[ تحركات الحوثيين الخارجية تسعى لانتزاع اعتراف دولي بتشكيلتهم الحكومية ]
أعلن الانقلابيين في صنعاء عن حكومة موازية والتي قُوبلت حتى الآن بالرفض الدولي وعدم الاعتراف لا داخلياً من الأحزاب السياسية ولا خارجياً من دول العالم بما في ذلك حليفتهم إيران.
جاء تشكيل هذه الحكومة كنهاية أفق، وآخر أوراق يملكها تحالف الانقلاب المسيطر على أجزاء من البلاد، ونتيجة لاتكال السلطة الشرعية على تأييد المجتمع الدولي، واستمرارها في اللهث وراء الوعود الدولية بعودتها في إطار خارطة للسلام، فلا يبدو أنها ستحصد أياً من تلك الوعود، كما أنها لن تجد طريقاً عدا "الحسم العسكري" لتقوية موقفها.
صحيح أن الانقلابيين حتى الآن لم يجدوا اعترافاً دولياً، لكن ذلك ليس ضامناً دائماً فسلوك المجتمع الدولي يتبع أدوات واسعة للضغط على الخصوم في ملفات إقليمية أخرى، وبتشكيل الحوثيين لهذه الحكومة أوجدت منافسة حقيقية للحكومة الشرعية التي ظلت تتحرك خارجياً بدون منافسة من الانقلابيين، عدا التحرك باتجاهات حقوقية وممارسة ضغوط إعلامية أغلبها تهاجم السعودية وليس الحكومة.
بغداد وبكين
لذلك قد تدفع إيران، العراق ولبنان وسوريا، للاعتراف بحكومة الحوثيين، وأمس الخميس كشف عن زيارة لوفد الحوثيين إلى بغداد (سراً) للقاء زعيم كتائب "عصائب أهل الحق" وهي ميليشيا شيعية متطرفة تخضع لإدارة إيرانية مباشرة، وجرى تسمية الوفد بكونه ممثلاً لـ"المجلس السياسي" التابع للانقلاب يرأسه القيادي الحوثي محمد المقبلي، فيما كان وفد آخر جرى الإعلان عن تواجده في العاصمة الصينية "بكين" برئاسة محمد عبدالسلام المتحدث باسم الجماعة، وفي الرد الصيني على لقاء الوفد الحوثي قالت الخارجية إنها: "منفتحة على كل الأطراف اليمنية ولا تتعارض مع دعمها لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي".
روسيا
الموقف الروسي الذي يظهر متغيراً ملحاً يحتاج إليه فريق الانقلاب، وهو ما سيغير المعادلة نحو وجود شرعيتين في البلاد، فموسكو التي لم تدن صراحة "الحكومة الانقلابية" في بيانها تحدثت بشكل مخجل عن تحذيرها من "الإجراءات أحادية الجانب"، تزامن ذلك ما حفلت من تصريحات لوسائل الإعلام الروسية منذ يوم إعلان التشكيل، ففي وكالة "سبوتنيك الروسية" دعا أحد وزراء الانقلاب موسكو إلى دعمهم ودعم تشكيل تلك الحكومة.
وتملك موسكو ملفاً معقداً في سوريا مع "السعودية وقطر" اللتان تدعمان الثوار السوريين الذين يحققون تقدماُ ملحوظاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقد تستخدم روسيا الملف اليمني لزيادة نفوذها وشروطها للوصول إلى دعم بقاء نظام بشار الأسد.
ايران
بالعودة إلى إيران فإنها لن تجازف بالاعتراف بحكومة الانقلابيين في اليمن قبل وجود اعتراف إقليمي على الأقل من دول عربية، لتنفي عن نفسها حقيقة دعم الحوثيين في البلاد، الأمر الآخر وحسب ما تداولته وسائل الإعلام الإيرانية فلا يبدو أن لها اهتماماً بوجود اعتراف إقليمي أو دولي لحكومة حلفاءهم في صنعاء، بقدر اهتمامها بوجود مجلس حرب يدير مواجهة الحكومة اليمنية والتحالف العربي.
وطالعت الصحف الإيرانية الصادرة الخميس في صفحاتها المختصة بأخبار المنطقة بعنوان "ماهي تحديات الحكومة اليمنية" لتشير إلى جملة من التحديات التي تتلخص في كون تشكيلها يأتي مساعداً للميليشيات في تحقيق أهدافها واستمرار حالة الاحتراب في البلاد باعتبار تشكيلها يأتي تأكيداً بالوصول إلى طريق مسدود للجهود الأممية في البلاد- حسب قولها-، وتعتقد إيران إن أهم ما تواجهه من تحديات عدا الاقتصادية و مواجهة "الحصار"، هو مواجهة ما وصفته بـ"الخطط التآمرية" لنظام الرئيس اليمني والتحالف العربي ومواجهة تحرير المدن اليمنية من الميليشيات.
كما تعتقد إيران أن تشكيل هذه الحكومة يصب في إطار واحد هو التأكيد على عدم وجود للشرعية اليمنية في المرحلة المقبلة، والتي بدورها تعني فشل "السعودية" في حماية مبررها الذي قامت به لمواجهة الحوثيين، ما يعني انتصاراً لإيران واستعداداً لمواجهة الرياض في المحاكم الدولية.
لذلك لا حل أمام الحكومة اليمنية والتحالف العربي سوى "تحرير المناطق" الخاضعة لسيطرة الحوثيين فالتباطؤ في الوقت لا يعني إلا مكاسب للحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح.