ثمة القليل من الأشياء التي يمكن القول عنها إنها أكثر فرنسية، من حيث الجوهر، من الخبز الفرسي البسيط المعروف باسم الباغيت. ولكن مع ذلك تقول فرنسا أنها تنتج 16 مليون رغيف باغيتي يوميا.
بيد أن الطلب على الباغيت بات في تناقص في السنوات الأخيرة، إذ يكافح الخبازون التقليديون ضد ظهور أشياء مثل سلسلة المحلات الكبرى وما تقدمه من معجنات مختلفة، وزيادة شهرة خبر الـ"سوردو".
ولكن ثمة ما يحتفل به في هذا الصدد وهو وضع اليونسكو لخبز الباغيت ضمن قائمة "التراث الثقافي غير المادي" العالمي.
وأعلنت الهيئة أنها أضافت "مهارة حرفة صناعة خبز الباغيت الفرنسي وثقافته" إلى قائمتها المكونة من 600 ممارسة تقليدية أخرى، لتنضم إلى أشياء مثل صنع الشاي التقليدي في الصين ورقصة الأقنعة الكورية المعروفة باسم "تالشوم"، وكلاهما أدرج أيضا لأول مرة في عام 2022.
وقالت أودري أسولاي، رئيسة اليونسكو، إن هذا الإدراج "يحتفي بأسلوب الحياة الفرنسي"، مضيفة: "الرغيف الفرنسي هو طقس يومي، ومكون أساسي في وجبة الطعام، ومرادف للمشاركة والعيش المشترك. من المهم أن تستمر هذه المهارات والعادات الاجتماعية في الوجود في المستقبل".
ولا يعرف بدقة كيف ظهر الباغيت، إذ يقول البعض إن نابليون طلب صنع هذا الخبز لأنه سيكون من الأسهل على الجنود حمله، بينما يقول آخرون أنه ظهر لاحقا في باريس بوصفه خبزا يسهل على العمال تقطيعه ومشاركته من دون الحاجة إلى سكين.
ولا يزال البعض الآخر ينسب الفضل إلى خباز نمساوي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر في اختيار شكله.
على الرغم من ذلك، فإن الباغيت كما نعرفه اليوم تم تسميته رسميا منذ ما يزيد قليلا عن 100 عام فقط، في عام 1920. ثم وضعت قواعد صارمة بشأن الخبز الذي يُصنف على أنه الباغيت، إذ لابد وأن يكون طوله موحدًا في 80 سنتميترا ووزنه 250 جرام . حتى أنه كان له سعر ثابت حتى عام 1986.
وبحلول منتصف القرن العشرين، كان الرغيف الفرنسي قد انتشر في ربوع البلاد. لكن منذ عام 1970، ظل نحو 400 مخبز يغلق سنويا، حتى انخفض العدد الإجمالي في جميع أنحاء فرنسا من 55 ألف مخبز إلى 35 ألف مخبز اليوم، وفقا لوكالة فرانس برس.
ومع ذلك، فإنها تظل مفتاحا للهوية الفرنسية، حيث قال الرئيس إيمانويل ماكرون إن خبز الباغيت "موضع حسد في جميع أنحاء العالم".
وأشار ماكرون، الذي يسعى طويلا لإضافة الباغيت إلى قائمة اليونسكو، بعد الإعلان عن إضافته إلى القائمة "250 غراما من السحر والاتقان في حياتنا اليومية".
أما بالنسبة إلى الخبازين الحرفيين الذين ما زالوا مخلصين للباغيت، فجاءت أخبار الأربعاء بوصفها اعترافا مرحبا به بالحرفة التي أتقنوها.
وقال دومينيك أنراكت، رئيس اتحاد الخبازين، في بيان صحفي: "الرغيف الفرنسي عبارة عن دقيق وماء وملح وخميرة، ومعرفة الحرفي".
وأشارت الخبازة الباريسية بريسيلا هايرتز لوكالة فرانس برس أنه "منتج أساسي" ولكنه "يؤثر على جميع الفئات الاجتماعية والثقافية، سواء كنت غنيا أو فقيرا ... لا يهم، الجميع يأكل خبز الباغيت".