جماعة الحوثي تبدأ في البداية بمرحلة الاستقطاب والتغرير، ويتم ذلك بإيعاز منها إلى التربويين والواجهات التابعة لها بأن يقوموا باستقطاب المغرر بهم من المراهقين عن طريق إقناع آبائهم بأنهم سيتخلصوا من البطالة والفراغ وأنهم لن يكونوا ضمن جبهات القتال وإنما كلجان أمنية داخل المدن لتأمينها ولن يشتركوا في جبهات القتال".
وتابع مفضل "يذهب الشاب المغرر به فيتم دمجه داخل مدارس ومعسكرات خاصة تدريبية، وفيها يتعرض هذا الجندي المستجد للجب ثم الحجر ثم التغذية الفكرية".
وأفاد "في مسألة الحجب يقومون بحجب هذه العينة من الشباب بحجبهم داخل المدارس والمعسكرات التدريبة ومنعهم من الاختلاط بالناس حتى يعيشوا في عالم آخر".
وأضاف "أما في مسألة الحجر فيقومون بحجرهم عن وسائل الإعلام الأخرى ويحصرونهم في متابعة وسائل الإعلام التابعة للحوثي وإدمانهم على سماع الزوامل التي صيغت بطابع تغريري تتناسب مع الفئات العمرية البسيطة فئة المراهقة أو كما يقال سن الطيش الذي يتميز بتأهله السريع".
وأكد أن النقطة الأخرى، وهي المهمة، مسألة التغذية الفكرية أو التعبئة والتحريض، وهي الأخطر حيث يتم فيها تحويل الشاب إلى عدواني نحو مجتمعه، وفي هذه الفترة يتم تغليفهم عن طريق ملازم حسين الحوثي، وتحريضهم ضد التاريخ الإسلامي وضد الصحابة وأهل السنة ويبدؤون في تحريضهم ضد ما يسمى القاعدة أو الدواعش.
وأوضح أنه "بعد كل هذا يجعلون من الشباب التابعين لهم مجرد أداة تصنع الأحكام على كل من يختلف معهم وإطلاق المسميات عليهم بالدواعش أو التكفيريون".
صناعة الأصنام
وقال مفضل إن جماعة الحوثي لا تستثني غرس في رؤوس الشباب المغرر بهم التأثر بالقيادات الشيعية، وهو ما يعني صناعة رمزية لعبدالملك الحوثي بأنه إنسان تقي ومجاهد وبطل من خلال الزوامل التي تشيد به على سبيل المثال زوامل لطف القحوم وزوامل عيسى الليث التي تجعل منه البطل وأنه المرجعية التي لا يمكن التنازل عنها، أو لا يمكن مخالفته، إضافة إلى بقية الرمزيات الشيعية مثل حسن نصر الله والخميني وغيرهم من الرمزيات، باعتبار أنها هي القدوة. مشيرا إلى أنهم عندما يشعرون بأن الجندي قد تم غسل دماغه كاملا يأخذون منه البيعة أو المبايعة لعبد الملك الحوثي.
واعتبر مفضل أن حملة "أشداء على الكفار" الأخيرة الهدف منها استعطاف المجتمع بحجة الحرب وأنهم يدافعون عن اليمن ويسعون لجلب مقاتلين جدد لرفد الجبهات التي أصبحت تتعرض لهزائم متلاحقة وتحريض المجتمع على كل المناوئين لهم بأنهم تكفيريون وغير ذلك.
ووصف الحالة الجديدة بالخطيرة كونها تعمق الشرخ المجتمعي وتزيد من تعميق الصراع الطائفي واستباحة دماء أبناء الوطن الذين تسعى الجماعة الحوثية لتحويلهم إلى محارق للموت.