[ تورطت إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية بشكل كبير - الصورة لسفن إيرانية ]
تتبادل دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، الدعوات لإجراء حوار بينهما، لإزالة كثير من الحواجز التي نشأت على مر عقود طويلة، لكن سرعان ما تتلاشى كل تلك الآمال، نتيجة لاستمرار طهران بزعزعة أمن تلك الدول، رغبة في توسيع نفوذها في المنطقة، وتهديد أمن الخليج، والمنطقة العربية.
وعادت مجددا تلك المحاولات مع بداية العام الجديد (2017)، عن طريق دولة الكويت التي تسعى لأن تلعب دور الوسيط بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، فسلمت عبر وزير خارجيتها، صباح خالد الصباح، أواخر يناير/كانون الثاني 2016 الماضي، رسالة خطية بعثها أمير الكويت إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تتعلق بأسس الحوار بين الخليج وإيران.
ورحبت بدورها طهران بتلك الرسالة، فيما أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، استعداد بلاده للحوار مع السعودية، في حال تغير موقف الرياض من أزمتي سوريا واليمن، لتضع بذلك مزيد من العراقيل أمام أي تقارب قد ينشأ بين البلدين، ومبددة كل آمال الحوار بين الدولتين.
وتزامن ذلك مع عودة العلاقات بين أمريكا والرياض إلى عهدها السابق في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، وتكفل الأولى بتأمين الخليج، والوقوف ضد أي تهديدات تعترض الدول الخليجية، مع تصعيد حاد تجاه طهران من قِبل واشنطن، والتوعد بمحاربة وكلائها في المنطقة.
طبيعة العلاقة بين إيران والخليج
تتميز العلاقة بين الخليج وإيران بالتوتر الشديد، الذي وصل ذروته حيال كثير من الملفات التي منشأها ثقافي وديني وسياسي وأمني، أبرزها اليمن، والبحرين، بسبب دعمها السياسي والعسكري لجماعة الحوثي الانقلابية في الأولى، وسعيها لتكريس التوتر وعدم الاستقرار في الثانية، بعد رغبتها بضمها لها.
ويوجد الكثير من الملفات الأخرى، التي أججت إيران بسببها الخلاف مع دول الخليج، منها احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى، طنب الصغرى، وأبو موسى)، فضلا عن استمرارها بالتدخل في شؤون الدول العربية، منها العراق وسوريا ولبنان.
وبدأت العلاقة بين الرياض وطهران من عام 1929، وشهدت توترا كبيرا خاصة بعد الثورة الخمينية (1979)، وتم قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين على خلفية كثير من الأحداث، أغلبها جراء تسييس إيران للحج، وآخرها كان عام 2016، بعد الاعتداء على سفارة الرياض بإيران وإحراقها.
وتقود المملكة العربية السعودية تحالفا عربيا لإعادة الشرعية في اليمن، بعد الانقلاب الذي نفذته أدواتها في صنعاء في سبتمبر/أيلول من العام 2014.
وأمام كل تلك الملفات الكبيرة، بين السعودية وإيران، ما إمكانية نجاح دعوات الحوار تلك، وتطبيع العلاقة بين الدولتين، خاصة في ظل عدم توفر أرضية لذلك؟
تصريحات مغلفة
وعلى هذا الصعيد يصف المحلل السياسي فيصل علي تصريحات إيران بـ"الجوفاء"، الغرض منها تحسين صورة إيران الرامية للسلام، وهي مجرد دعاية بلا معنى واقعي، ومن باب ذر الرماد في العيون.
ويعتبر في حديثه لـ"الموقع بوست" تصريحات وزير الخارجية الإيراني أنها تمثل ضغطا على السعودية للتخلي عن الشعب السوري، وهي كذلك تهديدات مبطنة لها، بعد فرض شروط على المملكة مقابل الحوار، وعلى التحالف العربي الذي يخوض حربا لاستعادة شرعية الحكومة اليمنية.
ويعتقد علي أن السعودية سترفض ذلك العرض، لأنه ليس من صالحها التخلي عن العرب، لأجل إيران بدون مقابل.
ومضى يقول "إيران لا تقيم علاقات بناءة مع العرب، وكل ما قامت به منذ ثورة الخميني، هو المحاولات للسيطرة على البلدان العربية"، مؤكدا أنه "لولا هزيمتها في القادسية الثانية في القرن المنصرم، لكانت اجتاحت العديد من الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي".
وتابع علي يقول "تمر الأمة العربية اليوم بمأزق حقيقي، إن لم توحد صفوفها وجهودها مع المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، فإنها ستدفع الثمن غاليا من أمنها واستقرارها وتماسك مجتمعاتها".
وذهب إلى أن الحديث عن تقارب إيراني سعودي أو حوار سياسي مازال بعيدا جدا، بعد تجاوز طهران كل الخطوط الحمراء، وتدخلها في شؤون المنطقة والتي هزت المنطقة برمتها، وزادت من مخاوف الحرب، وكذا لوجود تهديدات محتملة لأتباعها في مختلف البلدان العربية.
إيران راعية الإرهاب وأداة استعمارية
ويتفق مع علي مسؤول تحرير صحيفة الحياة السعودية بعسير، يحيى جابر، الذي يستبعد حدوث أي تقارب بين السعودية وإيران في المدى القريب، لوجود عدة مشاكل كبيرة يعاني منها الأمن القومي العربي، والتدخلات الإيرانية المستمرة، بشؤون دول العالم العربي، والعدوان الذي تمارسه الحكومة الصفوية الإيرانية التي يقودها المعممون الملالي، تجاه المنطقة منذ زهاء ثلاثين عاما.
ويوضح لـ"الموقع بوست" أن إيران قائمة على تصدير فكر الثورة، الذي يُعد إرهابيا بامتياز، لافتا إلى تجنيدها لعديد من المغرر بهم، مستفيدة من جنسياتهم العربية والسعودية، لتنفيذ أعمال إرهابية في مختلف دول العالم، ليتحججوا بها ضد العرب والمسلمين، في محاولة لإقناع الغرب أنهم يحاربوا الإرهاب.
ويستدرك أن "إيران دولة إرهابية بامتياز، وتمثل تهديدا خطيرا على العالم بأجمعه، فالصفويون الملالي الجدد، يقومون بتغذية الإرهاب في مختلف الدول".
ويتهم جابر طهران بإقلاق أمن الدول العربية، منها العراق التي احتلتها، وسوريا، ولبنان، واليمن، وذلك لتنفيذ مخططات استعمارية كبرى تستهدف المنطقة لتمزيقها، مستغلة جهل العرب بالكثير من القضايا السياسية والفكرية، وتضلليهم والتحجج بالدين، مع أنهم أعداءه. مشيرا إلى استيقاظ العرب، ومجابهتم تلك التحديات، بعاصفة الحزم، التي تقودها السعودية.
وتوقع في ختام حديثه أن تعود إيران إلى أصلها، وتستقل مختلف الشعوب فيها التي ضمتها إليها بالقوة، منهم "التركمان، البلوش، الأكراد، السنة العرب، الفرس"، فمن حقهم أن يستقلوا ويمارسوا حياتهم الطبيعية، وينتفض الإيرانيون ليقتصوا من الملالي، الذين دمروا المسلمين خدمة لليهود، حد قوله.