[ الطفل اليمني مازن يعاني من استسقاء بالدماغ ]
في شمال غرب اليمن, وفي صحراء قاحلة, يعيش إبراهيم عبده حسن كديش (44 عاما) مع أسترته المكونة من 10 أفراد في منزل بسيط مبني من القش والطين، بعد رحلة معاناة ونزوح من مديرية حرض إلى عزلة بني حسن بمديرية عبس محافظة حجة.
النازح إبراهيم عبده يروي لـ"الموقع بوست" قصة نزوحه ومعاناة طفله الصغير مازن وهو واحد من الآلاف الذين تشردوا من مناطقهم ومنازلهم في شمال غربي اليمن، بسب الصراع الدائر بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين وتحول مناطقهم إلى ساحات حرب.
يقول إبراهيم "كنا نعيش في أمان في مديرية حرض، وقبل أربعة أعوام تغير وضعنا وحالنا ووقعت اشتباكات ومعارك عنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين في ميدي وحرض، بعد مضي عام من المعارك ونحن في حالة رعب وخوف على أهالينا وأطفالنا، خرجت مع أسرتي تاركا منزلي وكل ما أملك نازحا إلى المجهول".
وأضاف النازح إبراهيم "خرجنا من منزلنا ونزحنا نحن وأهلنا باتجاه مناطق آمنة، وتركنا كل شيء خلفنا، استقر بنا الحال في عزلة بني حسن بمديرية عبس، بدأنا نتكيف على الألم ووجع النزوح ومفارقة الديار والزراعة وكل شيء".
ووفقا للوحدة التنفيذية لإدارة المخيمات بمحافظة حجة، يوجد أكثر من 1200 أسرة نازحة تتوزع في تجمعات متفرقة في قرى ميدي وحيران وأجزاء من مديريتي حرض وعبس.
لا تتوقف معاناة النازحين الفارين من الحرب عند فقدان المساكن الأصلية والبحث عن مساكن آمنه فقط، بل إن هؤلاء يعانون أيضاً من النقص الشديد في الغذاء والدواء وعدم القدرة على تلبية أبسط الاحتياجات خصوصاً في ظل الرعاية والمساعدات المحدودة التي تقدمها منظمات دولية للمتضررين من الحرب.
"لحظات صعبة مررت بها لم أفرح كباقي الأمهات.. ربما لأنه آخر العنقود وكنت أتمنى أن أفرح به وأنا أراه سليما معافى أمامي وهو ينمو ويكبر، كل ما أحسست به أن لدي طفل يحتاج إلى الرعاية ".. تلك كانت العبارة التي بدأت الحديث بها أم الطفل مازن ابن الست سنوات وهي تحكي بمرارة عن معاناتها وطفلها مازن مع مرض الاستسقاء الدماغي (hydrocephalus).
وأضافت "اكتشفت مرض مازن بعد أن لاحظت أن حركة ابني وخطواته وحجم رأسه غير طبيعية، فتوجهنا أنا وولده لأحد الأطباء الذي طلب صورة رنين مغنطيسي له، وبعد تحليلها تبين أنه مصاب بالاستسقاء الدماغي".
واصلت وهي ترسم بكلماتها صورة قاتمة عن هذا المرض بالقول "مازن يعاني من هذا المرض منذ أكثر من خمسة أعوام بسبب حمى عندما كان عمره عاما واحدا، ولم يحصل على رعاية في ذلك الوقت سبب الحرب".
ويقول والد الطفل مازن وهو قاعد بالقرب منه "عندما علمت بمرض ابني مازن تواجهت إلى مستشفيات عبس والحديدة ثم صنعاء، في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء، طلبوا مني مبلغ 8 ملايين ريال يمني ما يعادل 13 ألف دولار أمريكي، هذا في مطلع عام 2015 مع دخول الحرب في البلاد".
وأضاف إبراهيم ولد الطفل مازن "أنا لا أملك هذا المبلغ ليس لدي القدرة والاستطاعة وابني مريض، رجعت إلى قريتي مع ابني مازن وهو في حالة صعبة لتوفير المال لعلاجه".
وتابع قائلا "عرضت أرضي الزراعية للبيع من أجل توفير المال لكن لم يتوفر المبلغ المطلوب لعلاج مازن ذهبت مرة أخرى إلى صنعاء، تفاجأت بأن كشف المعاينة من الطبيب المختص يصل إلى 150 ألف ريال يمني، ما يقارب 250 دولار أمريكي، لم يكفي المبلغ الذي معي لمدة أسبوع".
ويستدرك بالقول إنه ذات مساء وبينما هو مجتمع مع أبنائه وأقربائه يتبادلون الحديث فإذا بـ"امتداد المعارك بين القوات الحكومية والحوثيين إلى قريتي فاضطررنا للنزوح على وقع الاشتباكات والمعارك الدائرة".
ويقول الطبيب محمد المتابع لحالة مازن إن "الطفل مصاب بمرض الاستسقاء الدماغي ويحتاج إلى طبيب مخ وأعصاب، من أجل إجراء عملية له لتصريف السوائل من الدماغ لكن هذا غير متوفر هنا".
يضيف الطيب "يوما بعد يوم تتفاقم معاناة مازن ووضعه الصحي يزداد سوءا".
يذكر أن مرض الاستسقاء الدماغي هو حالة تراكم السوائل في داخل الجمجمة وحول الدماغ، الأمر الذي يتسبب في ضغط كبير على أنسجة الدماغ، وقد يودي إلى زيادة حجم الرأس بشكل ملحوظ.
وتعاني المديريات التي تسيطر عليها القوات الحكومية في محافظة حجة حصارا من جميع الاتجاهات، نتيجة رحى المعارك الدائرة مع المتمردين الحوثيين.
ويرقد مازن على سريره البسيط والتقليدي وآثار المرض واضحة على جسده، في انتظار الحصول على العلاج.