[ ترامب وبايدن (وسط) ووزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول - وكالات ]
تواجه الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب اقترانا استثنائيا لثلاث أزمات كبيرة هي وباء كورونا العالمي وركود اقتصادي عميق وحركة مناهضة للعنصرية، تعيد تحديد الرهانات السياسية الكبيرة قبل خمسة أشهر من موعد الانتخابات الرئاسية التي يصعب أكثر فأكثر التنبؤ بنتائجها.
ويبدو أن المرشح الديمقراطي جو بايدن (77 عاما) يرى في هذه الأزمات فرصة لتقديم نفسه على أنه شخصية جامعة ورجل صالح قادر على جمع الجناحين التقدمي والمعتدل في حزبه، مع استقطاب الناخبين المستقلين الذين ينفرون من ترامب.
وقال مساعدان كبيران لبايدن إنه سيسافر إلى هيوستن غدا الاثنين ويلتقي مع أسرة جورج فلويد، وذلك بعد أسبوعين من وفاته التي فجرت احتجاجات في أنحاء البلاد للمطالبة بالعدالة ووقف التمييز ضد السود.
وقال المساعدان إنه يتوقع أن يقدم بايدن تعازيه لأسرة فلويد ويسجل رسالة مصورة لإذاعتها في قداس جنازة فلويد الذي سيقام في وقت لاحق من اليوم ذاته في هيوستن.
باول أول جمهوري بارز يؤيد بايدن
من جهة أخرى أعلن وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول اليوم الأحد تأييده للمرشح جو بايدن، ليصبح بذلك أول جمهوري بارز يعلن صراحة تأييده للمنافس الديمقراطي لترامب في انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وقاد باول الذي كان رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، الجيش الأميركي خلال حرب الخليج عام 1991 في العراق إبان عهد الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب، ثم تولى لاحقا وزارة الخارجية في عهد جورج بوش الابن.
وقال إن ترامب "جنح بعيدا" عن الدستور الأميركي ويمثل خطرا على البلاد وديمقراطيتها.
وأضاف لشبكة "سي إن إن" التلفزيونية "لا يمكنني بأي حال دعم الرئيس ترامب هذا العام". وعندما سُئل إن كان سيصوت لصالح بايدن قال "سأصوت له".
وعلى الفور شن ترامب هجوما عنيفا على باول وحمّله مسؤولية حرب العراق، ووصفه بأنه فظ.
وقال ترامب في تغريدة له إن "كولن باول متغطرس حقيقي.. كان مسؤولا عن إدخالنا في حروب الشرق الأوسط الكارثية، وقد أعلن لتوه أنه سيصوت لمتغطرس آخر هو جو بايدن النعسان".
وأضاف "ألم يقل باول إن العراق امتلك أسلحة دمار شامل؟ العراق لم يمتلكها، لكننا خضنا الحرب!".
لحظات عصيبة
وبينما يتحرك الطرفان وأعينهما مفتوحة على استحقاقات الانتخابات الرئاسية، تزداد الأزمات الثلاث التي تضرب البلد، في ظل حالة استقطاب غير مسبوقة في التاريخ الأميركي الحديث.
فقد توفي نحو 110 آلاف أميركي جراء كورونا المستجد، وهي أعلى حصيلة وفيات للوباء في العالم. وخسر عشرات الملايين وظائفهم بعد اتخاذ قرار وقف العجلة الاقتصادية للحد من تفشي المرض.
وفي الوقت نفسه، تعم المدن الأميركية حركة احتجاجية واسعة ضد العنصرية وعدم المساواة، بعد وفاة المواطن الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد شرطي أبيض في مينيابوليس.
ويرى المفكر كورنيل ويست أن تضافر هذه الأزمات "لحظة حقيقة بالنسبة لأميركا"، في حين يعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا دانيال غيليون "أنها لحظة صعبة جدا".
وقال ويست لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذه الأزمات كانت "فظيعة" بالنسبة للأميركيين من أصول أفريقية الذين يعانون تاريخيا من وصول محدود إلى نظام الصحة، وهم أفقر من الأميركيين البيض، وغالبا ما يسقطون ضحايا لعنف الشرطة.
وأضاف "لا أذكر فترة مر السود خلالها بمثل هذه الاضطرابات وبمعاناة من هذا القبيل وصعوبات من هذا النوع".
وتضرر الأميركيون من أصول أفريقية كثيرا جراء تفشي وباء "كوفيد-19". وإذا سجل معدل البطالة تراجعا مفاجئا في مايو/أيار بـ13.3%، فإنه ارتفع إلى 16.8% لدى الأميركيين السود.
استطلاعات الرأي
وقبل هذه الأزمات كان ترامب في وضع مريح نسبيا، غير أن شعبيته شهدت في الفترة الأخيرة تراجعا في استطلاعات الرأي، خصوصا في صفوف الناخبين الأساسيين لإعادة انتخابه وهم المسنون والمسيحيون الإنجيليون.
وقد ينفّر تأخر ترامب في اتخاذ إجراءات في بداية تفشي الوباء، إضافة إلى تهديداته بنشر الجيش مقابل المتظاهرين، جزءا من أصوات النساء.
واعتبرت ناديا براون أستاذة العلوم السياسية والدراسات حول الأميركيين من أصول أفريقية في جامعة بورديو، أن النساء ذوات البشرة البيضاء "منزعجات من إدارته (ترامب) للوباء".
غير أن كل ذلك لا يقدم لبايدن انتصارا على طبق من فضة، ورأت براون أن الأخير مثل "قط بسبع أرواح، لكن ترامب لديه 12 روحا" حسب وصفها.