[ اثناء اعلان صالح والحوثي عن تشكيل حكومة انقاذ - ارشيف ]
بعد اربعة شهور على اعلان ما يعرف بالمجلس السياسي في السابع من اغسطس/آب الماضي بين طرفي الانقلاب في صنعاء ممثلا بين الحوثيين وحزب المؤتمر التابع للرئيس السابق صالح أعلن الطرفين اليوم الـ28 من نوفمبر/تشرين الثاني تشكيل حكومة جديدة بالمناصفة بينهما.
آ
ولادة هذه الحكومة جاء ايضا بعد مضي ما يقارب الشهرين على تكليف عبدالعزيز بن حبتور في الثاني من اكتوبر/تشرين الاول بتشكيلها من قبل المجلس السياسي الذي بات يدير شؤون الحكومة بالمناصفة بين طرفي الانقلاب في العاصمة صنعاء.
آ
اعلان الحكومة في هذه اللحظة جاء متزامنا مع عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الى العاصمة المؤقتة عدن، وبعد سلسلة من القرارات التي اتخذها في الجانب العسكري، وهو ما اعتبره متابعون مؤشرا على اقتراب عملية الحسم العسكري داخل اليمن.
آ
كما انها تأتي في ظل حراك دبلوماسي يشهده الملف اليمني عقب انسداد المفاوضات السياسية بين الشرعية والانقلاب، بعد خارطة الطريق التي قدمها وزير الخارجية الامريكي جون كيري في مسقط، وقوبلت بالرفض من قبل الشرعية، التي أعلنت عن تحفظاتها تجاه الكثير من البنود التي تضمنتها الخارطة الامريكية، والتي نصت صراحة على تغيير أبرز الشخصيات في جسد حكومة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي ونائب ورئيس الحكومة.
آ
واقع الحكومة
آ
تشكيل الحكومة يأتي في مناخ غير آمن تعيشه العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيين، وذلك من عدة نواحي، ابرزها الجانب الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد، وانعدام الميزانية العامة، وأزمة المرتبات التي يعاني منها موظفي الدولة.
آ
والجانب الأمني يتمثل في الواقع المضطرب الذي تعيشه البلاد، فأغلب الوزرات لن تكون سوى اسم فارغ فقط، دون أي صلاحيات ستمارسها بالفعل، كوزارة التخطيط والتعاون الدولي، والمغتربين، والتعليم العالي، والخارجية، والنفط، والسياحة، والاشغال العامة، ومن الملاحظ ان هذه الوزرات جاءت من نصيب حزب المؤتمر الشعبي العام، بينما احتفظ الحوثيين بالوزارات الفاعلة في الداخل، ولها ارتباط بتحركهم الميداني، واهدافهم المستقبلية.
آ
كما ان الخلافات السابقة التي عصفت بين طرفي الانقلاب حول المجلس السياسي، ومجلس النواب، ستلقي هي الاخرى بظلالها على الاداء المرتقب للحكومة، خاصة وان اللجنة الثورية العليا التي يرأسها محمد علي الحوثي المقرب من زعيم الجماعة الحوثية لازالت تمارس مهامها في كل أجهزة الحكومة، ولم يتم إلغائها كما كان مقررا قبيل تشكيل المجلس السياسي، وهذا يعني ان الواجهات التي تمترس خلفها جماعة الحوثي اكثر من تلك التي في يد المؤتمريين.
آ
في الجانب الاقتصادي ايضا ستتحمل الميزانية المتبقية للدولة تكاليف واعباء هذا التشكيلة الثقيلة من الوزراء اقتصاديا، ما سيضاعف الوضع هناك، خاصة في ظل التردي المعاش في اوساط المواطنين.
وفي مجملها تشير عملية التشكيل الى آ انفصال تام بين ما تعيشه اليمن كدولة، وبين الواقع الذي يسعى طرفي الانقلاب الى فرضه وتثبيته داخل الهامش المتبقي من الدولة، والذي يتناقض تماما مع ذهبا إليه من خطوات، وثمة اسباب كارثية ستتحملها آ الدولة في مختلف الجوانب بناء على هذا التشكيل، الذي يأتي كما لو انه في ظروف اعتيادية.
آ
تداعيات
دخول المؤتمر في هذا التشكيل يأتي ترجمة لعلاقات التحالف الوثيقة بين الطرفين، لكن على المدى البعيد يشير الى ان جماعة الحوثي بدأت بإلتهام الحزب السياسي، ويمثل هذا التشكيل إنقاذا لها، وسيتقاسم معها المؤتمر جحيم النقمة التي بدأت بالتشكل جراء فساد الجماعة وممارساتها وانهيارها ايضا.
آ
وبهذا الاعلان يكون الطرفين قد استكملا عملية التحالف الفعلية بينهما على مختلف المؤسسات، وفي مختلف النطاقات، ولو أنه لازال محفوفا بالتوجس والتربص من كلا الطرفين، رغم ان الخطوة بحد ذاتها تعد استكمالا كل الفراغ الدستوري الذي كان حاصلا منذ استقالة الرئيس هادي اواخر العام 2014م.
آ
هذا التشكيل في حد ذاته هو اعلان رفض واضح وصريح للمجتمع الدولي المشرف على ملف اليمن، وتمرد جديد على القرارات الدولية، وعرقلة جديدة لعملية التشاور السياسي، وإعادة الجميع الى المربع الأول، الذي ربما يقود الى النموذج الليبي في اسواء الحالات.
آ
ومن المرجح ايضا ان تستغل هذه الخطوة من قبل اطراف دولية للضغط على الحكومة اليمنية، لتقديم التنازلات، والاستجابة للخريطة المقدمة مؤخراً، او لوقف التمدد العسكري الذي بدأت بوادره في الظهور من قبل الحكومة الشرعية لتحرير المناطق التي تخضع لسيطرة الانقلابيين خاصة في مدينة تعز.
آ
لكن يبقى الأهم من ذلك كله مدى تعامل المجتمع الدولي مع هذا الاعلان، وهل تم التشكيل فعلاً بضوء اخضر منه، كعصا في وجه الرئيس هادي والتحالف العربي، أم كجزرة امام افواه الانقلابيين.
آ
ولا يبدو ان التشكيلة الجديدة للحكومة ستنال الاهتمام الكافي من قبل المجتمع الدولي، ومن المرجح ان يكون مصيرها مصير المجلس السياسي الذي لم يعترف به أي طرف دولي، او كمصير مجلس النواب الذي عاد للالتئام لكن دون أي دور حقيقي على الارض.
آ
كما لا يمكن التنبؤ بما سينجم عن هذا الاعلان لاحقاً، فالمواقف الدولية هي ستحدد معالم الوضع القادم الذي يتشكل، حينها ستظهر بوضوح خفايا هذا الاعلان، والتطورات الجديدة التي سيشهدها الملف اليمني.
آ
لكن سيكون على نظام الرئيس هادي أن يبذل جهودا واسعة لإذابة هذا الحدث، وسيتحتم عليه اتخاذ خطوات عملية عاجلة، من شأنها أن تحبط هذا الواقع الجديد، وينبغي على التحالف العربي ان يدرك أبعاد هذه التطوراتـ، وستصدى لها.
آ
قراءة في الوجوه
آ
من خلال الوجوه التي تضمنتها تشكيلة الحكومة يتبين الدوافع البعيدة التي حرص كل طرف على تحقيق المكاسب التي يسعى إليها، ويمكن إبراز العديد من الملاحظات هنا:
آ
-الشخصيات التي تنتمي الى المحافظات الجنوبية كانت هي الأكثر عدداً في تشكيلة الحكومة، سواء تلك التي تنتمي لجماعة الحوثي او لحزب المؤتمر.
آ
-غابت كثير من الشخصيات المحسوبة على الحوثيين وتنتمي لمحافظة تعز وكانت مساندة لها في اسقاط المحافظة.
آ
-تم تعيين ثلاثة نواب لرئيس الوزراء بدون حقائب وزارية، ويبدو فيها التداخل بالمهام، فهناك نائب للشؤون الاقتصادية، وآخر للشؤون الداخلية، وثالث، لشؤون الامن، وهي بالفعل نطاق الاهتمام التي ستعمل عليها تلك الحكومة.
آ
-اسناد وزارة التربية والتعليم ليحي الحوثي (شقيق زعيم الجماعة)، يشير الى حقيقة التوجه الذي تسعى له الجماعة في طائفية التعليم، واستبداله بمناهج جديد تتوافق مع منهجها ورؤيتها القائمة على التشيع واحتذاء النموذج الايراني.
آ
-عاد الى الواجهة مرة اخرى القاضي احمد عقبات، بعد ان شغل هذا المنصب لسنوات إبان حكم صالح، وتحول الان الى احد قيادات جماعة الحوثي بعيدا عن المؤتمر الشعبي العام.
آ
-في التشكيلة ثمة مناصب تقف خلفها اسباب جهوية ومناطقية بحتة، كتعيين فارس محمد مناع، ونبيه محسن ابو نشطان وزراء في المجلس بلا حقائب وزارية، وهي خطوة تهدف جعلهم في جسد الحكومة كمكافأة لهم، وضمان ولاء مناطقهم للمليشيا، إذ أن الاول ينتمي لمحافظة صعدة، والثاني من محافظة صنعاء وبالتحديد منطقة أرحب ، وكان احد من سهلوا للمليشيا دخولها.
آ
آ - غالب عبدالله مطلق الذي عين وزيرا للأشغال العامة والطرق، كان عضو مؤتمر الحوار الوطني، وبعد تشكيل حكومة بحاح في السابع من نوفمبر2014م تم تعيينه وزيراً للدولة لشئون تنفيذ مخرجات الحوار، وبعد انطلاق عاصفة الحزم بقي في صف الحوثيين، وهو احد القيادات التي تنتمي لمحافظات الجنوب.
آ
-جليدان محمود جليدان المنحدر من محافظة عمران عين في التشكيلة وزيراً للاتصالات وتقنية المعلومات، وهو احد من سهلوا عبور المليشيا نحو العاصمة صنعاء، وتعيينه يشير الى حراك قادم سيشهده قطاع الاتصالات في اليمن، والذي سيكون ميدان للصراع بين الحوثيين والمؤتمريين.
آ
-كثير من القطاعات المرتبطة بالشعب وصناعة الوعي وتوجيهه كانت من نصيب الحوثيين ويتمثل ذلك في تعيين حسن محمد زيد وزير للشباب والرياضة، وهو منصب أقل بكثير من الجهد الذي يبذله الرجل لإثبات ولائه لزعيم الجماعة، ومن ذلك ايضا تعيين أحمد محمد حامد وزيراً للإعلام، وعبدالله أحمد الكبسي وزيراً للثقافة، و أحمد عبدالله عقبات وزيراً للعدل.
آ
-انتقال زكريا الشامي من موقعه في الجيش الى وزارة النقل يشير آ الى ان الرجل سيمارس عمله العسكري من داخل هذه الوزارة التي لها علاقة وثيقة بالحرب والصراع الجاري.
آ